رأى تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» أنه «على الرغم من تخطي منطقة الخليج مرحلة انهيار أسعار النفط، فإنها لا تزال تواجه تنامياً على مستوى الديون، الأمر الذي يجعل اقتصادات المنطقة التي تعتمد بشكل كبير على النفط أكثر هشاشة أمام أي أزمات مقبلة».وأوضح الخبير الاقتصادي في الوكالة، زياد داوود، أنه في حال انهارت أسعار النفط مرة أخرى، فإن أثر ذلك سيكون كبيراً أكثر مما شهدته المنطقة خلال السنوات الخمس الماضية، لافتاً إلى أن حدوث ذلك سيرفع من مخاطر الركود الاقتصادي في المنطقة لا سيما وأن الحكومات ستتجه نحو تخفيض الإنفاق في وقت ستكون فيه الأسواق أكثر تردداً في الإقراض.وأشار داوود إلى أن اقتصادات دول الخليج تشهد ارتفاعاً على مستوى الديون، يقابله انخفاض في احتياطيات العملة الأجنبية، مبيّناً أن حدوث تراجع حاد في أسعار النفط قد يكون أكثر ضرراً هذه المرة.ووفقاً لتقرير «بلومبرغ» فإنه بعد توزيع ثروة النفط على مستوى هبات سخية في دول المنطقة خلال أكثر من عقد في فترة طفرة أسعار النفط، تواجه حكومات الخليج فجأة حالة من الضيق المالي، الأمر الذي أجبرها خلال السنوات القليلة الماضية على تخفيض الفوائد التي تقدّمها للمواطنين، وتقليص الدعوم دون إثارة ردود فعل شعبية.وأشارت الوكالة إلى أن كل من السعودية والإمارات فرضتا في وقت سابق ضريبتي الإنتاج والقيمة المضافة للمرة الأولى ، إلا أن آفاق تخفيض فاتورة الأجور المنتفخة تواجه مخاطر سياسية.وبحسب بيانات جمعتها «بلومبرغ»، فإن دول الخليج استأثرت خلال 2018 بنحو ربع سندات الأسواق الناشئة التي تباع بالدولار واليورو، مقارنة بأقل من 2 في المئة قبل عقد من الزمن، وبشكل مجمل، ضاعفت اقتصادات الخليج نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لنحو ثلاث مرات منذ 2014.من جهته، توقّع كبير مديري المحفظة الاستثمارية لدى «يونيون انفستمنت» في فرانكفورت، سيرغي ديرغاشيف، أن يواجه المتعاملون في السوق خطراً في حال خرجت دوامة الدين عن السيطرة، خصوصاً في حال تزامن ذلك مع انهيار أسعار النفط، وتصاعدت المخاطر السياسية بالمنطقة، لافتاً في الوقت عينه إلى أن التنويع الاقتصادي في المنطقة ضعيف، وسيستغرق وقتاً طويلاً لمعالجته.ورغم ذلك، أشارت الوكالة إلى أن الصورة متفاوتة في المنطقة في ظل تمتع الكويت وقطر باحتياطات مالية ضخمة، كما أن الإمارات تحظى بوضع قوي، إلا أن عُمان والبحرين اللتين تباطأتا في تنفيذ الإصلاحات المالية رغم تراجع احتياطيات النفط، فإن مستقبلهما يبدو أكثر غموضاً.ولفت التقرير إلى أن كل من عُمان والبحرين لديهما ديناميكيات دين غير مستدامة، في حين أن التوقعات مختلطة بالنسبة للسعودية، مبيّناً أن المملكة من الممكن أن تصل إلى سقف الديون الذي فرضته على نفسها بنسبة 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020 في حال استمر العجز الضخم في الميزانية من دون السحب من الاحتياطيات.من جانب آخر، أشار التقرير إلى أن عجز الميزانية العُمانية يعتبر الأكبر في المنطقة، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن المخاوف في شأن الاحتياطيات المتضائلة في عُمان أثارت جدلاً حول ما إذا كانت ستحتاج إلى خطة إنقاذ مثل البحرين.وعلى الرغم من تصنيف السندات البحرينية بمستوى أقل من سندات عُمان، فإن الأولى تميل إلى التداول بشكل مرتفع، وذلك بسبب الدعم الدائم الذي تحظى به من قبل السعودية.من جانبه، أوضح مدير الصناديق في شركة «PineBridge» للاستثمارات في لندن، أندرس فايرغمان، أن زيادة مستويات الديون تمثل مصدر قلق في المنطقة، خصوصاً إن لم يكن هناك هدف وراء هذه الإستراتيجية وحدوث فشل في تحقيق النمو الاقتصادي، مشدداً على أهمية أن تعمل دول المنطقة على تنويع مصادر دخلها بعيداً عن النفط.
مشاركة :