* السياحة بمختلف أنواعها رئة رئيسة تتنفس منها بعمق اقتصاديات الكثير من دول العَالم؛ بل بعضها يُجاهد في صناعة مَعَالِمِها وبرامجها؛ ولعل أقرب الأمثلة (ماليزيا)، التي كان ضمن خططها التي رسمها مطلق ثورتها الاقتصادية والتنموية الحديثة «الرئيس مهاتير محمد»، الاعتماد على السياحة البيئية والتعليمية والثقافية؛ التي أصبحت تقدم اليوم ما يعادل «50 مليار ريال سنوياً» لدخل الدولة، وبذلك تكون ثاني أكبر مساهم في العملة الأجنبية، ولاعب رئيس في الاقتصاد الماليزي. * ولأهمية السياحة وقدرتها على المساهمة الفاعلة في دعم وتنويع مصادر الدخل؛ فقد اهتمت بها «رؤية المملكة 2030م»؛ حيث سَعَت جادة للإفادة مما تمتلكه (السعودية) من موروث حضاري وثقافي، يتميز بِثرائه وأصالته وتنوعه؛ وكانت البداية بـ(العُـلا)، ذلك الكنز الحضاري الذي يحتضن آثاراً ضَارِبَة في عمق التاريخ، حيث العشرات من المواقع التي تحكي حقباً زمنية مختلفة، بعضها يعود إلى «عصر اللحيانيين» أي عام 900 قبل الميلاد، وهناك التنوع البيئي الجاذب للسائح على اختلاف الفصول المناخية. * اهتمام رؤية 203م بـ(العُـلا) بدأ بالأمر السامي الكريم بـ(إنشاء هيئة ملكية لها)، وهو الأمر الذي صدر في (يوليو 2017م)؛ ليأتي مؤكداً على أن تطوير تلك المحافظة وتحويلها لمَعْـلَـم سياحي عالمي سيكون عبر استراتيجيات واضحة وعمَـل مؤسسي؛ وسريعاً ما انتقلت تلك الأحلام إلى واقع ملموس؛ فقد توالت المبادرات والمشروعات الرائدة، التي منها وفي مقدمتها الاستثمار في (إنسان المحافظة) وتطوير قدراته وإمكاناته لخدمتها وتنميتها سياحياً واقتصادياً؛ وذلك من خلال (برنامج الابتعاث الدولي): الذي استدعى نخبة من أبناء وبنات المحافظة؛ ليحصلوا على شهادات عليا في «السياحة، والضيافة، والتقنيات الزراعية، وعلم الآثار، والتاريخ، وذلك في جامعات وكليات عالمية متخصصة» والدفعة الأولى من أولئك المبتعثين بدأوا قبل أشهر مسيرتهم التعليمية، على أن تتبعهم دفعات أخرى. * ومن المبادرات كذلك «مجلس الأعيان» الذي فيه التأكيد على إشراك مختلف أطياف المجتمع في حماية التراث، وفي برامج التنمية، أيضاً هناك الاتفاق مع شركات فرنسية لإنشاء متاحف بمساحات كبيرة وبمستويات عالمية، على غرار «متحف اللوفر الفرنسي الشهير»، مع توفير عروض ثقافية وآثَـارية بأحدث التقنيات، وكان من آخر مبادرات «تطوير العُلا» تلك المشروعات التي أطلقها ولي العهد حفظه الله مطلع هذا الأسبوع، ومنها: «محمية شرعان الطبيعية، ومنتجع شرعان، وبرنامج حماية تراث العلا، والصندوق العالمي لحماية النمر العربي». * أخيراً الحِـراك التنموي في محافظة العُـلا سيجعلها بإذن الله مزاراً سياحياً عالمياً، يستقطب أكثر من «2 مليون زائر»، ويُساهم بـ «120 مليار ريال» إلى الناتج المحلى الإجمالي، ويُوفر «38 ألف وظيفة جديدة» بحلول عام 2035م، وبذلك سيتحقق «28 هدفاً» من أهداف رؤية المملكة 2030م، التي تثبت مُعطيات ومشروعات وبرامج اليوم بأنها ستحضر غداً؛ لِينعَــم الوطن بالتنمية المُستدامة، والمواطن بِـرغد العيش والرفاهية.
مشاركة :