لا أحد يشك في أن المعلم هو أهم عوامل ا لعملية التربوية والتعليمية، بل هو صمام الأمان، الذي يتلافى كل قصور في العوامل الأخرى، كالخطة المدرسية، أو الكتاب المدرسي، ولذلك حرصت الأمم على إعداده الإعداد الجيد، ليكون الخبير الأول في مهامه التربوية والتعليمية، فالمعلم يتعامل مع الأبناء صغارًا ومراهقين، ثم في الجامعة شبابًا، ولا ينصرف الذهن إلى معلم المرحلة الابتدائية وحده، الذي ينصب عليه حديثنا، بل هو الذي يجب أن ينصرف إليه الجهد؛ لأن ما يقوم به هو في مرحلة التأسيس للحصول بعد ذلك على مختلف المعارف والعلوم، لذا انصب اهتمام الأمم المتقدمة عليه إعدادًا وتسليحًا بالمعارف والمعلومات، وتهيئته ليكون خبيرًا نفسيًّا لمرحلة الطفولة، وكيف يتعامل معها لتحصل على المعرفة، وهي عملية شاقة إن لم يؤهل لها تأهيلًا خاصًّا فشل في مهمته، وترتب على فشله فشل مَن يتلونه من معلمي المراحل الأخرى، فكان الاهتمام به ماديًّا وتربويًّا ونفسيًّا هو شاغل وزارات التربية والتعليم والمشتغلين بالتعليم، أمّا إن كان أقل المعلمين في كل الجوانب، فعلى التعليم السلام، والمعلم في مرحلة التعليم المتوسط (الإعدادي) والثانوي دوره من الأهمية بمكان، فهو يتعامل مع أخطر مراحل العمر، فإن لم يحسن التعامل معها فشل في أن يكون لتلاميذه نموذجًا يحتذى، وأمّا في المرحلة الجامعية حينما يبدأ التلميذ في عمر الشباب، وهي مرحلة حساسة جدًّا مع المراهقة، حيث يهفو التلميذ إلى الاستقلال الفكري، وقد يتولّد لديه نوع من التمرّد يرهق مَن يتعاملون معه، فإذا لم يُعد الإعداد اللازم لمواجهة مشكلاته في هذه السن فشلوا، وفشل التلاميذ معه، فتخرجوا في كلياتهم وهم في وضع لا يؤهلهم للحياة، وهي المهمة التي يسعى التعليم لتحقيقها، وها نحن نرى أن كثيرًا من أبنائنا لا ينجحون في الحياة العملية لهذا السبب، ولأسباب أخرى اجتماعية، ورغم أننا قطعنا في مهمتنا لإنشاء تعليم عصري مرحلة لا بأس بها، إلاَّ أننا لا نزال نحتاج إلى الكثير من الجهد حتى يتحقق لنا تعليم يأخذ بأيدي أولادنا إلى الحياة العملية، وهم مبدعون يحسنون التفكير في مستقبل وطنهم وأمتهم، فما نسمعه اليوم يجري في مدارسنا يدق ناقوس خطر، علينا أن ننتبه له، ونعيد النظر لا في خطط تعليمنا ومناهجه وآلياته، وإنما لتفريطنا في إعداد المعلمين وحسن اختيارهم، حتى رضينا منهم الأداء الروتيني الخالي من الروح، حتى أصبح هم أحدهم أن ينهى المقرر في الموعد المحدد، وأن يهتم بالشكل دون الجوهر، وحتى أصبحت علاقة أحدهم بتلاميذه علاقة سلطوية، يفرض عليهم ما يريد، ولا يقبل منهم نقاشًا، بل لعله لا يجيب عن تساؤلاتهم، فأصبحت الرابطة بين المعلم وتلاميذه هي الأخرى روتينية، لا تعني سوى قضاء الوقت معًا داخل أسوار المدرسة، لذا رأينا تلاميذ يخفون العداء لمدرسيهم فيعتدون على سياراتهم، وحتى يبلغ الأمر الاعتداء على أجسادهم، أو إزهاق روح أحدهم، كما حدث مؤخرًا، والذي أرى أن الحادث مرَّ ولم يجعلنا نفكر لماذا حدث؟ ولو حدث مثل هذا في مجتمع آخر لاستدعي له علماء الأمة، وفلاسفتها، وعلماء الاجتماع فيها، وتربويوها، وعلماء النفس لدراسة الحالة، وللخروج بخطة جديدة لا تجعل مثله يتكرر في المدارس، وإذا كنا فعلًا نريد أن ننهض بالتعليم، الذي يعتبر النهوض به نهوضًا بالأمة، وكل خطوة نحو التقدم فيه يعني تقدمًا سريعًا للوطن والمواطنين، فعلينا أن نعيد النظر في تعليمنا، ونبحث عن أسباب الرقي بهذه العملية، لا مجرد تنظيرات مقالية، وتصريحات تتلاحق عن تطويره وتحديثه، والوضع على ما هو عليه لم يتغير شيء. ولن يتم للتعليم تطويرٌ ما لم نُعد له معلِّمًا يوثق به، قد أُهّل بكل الأسباب التي تجعله خبيرًا في فنه، لا مجرد رجل حشونا ذهنه بمعلومات شتّى، لعل كثيرًا منها لا صلة له بالتعليم أصلًا، فهو وحدة إذا أعد جيدًا كان الأقدر على إصلاح منظومة التعليم في شتّى مراحله، ولا نعامله معاملة الموظف الذي يُعنى بالروتين ليرضي رؤساءه، وأن نحذر أن يكون المشرفون على التعليم ممّن لا صلة لهم أصلاً به، لم يعملوا به، ولم يعدّوا له، وإنما هبطوا على إدارات التعليم من علٍ، همهم العمل الروتيني الوظيفي، وصلتهم بالمعلمين سلطوية، يرون حضورهم داخل أسوار المدرسة منذ بداية الدوام وحتى نهايته، وما بينهما لا يعلمون شيئًا ممّا يحدث فيها، وقد آن الآوان أن نهتم بالتعليم، فلن تنهض بلادنا ما لم ننهض به، ونعتني بأن يكون أنجح ما نقوم به من أعمال، أما إذا بقينا على ما نحن عليه اليوم، فقد نتأخّر كثيرًا عن مصاف الأمم الحية المتقدمة التي عن طريق التعليم الجيد احتلت المراتب الأُول بين الأمم، فهل نفعل؟ هو ما أرجو، والله ولي التوفيق. alshareef_a2005@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (15) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :