افتتح المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي صباح اليوم الثلاثاء الموافق 12 فبراير 2019م معرض «تراث الحداثات الحضرية والمعمارية في العالم العربي» بحضور معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة مجلس إدارة المركز وتواجد عدد من الشخصيات الثقافية والمهتمين بالتراث العمراني العربي. ويستضيف المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي هذا المعرض الذي بادر بإعداده مركز التراث العالمي باليونيسكو والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت و المركز الغربي للعمارة بلبنان. وعلى هامش المعرض، قدّم المركز الإقليمي محاضرة للدكتور أنس صوفان ألقت الضوء على عمران مدينة دمشق وأبرز التحولات العمرانية التي شهدتها على مر العصور وصولا إلى تاريخها الحديث. ويقدّم معرض «تراث الحداثات الحضرية والمعمارية في العالم العربي» مجموعة من الصور مرفقة بمعلومات تفصيلية حول معالم عمرانية بارزة في مختلف الدول العربية كالمغرب، الكويت، فلسطين، سوريا، مصر، الجزائر تونس، الإمارات العربية المتحدة وغيرها. وتأتي هذه الفعالية المزدوجة للمركز الإقليمي العربي للتراث العالمي في ظل تزايد الاهتمام بالتراث الحديث في الوطن العربي، حيث تتوافق استراتيجية المركز في هذا الشأن مع برنامج حماية التراث الحديث في الدول العربية والذي يقوم بتنفيذه مركز التراث العالمي التابع لمنظمة اليونيسكو في العاصمة الفرنسية باريس. ويعمل المركز الإقليمي بالتعاون مع الجهات الإقليمية والدولية على صون التراث الحديث الذي يتعرض للتدهور عاماً بعد عام بسبب النقص في الوعي لدى المؤسسات المعنية بأهمية هذا التراث. إلا أن بعض الدول العربية استطاعت تحقيق منجزات في هذا الشأن، فمدينة الرباط الحديثة بالمملكة المغربية هي أول موقع عربي يدرج على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو كتراث حديث. وخلال المحاضرة التي عنونها الدكتور أنس صوفان ب «عمران دمشق: غربنة وأصالة وحداثة»، ركز على ثلاثة مصطلحات شغلت روّاد التطوير العمراني في الوطن العربي وهي: الغربنة والأصالة والحداثة، حيث أشار الدكتور صوفان إلى أن هذه المصطلحات قسّمت المجتمع ما بين مؤيد ومعارض لحركة الحداثة وأنتجت نقاشات فكرية عميقة أثرت على التطور العمراني للمدن العربية. وتناول الدكتور أنس صوفان تاريخ مدينة دمشق الذي يمتد لأكثر من أربعة آلاف عام، مشيراً إلى دلائل التواجد الحضاري البشري في المدينة تعود إلى منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد، إلا أنه أكد أن التاريخ السياسي في دمشق بدأ في القرن العاشر قبل الميلاد مع ظهور الحضارة الآرامية التي تركت آثاراً عديدة في أرجاء المدينة. من بعد ذلك استطرد الدكتور صوفان في شرح التحولات السياسية الكبرى في دمشق وأثرها على تطورها العمراني، بداية مع أول اتصال ما بين دمشق والحضارة الغربية الأوروبية خلال فترة الإمبراطورية البيزنطية لتتوقف حركة غربنة المدنية عمرانيا مع قدوم الفتح الإسلامي في القرن السادس الميلادي، مشيراً إلى أن دمشق أصبحت عاصمة الإمبراطورية الأموية الممتدة ما بين حدود الصين شرقاً وحتى الأندلس غرباً، وهو ما أدى إلى توسّعها عمرانياً وظهور العديد من المعالم المشهورة كالمساجد والمدارس والخانات وغيرها. وقال إن مدينة دمشق شهدت ما بين القرن السادس عشر وحتى اليوم تغييرات سياسية تركت ملامح عمرانية مختلفة مع كل فترة من الحكم، فالمدينة تضم آثاراً تعود إلى فترة الحكم الأموي، العباسي، الأيوبي، المملوكي والعثماني، موضحاً أن فترة الغربنة الثانية وحركة الحداثة بدأت من جديد مع الحملة المصرية خلال القرن التاسع عشر ممتدة حتى ستينيات القرن الماضي، حيث تأثرت حركة التطوير والتنظيم العمراني في تلك الفترة بالثقافة الأوروبية الغربية. يذكر أن هذه المحاضرة تأتي ضمن سلسلة المحاضرات التي ينظمها المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي بهدف إلقاء الضوء على المدن العربية المسجلة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو، حيث يقوم الخبراء والمعماريون العرب خلالها بإظهار التميز الذي تتمتع به المدن العربية التاريخية. وكانت المحاضرات قد تناولت في مواضيعها مدناً مثل: القدس، فاس وجدة.
مشاركة :