كثر التوعد باللجوء إلى القضاء إثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب "حالة الطوارئ" لبناء جدار حدودي مع المكسيك، في تحد يمكن أن يتصاعد وصولا إلى قرار تاريخي من المحكمة العليا بشأن توازن السلطات بين البيت الأبيض والكونجرس. ووفقا لـ "الفرنسية"، أعلنت ولايتا نيويورك وكاليفورنيا والمنظمة الأمريكية النافذة للدفاع عن الحريات المدنية، أنها تنوي خوض معركة قضائية بهذا الشأن. وكتب جافين نيوسوم حاكم كاليفورنيا أن "كاليفورنيا ستراك في المحكمة"، وفي الكونجرس أعلنت اللجنة القضائية في مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديمقراطيون، فتح تحقيق برلماني "على الفور". ويؤكد منتقدون وبعض مختصي القانون أن قرار ترمب استخدام سلطاته الاستثنائية لتجاوز رفض الكونجرس التمويل التام للجدار الحدودي مع المكسيك بداعي التصدي للهجرة السرية، يشكل قرارا "غير مسبوق". ويرى منتقدون أن القرار فيه "تجاوز للسلطة" و"انقلاب" على البرلمان لتجاوز "أزمة" مبالغ فيها بل حتى "مفتعلة" من الرئيس الأمريكي. وفي تبرير لمبادرته، تحدث ترمب عن "غزو" مخدرات ومجرمين، بيد أنه عزز حجج معارضيه بقوله "لم أكن بحاجة إلى القيام بإعلان حالة الطوارئ، لكني أفضل أن أفعل ذلك بشكل أسرع". وتوقع ترمب أن تصل الملاحقات القضائية إلى المحكمة العليا وهي أعلى سلطة قضائية أمريكية، وعلق "لحسن الحظ، سنكسب المعركة"، بانيا تفاؤله على الأرجح على تعيينه قاضيين اثنين محافظين في المحكمة العليا. وبعد أكثر من عامين في البيت الأبيض وأسابيع من المفاوضات ومعركة لي ذراع حامية مع الديمقراطيين وأطول فترة إغلاق جزئي للمؤسسات الحكومية في تاريخ الولايات المتحدة، لم يحصل ترمب من الكونجرس إلا على ربع الميزانية اللازمة لبناء الجدار من إجمالي 5.7 مليار دولار. وقرر بالتالي أن يعلن "حال الطوارئ" معتمدا على قانون تم التصويت عليه في 1976 بغرض إضافة 6.6 مليار دولار من مصادر أخرى خصوصا من تمويلات خصصها الكونجرس لوزارة الدفاع. وعلق شوك شومر ونانسي بيلوسي وهما من قادة الديمقراطيين في الكونجرس بأن "أفعال الرئيس تتعدى صراحة على سلطة الكونجرس الرقابية الحصرية في أمور الميزانية". ويتوقع أن تتركز المعركة القضائية المحتدمة حول تحديد مفهوم "الطوارئ"، وأوضحت جنيفير داسكال أستاذة القانون في الجامعة الأمريكية أن قانون 1976 "لا يضع حدودا واضحة لما يشكل أو لا يشكل طوارئ وطنية". ولجأ رؤساء أمريكيون إلى هذا القانون، لكن في مواجهة تهديدات أشد إلحاحا، كما فعل جورج بوش إثر اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، أو باراك أوباما في أوج وباء إنفلونزا الخنازير. وتضيف داسكال أن "إعلان ترمب حالة "الطوارئ الوطنية" يشكل سابقة، فالقانون لم يسبق أن استخدم بهذه الطريقة". ويمكن أن تتيح هذه السابقة لرؤساء قادمين التعويل على هذا القانون كلما عجزوا عن إقناع الكونجرس، وربما يستخدمها رئيس ديمقراطي مثلا للتصدي لحالات "طوارئ" أخرى مثل التغير المناخي أو حمل الأسلحة النارية". من جهته، عد بوبي تشيسني مختص القانون في جامعة تكساس، استخدام أموال مخصصة لوزارة الدفاع في منشأة مدنية والهجرة السرية "طوارئ وطنية"، يمكن أن يوفر أسسا أخرى لملاحقات قضائية". وتقضي قواعد وزارة الدفاع أنه حتى في حال إعادة توزيعها فإن التمويلات المخصصة لمشاريع بناء في الأصل يجب أن تستخدم في مشاريع تطلبها "القوات المسلحة". وعدّ تشيسني في تغريدة هذه المسألة تشكل "النقطة الأضعف في هذا الخلاف". وأشارت داسكال من جهتها، إلى أن الأراضي الخاصة التي قد يمر فوقها الجدار يمكن أن تفتح جبهة قضائية أخرى.
مشاركة :