يسعى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لبناء مشروع أوروبا الجديدة الذي قال عنها في المنتدى الاقتصادي الأخير، بحضور أقطاب المال في بعض الدول، وحقق المنتدى أهدافه رغم محاولات التشويش الممنهجة، فمنذ دخول ولي العهد المعترك السياسي لا همّ له إلا هيكلة قطاعات الدولة، وتشييد مشروع اقتصادي متماسك على أرض صلبة يستمر للأجيال القادمة، فخطّ بقلمه أكثر من مسار يقوم عليه الاقتصاد السعودي القادم، بعد أن كان النفط عموده الفقري، وسط تذبذب أسعاره بين طلوع ونزول، فالسعودية اليوم تسعى للاستفادة من الموارد الطبيعية ومكانتها الإقليمية والانتقال نحو "النفط الأبيض". فتعهّد ولي العهد بأن يجعل السعودية وجهة المستثمرين وقبلة السياح من كل الأوطان، فالاقتصاديون لا يعترفون بغير لغة الأرقام، حتى أعلنت أضخم ميزانية في تاريخ السعودية مع التزام الدولة بضخ المليارات لبناء المشاريع التنموية والثقافية والصناعية ومشاريع البنية التحتية التي تدفع عجلة التنمية والاقتصاد ينتج عنها فرص عمل وتدر بعضها المليارات للخزانة المالية. ورغم ما يشغل ولي العهد من قضايا مصيرية وإرهاب إيران والحوثي في اليمن، إلا أن الهمّ الاقتصادي أضحى أول اهتماماته، ففي جولاته الخارجية التي قام بها منذ صعوده لمنصب ولي العهد كانت لقاءات رجال المال والأعمال حاضرة في جداوله اليومية، كما يلتقي رؤساء الدول والساسة، ويناقش العلاقات الثنائية، وينظر للمستثمرين بنظرة الاقتصادي المفعم بالنشاط، ويحمل همّ بلده، فيقدم لهم خططه ويبرز الوجه المشرق للسعودية الجديدة الطامحة للنهوض من التقليدية للعالمية، فوقّع تحالفات تجارية ومثلها استثمارية مع شركات عملاقة في الطاقة والصناعة والتقنية في رحلة الإصرار لبناء الحلم الذي بات بحول الله قريباً، وقال عنه: "أعتقد أن هذا الحلم سيتحقق"، ومن ورائه شعب وضع ثقته فيهم، وقال عنهم "أعيش بين شعب جبار وعظيم". حتى هبطت "رحلته المكوكية" في باكستان، تلك الرحلة التي لا تتوقف ولا تستكين، ومقاومة لكل الظروف المناخية والعواصف "الإعلامية" فكأنه في عجلة من أمره، "يخشى أن يموت دون أن يحقق شيئاً لوطنه"، فمن العلا وإطلاق المشاريع السياحية والبيئية، مروراً بالحرم المكي ومشاريع التوسعة، وإطلاق ميناء رابغ وصل "إسلام آباد" ليلتقي رئيسها ويتباحثا شؤون البلدين، وهي البلد الحليف الذي قدمت له السعودية الدعم، وتنازلت مؤخراً عن ديونها المقدرة بـ٦ مليارات دولار. وبعدها سيذهب للهند والصين وهي الدول المعروفة بقوتها ومكانتها الاقتصادية، فالدولتان ضمن مجموعة العشرين ولديهما اقتصاد ثقيل ومتنامٍ ودول صناعية ومصدرة لكثير من المنتجات الاستهلاكية والتقنية التي تصل للدول العربية، وتبلغ واردات الدول الخليجية منهما مليارات الدولارات سنوياً، فمع زيارة ولي العهد يتوقع أن تكون هناك صفقات واتفاقيات ذات أبعاد اقتصادية تعود على المنطقة بالفائدة وتحرك الشريان الاستثماري، ومرجح أن يعرض الجانبان الفرص المتاحة ومكامن القوة التي قد يستفاد منها.
مشاركة :