لا تعتبر ممارسة رياضات الفنون القتالية من قبل النساء، مستحبة في المجتمعات الشرقية على الرغم من النجاح الذي تحقق على يد حفنة من الرياضيات اللواتي حققن «المهمة المستحيلة» في المحافل القارية، سواء الأفريقية منها والآسيوية، وصولاً إلى العالمية.فاطمة علي بخش، كويتية، تبلغ من العمر 8 سنوات فقط، قررت سلوك «الدرب الصعب» وممارسة رياضة «مواي تاي القتالية» التي تعرف أيضاً بـ«الملاكمة التايلندية»، وهي عبارة عن فن قتالي تم ابتكاره للجنود الفيتناميين في القرن السادس عشر بغية التصدي للغزاة. صحيح أنها ما زالت يافعة، بيد أن فاطمة عازمة على المضي قدماً في المضمار الذي تعشق، مدعومة بوالدها علي بخش، عضو اللجنة الكويتية للـ«مواي تاي» ورئيس لجنة اللياقة والتغذية للاعبين، والذي يعتبر المشجع الأول لابنته اليافعة التي تستعد لخوض غمار بطولة غرب آسيا لفئتها في ضيافة العاصمة اللبنانية بيروت في الفترة من 21 إلى 25 فبراير الجاري.وعن هذه المشاركة تقول فاطمة: «بإذن الله، أتمنى أن أحقق الفوز لبلدي الكويت».أما والدها الذي يرأس الوفد الكويتي المشارك، ويضم المدرب عبدالله الساعي وأحمد الحربي، فيقول: «أحرص على التواجد الدائم مع فاطمة في التمارين والمباريات. هذه الرياضة تعرّض ممارسها لاصابات، وقد تسيل الدماء وتتعرض الأسنان للكسر. بالتأكيد أخشى على ابنتي، لكن كل ذلك يهون في سبيل تحقيق الانجازات للكويت»، ويضيف: «البطولة التي سنخوض غمارها في بيروت تشهد مشاركة دول متقدمة في مواي تاي في المنطقة مثل لبنان الذي قدم لاعباً نجح في انتزاع لقب بطل العالم لسن عشر سنوات، فضلاً عن الاردن وسورية والعراق. سيشارك ايضاً لاعبون من الخليج. في الكويت».ويتابع: «هناك تقصير لناحية دعم النساء في الفنون القتالية. ونحاول تشجيع فاطمة من خلال دعمها معنوياً وتشجيعها بهدايا بغية رفع معنوياتها. مشاركتها في البطولات من شأنه أن يمنحها الخبرة والثقة».وتأتي مشاركة الوفد في بطولة غرب آسيا على نفقة أعضائه نظراً إلى عدم توافر ميزانية رسمية نتيجة بداية السنة المالية التي تصادف آخر الشهر المقبل، لكن بخش يؤكد: «لدينا كامل الثقة في الهيئات الرياضية الحكومية التي ننتظر منها الدعم المادي كي نعمل على تطوير رياضتنا».وأضاف أن المشاركة تأتي بعد إصرار الاتحاد العربي للعبة ورئيسه اللبناني سامي قبلاوي على ضرورة تواجد الكويت وبطلتها الصاعدة فاطمة بخش التي ستخوض منافسة خاصة من المنتظر أن تكون محط الأنظار في البطولة والقارة الآسيوية.وأشار إلى أن المنتخب الكويتي التابع للجنة الكويتية للـ«مواي تاي» والتي تأسست في 2004 وهي منبثقة عن اللجنة الأولمبية المحلية، حقق العديد من الإنجازات الإقليمية والدولية.وكشف بأن اللجنة حصلت على الموافقة لإدراج ملف اللعبة تحت مظلة اللجنة الأولمبية الدولية، باعتبار أن الـ«مواي تاي» ستكون من الألعاب المدرجة في أولمبياد طوكيو 2020.وأضاف: «تشتمل مواي تاي على حركات ممنوعة في رياضات قتالية أخرى. هذه الحركات مستوحاة من الحيوانات، بحيث جرى أخذ الأفضل من كل حيوان، كالديك، والأسد وغيرهما. يلقب هذا الفن بفن الأطراف الثمانية نتيجة استخدام اليدين والكوعين والرجلين والركبتين»، وأضاف: «كي تدخل هذه الرياضة ضمن الألعاب الأولمبية، جرى فرض شروط سلامة لأنها رياضة خطيرة. لذا ألغيت الضربات الخطيرة من المنافسات الرسمية».ويرى بخش بأن رياضات الفنون القتالية مقسمة الى قمسين، وبأن تلك التي تؤدي الى اصابات لا تشهد الكثير من المنتسبين من الجنس الناعم، في مقابل حركة أكبر في الرياضات التي لا تدخل في إطار البطولات والمنافسات».وختم: «ننتظر بثقة كبيرة الدعم المادي خصوصاً أن المشاركة في البطولات تتطلب الكثير، كما يستلزم تجهيز اللاعب 5 أشهر عدا عن تذاكر السفر والاقامة اذا أقيمت البطولة خارج البلاد. ولا ننسى نظام الغذاء. يجب أن يكون اللاعب مركزاً على الرياضة ولا يشغل باله في أمور أخرى قد تصيبه بالاحباط. نتمنى أن يكون لرياضتنا مركز خاص للتدريب وإن كان ذلك داخل الأندية الشاملة لأننا ندفع من جيبنا الخاص لاستئجار صالات التدريب».تعمل فنون القتال على رفع مستوى اللياقة لدى المرأة التي تكتسب من خلالها القدرة على التحمل، خصوصاً أن النساء يُعتبرنَ أقل من الرجال في هذا الجانب.من شأن هذه الفنون أن تمنح جسم المرأة الهرمونات الضرورية، وأن تقيها من العديد من الأمراض، وتفعّل لديها مهارات التذكر والتركيز، من دون أن ننسى عامل تعزيز الثقة بالنفس والتخلص من الاكتئاب والملل، والتفكير بشكل سليم والشعور بالجاذبية والأنوثة.كثيرات سبقن فاطمة لكن الآمال معقودة على الأخيرة للاستمرار في هذا المضمار وتوجيه رسالة بأن الارادة، متى ما وُجدت وجرى دعمها، فإنها قد تصل بصاحبها، ربما، الى أعلى المنصات.
مشاركة :