طالب سعادة الدكتور علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، الحكومة والبرلمان الفرنسي بضرورة إدراج الانتهاكات الناجمة عن حصار دولة قطر في أجندة اللقاءات التي تجمع المسؤولين الفرنسيين مع نظرائهم من حكومات دول الحصار، داعيا في الوقت نفسه إلى تفعيل شراكة قوية مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان للدفاع وترقية حقوق الإنسان في قطر والعالم، موازاة مع الحوار الاستراتيجي الذي أعلن عنه بين الدوحة وباريس. جاء ذلك خلال لقاءين عقدهما الدكتور المري هنا مع سعادة السيد ريتشارد فيران رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، وسعادة السيدة نيكول بيلوبي وزيرة العدل الفرنسية. وأطلع سعادته المسؤولين الفرنسيين على آخر تداعيات الحصار المفروض على دولة قطر، والجهود والتحركات التي تقوم بها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بهدف وضع حد للانتهاكات التي لا تزال دول الحصار تمعن في ارتكابها، غير آبهة بالنداءات الدولية.. مبينا أنه بعد الخامس من يونيو 2017، باتت أغلب الشكاوى التي تصل إلى مقر اللجنة الوطنية أو عبر الخطوط الساخنة ووسائل الاتصال الأخرى، تتركز أساسا على انتهاكات دول الحصار لحقوق المواطنين والمقيمين في قطر. كما قدم نبذة عن أوضاع حقوق الإنسان في دولة قطر، وآخر التطورات التي قامت بها الحكومة القطرية في مجال إصدار التشريعات وإصلاح القوانين التي تعنى بحقوق العمال وحقوق الإنسان بصفة عامة، بالتعاون مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وكذا المصادقة على العهدين الدوليين في مجال حقوق الإنسان. وخلال لقائه مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، طالب سعادة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بضرورة طرح تداعيات الأزمة الإنسانية خلال الجلسات الدورية للجمعية الوطنية الفرنسية، لاسيما خلال جلسات المساءلة المخصصة لوزراء الحكومة الفرنسية، لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في العالم، وجهود فرنسا لوقف الانتهاكات التي تحدث في مناطق مختلفة من العالم، من منطلق الأهمية التي توليها فرنسا لمسألة الدفاع عن حقوق الإنسان. وشدد سعادته على أن "استمرار الأزمة السياسية الخليجية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون مطية للإمعان في انتهاك حقوق الإنسان، وتجاهل استمرار معاناة الآلاف من الأسر المشتتة والطلاب المطرودين من جامعات دول الحصار بسبب الإجراءات التمييزية التي تطال المواطنين والمقيمين القطريين". وفي لقائه مع وزيرة العدل الفرنسية، أكد الدكتور المري على ضرورة تعزيز الشراكة بين اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ووزارة العدل الفرنسية ومختلف المؤسسات والهيئات الفرنسية في مجال تطوير وترقية حقوق الإنسان، مستشهدا بتوقيع عديد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم خلال السنوات الماضية، مع العديد من الأجهزة الحكومية وغير الحكومية مثل وسيط الجمهورية الفرنسي. وثمن سعادته إطلاق الحوار الاستراتيجي بين دولة قطر والجمهورية الفرنسية.. مؤكدا ضرورة أن يرافق الحوار السياسي حوار مستمر وشراكة متينة في مجال حقوق الإنسان، وتبادل التجارب والخبرات بين حكومتي البلدين، والهيئات والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان. وشدد على أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به الحكومة الفرنسية لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن الأزمة الخليجية.. مطالبا بضرورة أن يكون ملف الانتهاكات الإنسانية الخطيرة حاضرا في اللقاءات التي تعقدها الحكومة والمسؤولون الفرنسيون مع دول الحصار، تماشيا مع المبادئ التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية (الحرية، العدالة، المساواة)، والتزام فرنسا المستميت بالدفاع عن حقوق الإنسان في مختلف مناطق العالم، بوصفها جزءا مهما من تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في