حرف تراثية، وورش عمل، وعادات وتقاليد أصيلة، تزين المهرجانات التراثية وغيرها من الفعاليات المحلية التي تشهدها الإمارات على مدار العام، وتلعب دوراً كبيراً في تعزيز الهوية، بما تقدمه من برامج وأنشطة، يقدمها خبراء تراثيون، يعملون على إبراز ملامح ومكونات التراث المحلي، والبحث في أفضل السبل لإبقائه حياً، وعالقاً في الأذهان والقلوب، بأساليب شتى تساعد الكثيرين على التعرف المباشر إلى تراث وتاريخ الأجداد، والمساهمة في ترسيخ الهوية الوطنية. يقول سعيد حمد الكعبي، مدير إدارة التراث المعنوي في دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي: «المهرجانات والمؤتمرات والمعارض المختصة بالتراث لها أهمية كبرى، خاصة في الوقت الحالي، لأن دولة الإمارات تشهد تطوراً متسارعاً في شتى المجالات، ونحن لنا أساس وجذور وتاريخ مجيد متوارث من آبائنا وأجدادنا يجب الحفاظ عليه والاعتناء به، لأنه الأساس الذي نبني عليه نهضتنا وتطورنا بين الأمم». وأوضح أن الفعاليات التراثية تسلط الضوء على أهم المشاريع والمبادرات والبرامج التي تدعمها المؤسسات الحكومية، وتساهم بشكل قوي في دعم وترسيخ الموروث والهوية، حيث تتضمن أنشطة متنوعة تستقطب الجمهور، وتنقلهم بشكل حي وتفاعلي إلى ماضينا وتاريخنا، مشيراً إلى أهمية اللقاءات المستمرة بين خبراء التراث والمهتمين به، لمناقشة التجارب والاستفادة من الخبرات المتبادلة في نقل هذا التراث، ومن ثم تفعيل هذه الأفكار في المجتمع الإماراتي الحافل بفعاليات تراثية متنوعة. وبين أن خبراء التراث يقدمون دوماً أفضل ما لديهم في حفظ وغرس هذا الموروث الغالي، كل بحسب تخصصه وخبراته وأسلوبه، ومن ذلك التراث المعنوي على سبيل المثال الذي لم يوثق ولم يدون في الفترات السابقة، ولكن الآن هناك وعي كامل وشامل بأهمية هذا التراث وتوثيقه، فيتم جمعه من الميدان وتوثيقه بأفضل الأساليب العلمية والتكنولوجية التي تكفل حفظه للأجيال المقبلة. وبين مدير إدارة التراث المعنوي في دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي أنهم يضعون نصب أعينهم اقتراب الأجيال الجديدة من عالم الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة، لذلك يحرصون على الإفادة من التكنولوجيا الحديثة في توصيل هذه الرسائل، ونقل تاريخنا وعبر وسائل التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي المنتشرة حالياً، وتعتبر أداة جيدة في نقل عناصر التراث بين الشباب. مكونات التراث وأشاد علي أحمد الكندي المرر، مستشار التراث بمنطقة الظفرة، بالدور الكبير الذي تلعبه الفعاليات المحلية المتخصصة في التراث، في التذكير بالكثير من مكونات التراث والتاريخ الإماراتي، وعبر هذه الجهود يتعرف الجميع إلى ماضيهم، ويعلو لديهم مفهوم الهوية والاعتزاز بما تركه لنا الأقدمون من عادات وتقاليد، ساهمت في تكوين الإنسان الإماراتي في البداية ومن ثم الوصول بدولة الإمارات إلى أعلى المراتب في مختلف المجالات خلال فترة زمنية قصيرة جداً في عمر الشعوب. وأوضح أن اجتماع خبراء التراث من الإمارات، وغيرها من دول العالم، يسهم في إيجاد وسائل مبتكرة في حفظ معالم التراث وإبقائه حاضراً في الأذهان، عبر تبادل الخبرات والتجارب المختلفة، والإفادة منها في تقديم التراث بأساليب جاذبة للأجيال الجديدة، التي صارت مرتبطة بشكل كبير بالتكنولوجيا والعالم الرقمي، ولذلك هناك جهود كبيرة بذلت في أرشفة وتسجيل الكثير من معالم تراثنا وتاريخنا. ودعا إلى تكثيف الأنشطة الملموسة التي تمارسها الأجيال الجديدة في هذا السياق، عبر عمل رحلات طوال العام إلى المتاحف والأماكن التراثية، وكذا زيادة الاهتمام بالتراث في المدارس، لأن هذه مرحلة التأسيس عند الصغار، ومن خلالها تترسخ فيهم المفاهيم والأفكار التي تجعل من هويتهم جزءاً رئيساً في شخصيتهم، لافتاً إلى ضرورة أن تتضمن الكتب كل ما