بكين - رفضت الصين الثلاثاء التحذير الأميركي الأخير من استخدام أجهزة "هواوي" معتبرة أن "لا أساس له" من الصحة، في وقت يواجه عملاق الاتصالات الصيني اتّهامات بالتجسس في دول عدة. وتطال ثاني أكبر صانع للهواتف الذكية وأكبر منتج لمعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية اتّهامات منذ أشهر، وتعتبر واشنطن أن استخدام أجهزة هذا العملاق في أي بلد قد يتيح للصين التجسس على هذا البلد. والثلاثاء قالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونيينغ، في مؤتمر صحافي في بكين، إن "الولايات المتحدة لم تدّخر جهدا من أجل تلفيق شتى أنواع الاتهامات التي لا أساس لها". واتّهمت المتحدثة الصينية الولايات المتحدة بـ"زرع الشقاق" بين الصين ودول أخرى، واصفة إجراءات واشنطن بأنها "غير منصفة وغير أخلاقية". ومن بودابست حيث أجرى زيارة هي الأولى لوزير خارجية أميركي منذ سبع سنوات قال مايك بومبيو، الإثنين، إن من الصعب على بلاده إقامة شراكة مع دول تسمح بوجود تجهيزات هواوي قرب "منظومات أميركية مهمة". وأعرب بومبيو عن قلقه لحكومة رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان بشأن العقد الذي أبرمته بودابست مع مجموعة الاتصالات الصينية العملاقة هواوي لتطوير الجيل الخامس من شبكة الاتصالات اللاسلكية في البلاد. وقال نريد أن "نبيّن لهم فوائد استخدام تلك التجهيزات ومخاطرها". وتأتي تصريحاته بعد أقل من أسبوع من جولة أجراها فريق من المسؤولين الأميركيين على عواصم دول الاتحاد الأوروبي، ولا سيما بروكسل، من أجل دعوة الحكومات الأوروبية إلى حظر استخدام أجهزة هواوي "ج5". وأعربت دول غربية عدة عن مخاوف من أن يتيح استخدام محطات اتّصالات هواوي وغيرها من التجهيزات للصين الوصول إلى شبكة بنى تحتية عالمية في غاية الأهمية، وأن يسمح لبكين بالتجسس على حكومات أجنبية. وفي ديسمبر أعلنت مجوعة "بي تي" البريطانية للاتصالات حظر أجهزة هواوي في شبكتها للهواتف الجوالة، بعد أن أعلن جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية "إم آي 6" أن الشركة الصينية تشكّل تهديدا أمنيا. وقالت هواوي إنها تحتاج إلى ما بين ثلاث وخمس سنوات لمعالجة القضايا الأمنية التي أثارتها الحكومة البريطانية.وأصدرت أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة حظرا مماثلا العام الماضي. كما ألقت السلطات الكندية القبض على ابنة مؤسس هواوي والمديرة المالية في الشركة مينغ وانزو، في كندا بناء على طلب من الولايات المتحدة، في ديسمبر الماضي. وتصر هواوي على رفض هذه الهواجس التي اعتبرها نائب رئيس الشركة وممثلها في الاتحاد الأوروبي إبراهام ليو "مزاعم فارغة لا أساس لها". وأحد أسباب مخاوف الدول الغربية من هواوي تتعلق بقانون الاستخبارات الوطني الصيني لعام 2017. وينص القانون على أن المنظمات الصينية ملزمة "بدعم، والتعاون، والمساعدة في العمل الإستخباراتي الوطني". وقد أثار هذا المخاوف من أن المعدات الصينية الصنع يمكن أن تشكل خطرا أمنيا خاصة إذا استخدمت في بناء شبكات جيل خامس جديدة. ويبدو أن المخاوف بشأن هواوي تأتي أيضا من تاريخ مؤسسها رين زينغفوي، البالغ من العمر 74 عاما، الذي كانت له علاقات طويلة مع كل من جيش التحرير الشعبي، حيث عمل مهندسا عسكريا. ونمت شركته من مصنع للهواتف المحلية إلى أكبر مصنع لأجهزة الاتصالات في العالم. وانتشرت مبيعاته في أسواق 170 دولة. كما تم دعم شركة هواوي من قبل الحزب الشيوعي الحاكم في الصين والجيش من خلال قروض منخفضة الفائدة مع ميزة حماية الوصول إلى السوق المحلية. ويطلب القانون الصيني من الشركات في الصين "الدعم، والتعاون ، والاشتراك في شبكة المعلومات الاستخباراتية"، وذلك في سياق استراتجية تعود إلى الثمانينات لتطوير البنية التحتية للاتصالات، وحرصت خلالها الحكومة الصينية على الاعتماد على نفسها، وتقليل دور الشركات الأجنبية في مجال الاتصالات، واستيراد معداتها من الخارج، ولتحقيق هذا الهدف كان القرار بتأسيس عدد من الشركات المحلية القادرة على تصنيع وتطوير معدات الاتصال ومن ضمنها مقاسم الهواتف. وتفوقت هواوي على شركة أبل العام الماضي لتصبح ثاني أكبر شركة للهواتف الذكية في العالم وراء سامسونغ، حيث حققت مبيعات تصل إلى 54 مليون هاتف في غضون ثلاثة أشهر. ورغم نسبة نجاحها، إلا أن شركة هواوي لم تكن قادرة على تبديد سحابة الشكوك التي تحوم حول رين زينغفوي وشركته. ونظرا لحجم التجسس والهجمات الإلكترونية التي تضرب من الصين دولا وشركات، فقد أثيرت التساؤلات حول مدى الأمن عند استخدام تكنولوجيات هذه الشركة التي أسسها خبير في التكنولوجيا العسكرية الصينية.
مشاركة :