المبادرة العربية.. بديل لـ «صفقة القرن»

  • 2/15/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

د. ناجى صادق شراب استناداً للتسريبات الإعلامية الموثقة عن «صفقة القرن»، وما أعلن حول دولة فلسطينية على مساحة 85 إلى 90 من مساحة الضفة الغربية، مع بقاء الكتل الاستيطانية الكبرى، وبقاء القدس عاصمة ل«إسرائيل»، وجزء فقط من القدس الشرقية أو تحديداً الأحياء العربية، وبقاء سيطرة «إسرائيل» الدينية بمشاركة أردنية وفلسطينية رمزية على المقدسات، مع عدم ذكر مستقبل غزة واللاجئين، هذه البنود مع مقارنتها بما جاء في المبادرة العربية التي نصت على قبول «إسرائيل» دولة عادية وتطبيع كامل للعلاقات معها مقابل دولة فلسطينة كاملة، والقدس الشرقية عاصمة لها، وحل عادل لمشكلة اللاجئين.. بالمقارنة نجد المسافات كبيرة بين «صفقة القرن» والمبادرة العربية. المبادرة العربية تعاملت مع مفهوم السلام الشامل، و«صفقة القرن» تعاملت مع السلام المبني على القوة القائمة على الأرض. المبادرة العربية تبنت مقاربة حل الصراع من جذوره، وأما «صفقة القرن» فلم تخرج عن تبني مقاربة إدارة حل الصراع، بالابتعاد عن جذور الصراع، بل وشطبها دون توافق أو تفاوض. المبادرة العربية تعاملت مع «إسرائيل» كدولة لها احتياجاتها الأمنية، في حين تعاملت «صفقة القرن» مع لا دولة فلسطينية إنما مجرد كيان سياسي هلامي يمكن أن يفسر أو يتم التعامل معه كما يريد كل طرف، بعبارة أخرى تتكلم «صفقة القرن» عن «دولة» دون أن تحدد ماهيتها وحدودها التي بقيت مفتوحة. المبادرة العربية انطلقت من مرتكزات الشرعية الدولية، أما «صفقة القرن» فإنها تتجاوز أي ذكر للشرعية الدولية، بل تقوم على إلغائها ببقاء الاستيطان، وبالقدس عاصمة ل«إسرائيل»، وبإلغاء مشكلة اللاجئين.«صفقة القرن» كما تم إعلانها بطريقة غير رسمية وكبالون اختبار، وكخطوة استباقية لردود الفعل للأطراف المختلفة تعني إلغاء المبادرة العربية، والمطالب العربية للقبول ب«إسرائيل» كدولة عادية في قلب المنطقة العربية. ومن ثم إلغاء لأهم قرارات القمة العربية التي تبنت المبادرة العربية. قيمة وأهمية المبادرة العربية أنها ليست مبادرة دولة عربية واحدة، بل هي مبادرة لكل الدول العربية التي وافقت في إطار القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002، في حين «صفقة القرن» تعبير عن إرادة دولة واحده فقط (الولايات المتحدة)، تعلن انحيازها الكامل ل«إسرائيل». والخلاف الآخر والمهم أن «إسرائيل» هي من صاغت «صفقة القرن» عبر الفريق الأمريكي الثلاثي جاريد كوشنر وغرينبلات وفريدمان، وهم يؤمنون بالصهيونية التي حكمت صياغتهم للصفقة. وهو ما يعني في التحليل النهائي أنها مبادرة ورؤية ل«إسرائيل» مقابل مبادرة عربية شاملة. لكن السؤال، كيف سيتم التعامل مع «صفقة القرن»؟هل سيتم تجديد عرض المبادرة العربية ؟وهل سيتم طرح رؤية جديدة لها؟ وعلى ماذا تراهن الولايات المتحدة في عرض مبادرة أياً كانت تسميتها وهي تعرف وتدرك الموقف المبدئي للطرف الفلسطيني، وهو الأساس في قبول الصفقة أو رفضها، وتدرك أيضا أن الدول العربية لا تملك أي منها الإعلان رسمياً عن قبولها بصفقة تلغي المبادرة العربية؟وابتداء تتطلب المبادرة قراراً من القمة العربية كما تم الإعلان عن المبادرة العربية، فلا يجوز التعامل معها أحادياً. وثانيا أن «صفقة القرن» الهدف الأساسي منها التسوية الإقليمية ومدخلها الرفض الفلسطيني المتوقع لما هو معروض، وهو أقل بكثير مما تضمنته المبادرة العربية. وثالثا قد تحتاج المبادرة العربية إلى رؤية عربية تفصيلية وشاملة لماهية السلام الذي تسعى إليه الدول العربية وتحتاج إليه المنطقة. إن ثمن قبول «إسرائيل» في المنطقة، ولها علاقات عادية شرطه قيام الدولة الفلسطينية الكاملة وعاصمتها القدس. ويبقى أن «صفقة القرن»، وهنا تكمن خطورتها، تؤسس لخريطة سياسية جديدة في المنطقة، والتي ستأتي بلا شك على حساب كثير من المرتكزات العربية، ومنها أن «إسرائيل» ستصبح مكوناً أساسياً رئيسياً في هذه الخريطة، وهو تجديد ما يعرف بالشرق الأوسط الجديد. فهل يقبل العرب أن يكون دورهم دور التابع في هذه الخريطة السياسية الجديدة؟. drnagishurrab@gmail.com

مشاركة :