يتعلق بالتراث الإماراتي، وأساليب الحياة، والهوايات التي مارسها الآباء والأجداد. آباء وأبناء الباحث التراثي والتاريخي، الدكتور أحمد خوري، بدأ حديثه بالإشارة إلى أهمية تعليم الآباء لأبنائهم شيئاً من القديم، من ألعاب حركية وحرف يدوية ومعايشة بعض الأجواء التي تربطهم بالماضي، واستثمار فرصة إقامة الفعاليات المحلية، خاصة التراثي منها، في تعليم الأبناء مهارات ومعارف تساعد على حفظ الهوية الوطنية باعتبارها مطلباً ضرورياً. وأكد أن الفعاليات التراثية لها دور رئيس في التعريف بتراث الأجداد وتوصيله للأجيال الجديدة، لأنها تزرع في قلوب الأبناء حب الوطن وتاريخهم وماضيهم، كما أنها تتيح فرصة المشاركات الجماعية، بما لها من فوائد للكبار والصغار، لكون تلك الفعاليات تعد الملتقى الأساسي الذي يجمع الماضي والحاضر تحت سقف واحد، وأفضل وسيلة لربط الجيل الحاضر بالماضي، وذلك من خلال زيادة عدد المشاركين والمشاركات في مجال التراث، وهو ما تحرص عليه الجهات المنظمة للفعاليات في الدولة من حيث الاعتناء بالتراث وأهله جل الاهتمام، وأن يكونوا في مقدمة جميع المهرجانات، وأن يحرصوا على خلق بيئات متنوعة عدة، مثل المعارض والمهرجانات والمؤتمرات والمتاحف. تراث وتاريخ فاطمة أحمد المغني، الخبيرة في التراث المحلي، ذكرت أن الفعاليات تلعب دوراً محورياً في التعريف بالتاريخ الإماراتي، ولولاها لبقيت عناصر كثيرة من هذا التراث معروفة فقط بين الأجيال القديمة، ولكن بفضل هذا الوجود الحيوي بين الناس صار هناك وعي كبير بتراثنا، وبأنه خير وسيلة لحفظ هويتنا، وجعلها راسخة في النفوس. وأوضحت أن هذه الفعاليات والمهرجانات تدعونا دوماً إلى تذكر ماضينا، وبأن الاهتمام بالتراث لا يقتصر على فترة زمنية بعينها من خلال إقامة هذا المهرجان أو ذاك، إنما التراث حياتنا اليومية ومنبع عاداتنا وأفكارنا، وبالتالي تعد الفعاليات تذكيراً دائماً لمن قد يغفل عن الأصالة، ولها دورها الكبير في إيصال المعلومة للآخرين، وتصحيح مسار بعض الأفكار أو المواضيع التي قد تخرج عن الهوية، فيتم ردها إلى مكانها الصحيح. وبينت المغني، أن هذه الفعاليات ساحة مفتوحة، يلتقي فيها خبراء التراث والمهتمون به، وهذا بحد ذاته يثري جهود حفظ الموروث عبر العديد من الوسائل، خاصة التي تتواءم مع تغيرات العصر. أرشفة التراث أوضحت سوسن خميس، مدير المرسم الحر التابع لدائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي، أن المعارض وورش العمل التي تخص التراث، ذات أهمية بالغة في الوقت الحالي، لأننا في مرحلة تطور كبير، وهذا قد يؤثر على ثقافتنا وتراثنا، في حين أن هذه الفعاليات تعزز هويتنا ونبقى محافظين على التراث والثقافة الإماراتية، خاصة في ظل ثورة التكنولوجيا، التي قد تصيب الجيل الجديد بضعف أو فقر في التراث الإماراتي بشكل خاص، وبالتأكيد مثل هذه الفعاليات ستكون مثمرة للطلاب والأجيال الجديدة وحتى المقيمين والسائحين. وبينت أنها كمواطنة إماراتية لديها شغف كبير بالتراث، وعملت في كثير من الفعاليات بهدف الحفاظ على هذا التراث ونشره أمام الجميع، والحفاظ عليه، وأرشفته بوسائل مختلفة، سواء من خلال ورش العمل أو المعارض وحتى في حياتنا اليومية، حيث تقوم هذه الفعاليات بدور كبير في التعريف بالفنون الإماراتية التقليدية والموسيقا والعروض الفولكلورية. كما أوضحت أن المدارس لها دور مهم في هذا الجانب عن طريق تخصيص مواد دراسية عن التراث الإماراتي يتعلم منها الطلاب كل ما يتعلق بهويتهم وتراثهم، وهذا بحد ذاته وسيلة فعالة لترسيخ التراث في نفوس الأجيال الجديدة، جنباً إلى جنب مع الفعاليات والمهرجانات والمعارض التراثية التي تذهب بالتراث والتاريخ إلى الجمهور بشكل مباشرة، عبر ورش عمل ونماذج تراثية حية من حياة الآباء والأجداد، ترسخ في الجميع الهوية الإماراتية، وتحفظ ملامحها لدى أبناء الإمارات.
مشاركة :