أوكرانيا العصية على السلام تفضح «أوروبا بلا حيلة»

  • 2/22/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يرى المحللون ان استمرار المعارك في شرق اوكرانيا يدل على فشل المحاولات الغربية الاخيرة للتوصل الى وقف اطلاق النار، لكنه قد يفتح الطريق مع ذلك امام اتفاق سلام قابل للاستمرار لفترة اطول. ولم يمر وقت طويل للتبين من ان الهدنة التي تفاوضت بشأنها فرنسا وألمانيا وتم التوقيع عليها الاسبوع الماضي في مينسك ليست سوى حبر على ورق. فبعد فترة تهدئة وجيزة، قام الانفصاليون الموالون لروسيا بقصف مدينة ديبالتسيفي الاستراتيجية ما ارغم الجيش الاوكراني على التقهقر. وقال يفغين فوروبيوف من المعهد البولندي للشؤون الدولية "انها الحالة الكلاسيكية حيث الجحيم مليء بالنوايا الحسنة". واضاف ان المستشارة الالمانية انغيلا ميركل "رأت ان الوضع يتدهور بسرعة وان الولايات المتحدة تتحدث عن تسليم اسلحة وتصعيد في النزاع، وشعرت بان عليها التحرك. لكن ليس لديها خطة (بي) في حال فشل وقف اطلاق النار، كما انه ليس لديها اي شيء لتفرض احترامه، لا قدرة عسكرية ولا عقوبات اضافية". وتتعثر الدول الغربية منذ ذلك الحين في ايجاد رد. لكن في ختام لقاء الجمعة في باريس، اكتفت انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالدعوة مرة اخرى الى احترام الهدنة. ويواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهته نفي تقديم اي دعم مباشر للمتمردين، حتى وان اكد حلف شمال الاطلسي بشكل قاطع ان القوات الخاصة من المدفعية ووحدات الدفاعات الجوية الروسية ما زالت ناشطة جدا في اوكرانيا. لكن عددا من المحللين يعتبرون ان المعركة للسيطرة على ديبالتسيفي حتمية اذ ان المتمردين يريدون بوضوح مزيدا من الاراضي والموارد للتوصل الى اقامة دولة مصغرة قابلة للاستمرار في شرق البلاد. وتكتسي هذه المدينة اهمية رمزية بعد ان كانت عنصرا اساسيا في الحملات العسكرية في القرنين التاسع عشر والعشرين. وقد تقرر فرنسا والمانيا القبول بسقوط ديبالتسيفي كثمن يتوجب دفعه من اجل السلام، على ما رأى يورغ فوربريغ من المؤسسة الاميركية للسياسة العامة "صندوق مارشال الالماني في الولايات المتحدة". واضاف "انهم ليسوا ساذجين. ربما يعتقدون ان هذه المسألة قد تمت تسويتها بطريقة ما الان، وقد يسهم ذلك في وقف لاطلاق النار قابل للاستمرار لفترة اطول". لكن المسألة تكمن الان في معرفة ما اذا كان المتمردون يريدون اراضي اخرى وخاصة مرفأ ماريوبول الاستراتيجي على بحر آزوف. ويعتبر بالاتش يارابيك من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، ان الانفصاليين قد يترددون في مهاجمة مدينة من مليون نسمة ذات غالبية ناطقة بالروسية. واضاف "كلما كان تقدم المتمردين داميا كلما اعطى ذلك حجة للذين يقولون ان على روسيا ان تتوقف". وتابع ان "بوتين قد بلغ اهدافه الرئيسية، فقد سيطر على القرم وحصل على تجميد نزاع في الشرق. وعليه الان ان يوقف المعارك ليتراجع الضغط الدولي عليه". وقد سبق لروسيا ان شجعت "النزاعات المجمدة" في جوارها المباشر، مثلما حصل في جورجيا ومولدافيا حيث غذت الحركات الانفصالية بشكل كاف للاسهام في زعزعة الوضع في هذه الدول وجعلها شريكة غير مهمة بالنسبة للغرب. ففي حال صمود وقف اطلاق النار، سيعتبر كثيرون ان هذا الاتفاق يصب الى حد كبير في مصلحة روسيا. ورأى قادري ليك من المجلس الاوروبي للعلاقات الدولية "انه يضع كل الاوراق بين ايدي المتمردين والروس". واعتبر هذا المحلل ان "اتفاق مينسك الاول (الموقع في ايلول/سبتمبر) مهد الارضية لنزاع مجمد، لكن الثاني قدم تحديدا لروسيا الفائدة التي كانت تبحث عنها". وذكر هذا الخبير بشكل خاص البنود التي ستحصل بموجبها اوكرانيا فقط على السيطرة على حدودها بحلول نهاية العام، وفقط بعد تعديلات دستورية ستسمح بان يكون لروسيا نفوذ مهيمن في شرق البلاد. اما على الصعيد الجيوسياسي الاوسع، فلفت قادري ليك الى ان السؤال المطروح ايضا يكمن في معرفة ما اذا كان بامكان روسيا والغرب ايجاد ارضية مصالحة بعد اشهر من التوترات والانقسامات، اعتبرت الاسوأ منذ نهاية الحرب الباردة.

مشاركة :