يخدعك ببشرته البيضاء وعيونه الملونة ومظهره المهندم، أناقته وفصاحة لسانه وبلاغته جعلته محبوب قريته، اعتبروه منقذهم وحامي حمى البسطاء، منقذ الفقراء الذي يرد حقوقهم ويسلب الأغنياء أموالهم التي اختلسها من عرق المزارعين، ببراعة استطاع جيسي جيمس أن يكسب جماهيرية وشعبية واسعة محبوبا من الشعب، عدو بغيض تلاحقه الشرطة الأمريكية، وبالرغم من كونه زعيم أشهر عصابة في أمريكا إلا أن نهايته كانت برصاصة غادرة من أحد رجاله. جيسي وودسون جيمس، واحد من أشهر المجرمين وزعيم عصابة في أمريكا بالقرن التاسع عشر، ولد جيسي في مقاطعة كلاي بولاية ميزوري عام 1847 ، نشأته لأب شغل مكانة القس ووزيرا معمودية، لم يؤثر به وإيمانه، ليسلك هو وفرانك شقيقه، طريقا آخر مختلفا عن والدهم بل شتان الفرق بينهما، حيث انضم الأخوان جيمس في سن المراهقة مع قادة حرب العصابات في الجنوب عندما اندلعت الحرب الأهلية، وشاركا في مذابح المستوطنين والقوات المنتسبة للشمال، وبعد انتهاء الحرب، بدت الحياة الزراعية الهادئة لشباب الأخوين جيمس أكثر إغراءً، وتحول الاثنان إلى عالم الجريمة.تربية حروب ونشأة بها بعض العنف تربى الشقيقان، ونمت بداخلهما دوافع الجريمة والسرقة، جعلتهما يرتكبان جرائم سرقة وقتل في بعض الأحيان، وشارك فرانك في غارة قادها زعيم حرب العصابات وليام كولتريل على بلدة لورنس بولاية كنساس التي ألغت عقوبة الإعدام، وقتل خلالها 200 رجل وصبي وتم تدمير العديد من المباني، ليتبع جيسي خطى فرانك وأصبح غازيا مهاجما مثله. انضم جيسي هو وشقيقه إلى عصابة بقيادة "وليام بيلودي بيل أندرسون "وشارك في عدد من حوادث العنف، وفي إحدى الغارات، تم إجبار ما لا يقل عن 20 من جنود الاتحاد غير المسلحين من القطار وتم إعدامهم من قبل العصابات المسلحة، الذين ذبحوا بعد ذلك أكثر من مائة جندي فيدرالي كانوا يحاولون تعقبهم كما قامو بتشويه الكثير من جثث ضحاياهم. ومع نهاية الحرب، استسلمت، معظم الجماعات المقاتلة، إلا أن الأخوين يبدو أنهما فضلا حياة القتل والجريمة عن الحياة الطبيعية، وبعد عودتهما إلى قريتهما، أسس جيسي عصابته وترأسها وتخصص في سرقة المصارف والقطارات، يهاجم سكك الحديد والقطارات لسرقة محتواها، يسطو على عربات البريد، ومع كل سرقة يزداد إعجاب أهل قريته به، فاعتبروه مثل "روبن هود" منقذ الفقراء، فلم يسبق له سرقة أحد من عشيرته وأهله أو الضعفاء. وقام جيسي بأول عملية سرقة لبنك في 13 فبراير 1866 في ليبرتي بولاية ميسوري، وعلى مدى العامين المقبلين، أصبح الأخوان جيمس المشتبه بهم في العديد من عمليات السطو على البنوك في جميع أنحاء ولاية ميسوري الغربية، ومع ذلك، كان السكان المحليون متعاطفين مع رجال حرب العصابات السابقين من الجنوب، وأيدوا الأخوين، طوال أواخر ستينيات القرن التاسع عشر وأوائل السبعينيات من القرن التاسع عشر، سلبت عصابة جيمس بضعة بنوك فقط في السنة، وإلا حافظت على مكانتها.كان الأخوان ذوي مبدأ، استهدفوا سرقة الشماليين وأصحاب النفوذ الذين تمتعو بالثراء الفاحش وحظوا بالمال والشهرة، حتى يروى أنه سرق ساعة أحد القساوسة وعندما غضب الأخير منه، أخبره جيسي أن الرب يسوع لم يرتدي ساعة ولم يبتغيها، دافع عن فقراء قريته والمهمشين بها وسرق أموال الضرائب التي دفعوها.