أظهرت دراسة نشرت أمس، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق يمكن أن يؤدي إلى فقدان 600 ألف شخص وظائفهم في العالم، وأن ألمانيا ستكون الأكثر تضررا. وبحسب "الفرنسية"، فإن عدد من الباحثين في معهد "آي دبليو إتش" في هالي شرق ألمانيا، درسوا ما يمكن أن يحدث في حال انخفضت الواردات البريطانية من دول الاتحاد الأوروبي المتبقية بنسبة 25 في المائة بعد "بريكست". وقالوا إن نحو 103 آلاف وظيفة ستصبح مهددة في ألمانيا، أكبر اقتصاد أوروبي، و50 ألفا في فرنسا. إلا أنهم أشاروا إلى أن التأثر بـ"بريكست" لا يعني بالضرورة الاستغناء عن الموظفين. واعتبروا أنه "نظرا لنقص العمالة الماهرة في عديد من الدول المتقدمة، فإن الشركات قد تحاول الاحتفاظ بالموظفين من خلال خفض ساعات العمل أو فتح أسواق جديدة". وأوضح أوليفر هولتيمولر الذي شارك في إعداد الدراسة في بيان أن الخروج من الاتحاد دون التوصل إلى اتفاق سيؤدي إلى فرض الرسوم الجمركية "ما سيعرقل سلسلة الإمداد عالميا". وركز الخبراء فقط على التجارة في السلع والخدمات، ولم يتطرقوا إلى التأثيرات الاقتصادية المحتملة الأخرى لـ"بريكست" مثل التغيرات على تدفقات الاستثمار. وأشاروا إلى أنه "نظرا لأن الأسواق مرتبطة ببعضها حول العالم، فإن المزودين من خارج الاتحاد الأوروبي سيتأثرون كذلك" بخروج بريطانيا من دون اتفاق. وداخل دول الاتحاد الـ27 المتبقية، فإن نحو 180 ألف وظيفة في شركات تصدر مباشرة إلى المملكة المتحدة، مهددة. إلا أن 433 ألف عامل آخرين في الاتحاد الأوروبي وحول العالم سيتأثرون كذلك، لأن مرؤوسيهم يبيعون السلع والخدمات إلى شركات تصدر بدورها إلى بريطانيا. وعلى سبيل المثال وجدت الدراسة أن نحو 60 ألف عامل في الصين وثلاثة آلاف في اليابان قد يخسرون وظائفهم. وفي المملكة المتحدة قالت الدراسة إن نحو 12 ألف وظيفة تعتمد على إمداد الشركات في الاتحاد الأوروبي بمنتجات تباع بعد ذلك إلى بريطانيا. ولكن دراسة نشرت في وقت مبكر من العام أجراها معهد "كامبردج اكيومتيريكس" قدرت أن عدد الوظائف البريطانية المهددة في حال خروج بريطانيا دون اتفاق، تصل إلى 500 ألف وظيفة. وفي ألمانيا فإن قطاع السيارات سيكون الأكثر تضررا، حيث يبلغ عدد الوظائف المهددة 15 ألفا عديد منها في بلدة ولفسبورج مقر شركة فولكسفاجن، وبلدة دينجدولفينج حيث مقر بي إم دبليو. كما أن قطاع الخدمات في فرنسا سيكون الأكثر تضررا، بحسب دراسة "آي دبليو إتش". ومع اقتراب موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يبدو أنه ليس فقط السياسيون البريطانيون من يعانون انقسامات حادة، حيث نقلت وكالة "بلومبرج" عن مصادر مطلعة أن هناك خلافات بين المصارف الكبرى أيضا. وبحسب "الألمانية" نقلا عن الوكالة، فإن المصادر قالت إن الخلافات بين المصارف البريطانية ونظيرتها الأمريكية عميقة، وهو ما ظهر بوضوح خلال اجتماع عقد الأسبوع الماضي مع مسؤولين من الحكومة البريطانية. وأوضحت المصادر أنه بينما ترغب المصارف الأمريكية في أن تحتفظ بريطانيا بأوثق علاقات ممكنة مع الاتحاد الأوروبي بعد الخروج من الاتحاد، تخشى المصارف وشركات التأمين البريطانية من أنها لن تمتثل للقوانين الجديدة التي تضعها بروكسل. وكان ممثلو ثماني من شركات التمويل والتأمين التقت الثلاثاء الماضي مع جون جلين المسؤول في وزارة الخزانة، الذي يعمل على صياغة استراتيجية "الشراكة المالية العالمية الحكومية"، التي تهدف إلى تعزيز علاقات لندن مع مراكز التجارة المالية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ووفقا لمصدر آخر، فإنه من المتوقع أن يعلن فيليب هاموند وزير الخزانة الخطة بعد التحديث المقرر الشهر المقبل بشأن الماليات العامة. واضطرت المصارف البريطانية لتخفيض توقعاتها بشأن كيفية مواصلة الأعمال مع الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد. وكانت الحكومة البريطانية قد تراجعت عن طلبها الأولي بالاحتفاظ بوصول سهل إلى السوق الموحدة. وبدلا من ذلك، فإن النظام المالي سيعمل بالإطار نفسه المتاح للدول الأخرى غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهو الترتيب المعروف بـ"التكافؤ" التنظيمي. من جهته، أعلن وزير بريطاني أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي ستعرض على النواب أن يمنحوها وقتا إضافيا للتفاوض مع بروكسل بشأن إدخال تعديلات على اتفاق "بريكست"، وفقا لـ"الفرنسية". ومن المقرر أن تخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 29 آذار (مارس) المقبل، إلا أن الغموض لا يزال يكتنف طريقة إتمام هذا الطلاق التاريخي بعد رفض النواب البريطانيين بغالبية ساحقة في 15 كانون الثاني (يناير) الماضي لاتفاق تفاوضت عليه ماي مع بروكسل لأشهر طويلة. وتحاول ماي كذلك الحصول على تنازلات من بروكسل لتحظى بتأييد النواب لاتفاق الخروج، لكن المحادثات مع الأوروبيين تتعثر دائما عند مسألة بند "شبكة الأمان" الخاص بإيرلندا. وفيما سينظر مجلس العموم الخميس في الاستراتيجية التي ستتبع، أكد جيمس بروكنشاير وزير الإسكان الأحد لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن الحكومة ستقترح على البرلمان أن يناقش من جديد خيارات مختلفة لـ"بريكست" حتى نهاية شباط (فبراير) الجاري، في حال الفشل في التوصل لاتفاق جديد.
مشاركة :