سعى النظام القطري بكل قوة إلى الحصول على الأموال التي اعتبرت بمثابة «رشوة» نظير التقدم لإنقاذ مصرف باركليز الإنجليزي في أوج الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وفقاً لما استمعت إليه محكمة «ساوثوارك» أمس.. ويواجه جون فارلي الرئيس التنفيذي السابق لبنك باركليز وثلاثة مصرفيين كانوا زملاء له اتهامات بشأن تعاملات مع مستثمرين قطريين، لتدبير عمليات ضخ للأموال سمحت للبنك بتجاوز الأزمة قبل عشر سنوات. واستثمرت قطر القابضة، وهى جزء من صندوق الثروة السيادي جهاز قطر للاستثمار، و«تشالنجر» وهي شركة استثمار تابعة لرئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم، نحو ستة مليارات جنيه إسترليني في البنك. لكن مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة وجه اتهامات للرجال الأربعة بشأن «ترتيبات لجمع رأسمال» مع قطر القابضة وتشالنجر في يونيو وأكتوبر 2008 وتسهيل قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار، أتاحه باركليز لقطر في نوفمبر 2008. وقال ريتشارد بواث لزميله عضو مجلس الإدارة ريتش ريتشي، إن صبر الدوحة بدأ ينفد مع البنك، بعد أن فاته على ما يبدو المهلة الزمنية لدفع مقابل أول اتفاقين للخدمات الاستشارية خلال عام 2008، وفقاً لصحيفة «سيتي أيه إم» البريطانية في لندن. ويؤكد مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة أن أربعة من كبار المديرين التنفيذيين في باركليز استخدموا اتفاقية الخدمات الاستشارية المزعومة لدفع 322 مليون جنيه استرليني مقابل رسوم إضافية إلى قطر، مقابل استثمار أنقذ البنك من خطة الإنقاذ في ذروة الأزمة المالية العالمية قبل عقد من الزمان. وينفي كبار مسؤولي البنك السابقين في المحكمة وهم ريشتارد بواث والرئيس التنفيذي السابق جون فارلي وتوم كالاريس وروجر جنكينز، جميعهم الاتهامات، ويدعون أن هذه الاتفاقيات حقيقية. وفي الجلسة الجديدة للمحاكمة الأولى من نوعها، استمعت هيئة المحلفين في محكمة ساوثوارك الملكية إلى مكالمة هاتفية في الرابع من أغسطس عام 2008، قال بواث لريتشي إن سوء الاتصال الواضح داخل البنك يعني أنه لم يتم بعد دفع مبلغ 42 مليون جنيه استرليني نظير (اتفاقية الخدمات الاستشارية) على الرغم التوقيع عليها منذ أكثر من شهر. وقال بوث لريتشي «إن الرجل من «هيئة الاستثمار القطرية» يدفع بقوة كبيرة للحصول على المال الآن». أجاب ريتشي «سأحصل على إجابة. سنحصل على الدفعة اليوم». وركزت الأدلة المقدمة خلال الجلسة الأخيرة على أنشطة جنكينز - المعروفة باسم «الكلب الكبير» - وبواث. ويؤكد مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة أن علاقات جنكينز الجيدة مع القطريين تعني أنه كان له دور فعال في جهود باركليز الناجحة لتأمين التمويل، حيث ساعد بواث في تنظيم الشروط، وفقاً للصحيفة البريطانية. وفي رسالة بريد إلكتروني إلى رئيس مجلس إدارة بنك باركليز السابق ماركوس أجيوس خلال يوليو 2018، وصف جنكينز اجتماع تقييم كان لديه مع رئيس البنك آنذاك، بوب دايموند، بعد أن تم تأمين الاستثمار القطري «بالإيجابي». وكتب جينكنز «أعتقد أن لدي علامات أحمر شفاه على خدي الأيسر»، في إشارة منه على أنه حصل على إشادة بعد الاتفاق مع النظام القطري. وفي محادثة هاتفية مع اثنين من كبار محامي باركليز - مارك هاردينج وجوديث شبرد - حول كيفية تقديم الاتفاق الثاني لاتفاقية الخدمات الاستشارية، وصف بوراث نفسه بأنه «حامل حقيبة الكلب الكبير»، في إشارة واضحة إلى رياضة الغولف. وقالت جوديث شبرد إن شروط اتفاق الخدمات الاستشارية الأول، الذي وافق فيه القطريون على تقديم المشورة السياسية ومساعدة البنك من خلال الربط الشبكي، لا يمكن إعادة استخدامه بسهولة. وأوضحت من الواضح أنه لا يمكننا استخدام اتفاقية استشارية مماثلة لأنه بعد كل شيء، ما مقدار المشورة التي نحتاجها؟ «في إشارة إلى أن مثل هذه الاتفاقيات لا قيمة لها. وقال بواث إنه لم يكن مطلعاً على بعض الأحاديث التي كان يجريها جينكنز في ذلك الوقت. وأضاف للثنائي (المحامين) «لا أملك مناقشات الكلب الكبير (جنكينز) أنا كلب صغير». وأوضحت الصحيفة أن مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في لندن اتهم باركليز - بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي السابق للشركة، وما لا يقل عن ثلاثة مديرين سابقين آخرين - بعدة تهم جنائية فيما يتعلق بالاتفاقيات التي أبرمها مع قطر كوسيلة لتجنب إنقاذ الحكومة وسط عام 2008. وهذه الاتهامات ليست سوى واحدة من عدة اتهامات سيتم رفعها في بريطانيا ضد البنك (والمديرين التنفيذيين السابقين) كنتيجة مباشرة للإجراءات التي اتخذوها بينما استمرت الأزمة المالية في التدهور. ووفقاً لسارة والاس ممثلة شركة ايروين ميتشيل القانونية «هذا هو أهم قرار اتخذه مكتب مكافحة الجرائم الخطيرة في الآونة الأخيرة إن لم يكن في أي وقت مضى، في السنوات القليلة الماضية، واجه بنك باركليز عدداً غير مسبوق من التحقيقات من قبل المنظمين في جميع أنحاء العالم ولكن اتهام مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة هو الأكثر خطورة»، مشيرة إلى أنه وبالطبع، فإن اكتشاف هذه الصفقات الجانبية مع قطر سرعان ما حفز التحقيق. كما أثار التحقيق التنظيمي من قبل هيئة السلوك المالي، التي فحصت الآن ما إذا كان المصرف قد كشف عن الرسوم التي كان قد دفعها أصلاً إلى قطر، وربما الأهم من ذلك، ما إذا كان البنك قد أقرض الأموال سراً إلى قطر أم لا لحملهم على إعادة الاستثمار في البنك. ومن المقرر أن تتواصل جلسات المحاكمة خلال الأشهر الستة القادمة، والتي شهدت جلساتها مؤخراً مطالبة القاضي البريطاني روبرت جاي بإدراج عدد من الكيانات والأفراد القطريين إلى قائمة المتهمين المدعى عليهم في القضية.
مشاركة :