وفي حادثة وضعت لأول مرة إشعار جيسي على أنه خارج عن القانون، حين أطلق النار على أمين صندوق البنك وقتل في عملية انتقامية، ظنا منه أن الرجل كان صامويل كوكس، قائد قوات الميليشيا الموالية للاتحاد الذي قتل زعيم حرب العصابات الدموية بيل أندرسون. وبعد هذه السرقة القاتلة، أقام محرر صحيفة مؤيدة للكونفدرالية في ولاية ميسوري، صداقة مع جيسي وواصل الترويج له باعتباره بطلا وطنيا جنوبيا متحديا في عصر إعادة الإعمار، حتى أن جيمس كتب بنفسه رسائل إلى الصحف التي دافع فيها عن أفعاله، من خلال مقالاته الافتتاحية، وكان الصحفي مسئولًا عن المساعدة في خلق صورة جيسي جيمس كشخصية روبن هود التي سلبت الأغنياء لمنح الفقراء، وهي صورة يقول المؤرخون إنها أسطورة.وفي عام 1876، قامت عصابة جيمس بمحاولة سرقة فاشلة لأول بنك من نورثفيلد، وخلال محاولة السطو، ذهب ثلاثة من أعضاء العصابة إلى الداخل وطلبوا من أمين الصندوق فتح الخزينة، لكنه رفض، ومع قدوم الشرطة تم تبادل إطلاق النار مع أعضاء العصابة الذين كانوا متمركزين في الشارع، في النهاية، قتل أمين الصندوق المصرفي من الخارجين عن القانون كما كان أحد المارة، في حين قتل اثنين من قطاع الطرق حتى الموت من قبل سكان المدينة قبل أن يفر بقية العصابة، وبعد أسبوعين، وبعد معركة بالأسلحة النارية بالقرب من ماديليا بولاية مينيسوتا، وتم أسر الأخوين الأصغر وأُرغم عضو عصابة آخر.الأخوان جيمس، اللذين انفصلا عن الشباب قبل إطلاق النار كانا عضوا العصابة الوحيدون الذين لم يتم القبض عليهم أو قتلهم بعد السرقة الفاشلة، التي وضعت على مدى السنوات القليلة المقبلة، وعاشا في ولاية تينيسي تحت اسمين مستعارين، وبعد سنوات قام جيسي بتوظيف مجموعة جديدة من المقربين المجرمين وشرع في موجة جديدة من الجرائم.ومع تكرار جرائمه، أصبح مستهدفا من الحكومة آنذاك، وعينت وكالة استخباراتية خصيصا للقبض عليه، ووضع حاكم المدينة مكافأة لمن يقبض على جيسي، إلا أن الأخير وضع مكافأة أكبر لمن يقتل الحاكم، وفشلت كل محاولات القبض عليه، وبالرغم من براعة وكالة المخابرات إلا أنهم لم يستطيعوا مواجهة ذلك المحتال البارعة، واحتمى بأهل قريته فضللوا الشرطة، واختبأ بين رجاله الذين أخلصوا له.ولكن تأتي الضربة دوما من أقرب الناس، وفي لحظة غاشمة، غدر أحد رجال العصابة المنضم لها حديثا زعيمه جيسي، وأثناء هجوم على العصابة، طعنه رجله من ظهره وأطلق عليه الرصاص مستغلا عدم حمله للسلاح، ليقع جيسي ميتا في الحال، وسلم شقيقه نفسه."جيسي دبليو جيمس، توفي في 3 أبريل 1882، البالغ من العمر 34 عامًا، 6 أشهر، 28 يومًا، يقتل من قبل خائن وجبان لا يستحق اسمه الظهور هنا"، كانت هذه العبارة التي كتبت على قبره، ليكرمه أهل قريته ويعتبرونه بطلهم، وكما كانت حياته مثيرة للجدل والصخب، أثار مماته تساؤلات واسعة، حيث كانت هناك تكهنات باقية بأنه قام بتزوير موته وتم دفن شخص آخر في قبره، وفي عام 1995 ، استخرج العلماء الذين حاولوا حل مسألة من دفن في قبر جيمس رفاته المفترضة وتم نقل البقايا من موقع الدفن الأصلي في مزرعة عائلة جيمس، بعد إجراء اختبار الحمض النووي، خلص الباحثون إلى أن بقايا الجثث التي تم استخراجها كانت بالتأكيد شبه مؤكدة للرفات في القرن التاسع عشر.
مشاركة :