العالم، كما جاء على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته الأخيرة لمنطقة الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، طالب الدكتور المري بضرورة تحرك الحكومة الفرنسية لوضع حد لـ"التسييس" الذي يطال مؤسساتها العريقة للتعليم والثقافة، مستشهدا بطرد طلاب قطريين من جامعة "السوربون" في أبوظبي، إلى جانب تحريف الحقائق الجغرافية الذي طال إحدى الخرائط الجغرافية في متحف "لوفر أبو ظبي".. داعيا الحكومة الفرنسية إلى تحرك فعال لحماية قيمها التعليمية والثقافية، ومن ذلك، مطالبة مسؤولي "جامعة السوربون أبو ظبي" بإنصاف الطلاب القطريين الذين تم طردهم عنوة وتعسفا بذريعة خلاف سياسي. وقال سعادة الدكتور علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إنه "ليس مطلوبا من الحكومات الغربية الانحياز لطرف ضد آخر في أزمة الحصار بل الانتصار لحقوق الضحايا، وأن تكون وفية لمبادئها ومواقفها في الدفاع عن حقوق الإنسان التي يتم انتهاكها علنا".. مشددا على ضرورة الانتصار لحقوق ضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، وتصفية كافة الخلافات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. جاء ذلك خلال محاضرة قدمها الدكتور المري، بدعوة من معهد "إفري" للعلاقات الدولية الفرنسي، بالعاصمة باريس حول تطورات أزمة الحصار على قطر، بحضور نخبة من السفراء والمسؤولين والأكاديميين ورجال الأعمال وممثلين عن وسائل الإعلام الفرنسية. وشهدت الندوة، التي أدارها السيد دومينيك دافيد نائب رئيس المعهد، نقاشات ثرية لخبراء فرنسيين في شؤون الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، أبرزهم سعادة السفير ديمتري فون بيرن المبعوث السابق للرئيس الفرنسي لمتابعة جهود الوساطة الكويتية لحل الأزمة الخليجية. ونوه سعادته بأنه رغم مختلف الجهود الدولية التي بذلت إلا أنها لم تتوصل لإنهاء الأزمة الإنسانية ومعاناة الضحايا بعد مرور حوالي 20 شهرا، بسبب تعنت دول الحصار، كما أن الإمارات لم تلتزم بقرار محكمة العدل الدولية فقد "سجلنا 745 شكوى لمواطنين ومقيمين في قطر من انتهاكات ومضايقات تعرضوا لها من قبل سلطات أبو ظبي". وردا على سؤال حول جهود اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لحل الأزمة الإنسانية بالتواصل مع المؤسسات الحقوقية بدول الحصار، قال سعادته "منذ اليوم الأول، وبصفتنا مؤسسة حقوقية، اتصلنا بمسؤولين في المنظمات الحقوقية لدول الحصار، وطلبنا منهم التحرك لدى حكوماتهم لوقف انتهاكات حقوق العائلات والأفراد، ولم نلق أي تجاوب، ما جعلنا نتوجه إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان وبعض الحكومات، وكلها أكدت لنا رفضها لاتخاذ المدنيين رهينة في الخلاف السياسي، لكننا ما زلنا ننتظر من الحكومات الغربية مواقف حاسمة والتحرك لحماية حقوق الإنسان، بعيدا عن مآل الأزمة السياسية". وفي تفسيره لأسباب فشل منظومة مجلس التعاون في حل الأزمة، قال سعادته "هناك آليات منصوص عليها في مجلس التعاون لحل الأزمات وحماية حقوق الإنسان، لكن لم يتم احترامها، أو تفعيلها من قبل دول الحصار". وعن تقييمه لموقف فرنسا من الحصار، قال " نثمن تصريحات لمسؤولين فرنسيين أكدوا رفض بلادهم لأي إجراءات في حق المواطنين والمقيمين وانتهاك حقوق الإنسان.. ونحن ما زلنا ننتظر مزيدا من الضغوط على حكومات دول الحصار لوقف انتهاكاتها لحقوق الإنسان".. وتابع " نعتقد أن الحكومات الغربية تحاول القيام بالتوازن في مواقفها بين أطراف الأزمة الخليجية، ونحن لا نطلب منها الانحياز لطرف ضد آخر، بل الانتصار لحقوق الضحايا، وأن تكون وفية لمبادئها ومواقفها في الدفاع عن حقوق الإنسان التي يتم انتهاكها علنا". وحول توقعاته لمستقبل الأزمة وفرص الحل الممكنة، قال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان "قد تطول الأزمة السياسية لكننا لا نقبل بأي حال إطالة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".;
مشاركة :