قال الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمى لمفتى الجمهورية، إنه صحت الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشأن أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، وليس هذا من عقوبة الميت بذنب غيره، مؤكدًا أن العلماء اتفقوا على أنه ليس المراد من هذه الأحاديث مطلق البكاء، بل المراد بالبكاء هنا النياحة ورفع الصوت.وأضاف عاشور، فى إجابته عن سؤال « هل الميت يعذب ببكاء الأم عليه ؟»، أن كان البكاء بدمع العين من دون نياحة فلا حرج في ذلك، يقول النبي ﷺ لما مات ابنه إبراهيم: العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون، وقال ﷺ ذات يوم لأصحابه: اسمعوا! إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، وإنما يعذب بهذا أو يرحم، أما عذاب الميت بسبب نياح أهله عليه فاختلف العلماء في الإجابة عن هذا الحديث على ثمانية أقوال، وأقربها إلى الصواب قولان: الأول: ما ذهب إليه الجمهور، وهو محمول على من أوصى بالنوح عليه، أو لم يوصِ بتركه، مع علمه بأن الناس يفعلونه عادةً، ولهذا قال عبدالله بن المبارك: «إذا كان ينهاهم في حياته ففعلوا شيئًا من ذلك بعد وفاته، لم يكن عليه شيءٌ»، والعذاب عندهم بمعنى العقاب.وتابع: والثاني: أن معنى «يُعَذَّبُ» أي يتألم بسماعه بكاء أهله ويرق لهم ويحزن، وذلك في البرزخ، وليس يوم القيامة؛ وإلى هذا ذهب محمد بن جرير الطبري، وابن القيم؛ وقالوا:( وليس المراد أن الله يعاقبه ببكاء الحي عليه، والعذاب أعم من العقاب كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -:«الْسَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ »، وليس هذا عقابًا على ذنب، وإنما هو تعذيب وتألم».وأوضح أن المصائب في الدنيا تكفر الذنوب، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ»، حيث يقول النبي ﷺ: ليس منا من لطم الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية ويقول ﷺ: أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها، والشاقة: التي تشق ثوبها، هذا كله لا يجوز.
مشاركة :