ينظم المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، بعد غد الثلاثاء، على مدار يومين احتفالية علمية حول ظاهرة تعامد آشعة الشمس على معبد أبو سمبل الكبير التي ستحدث يوم الجمعة المقبل، وذلك بالتعاون مع وزارة الآثار ممثلة في متحف النوبة ومنطقة آثار أسوان وأبو سمبل ووزارة الري ممثلة في متحف النيل، من منطلق الدور القومي للمعهد لإثراء الثقافة العلمية لدى المجتمع وتشجيعا للسياحة.وقال الدكتور جاد محمد القاضي رئيس المعهد - في تصريح اليوم الأحد لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن تلك الظاهرة ما زالت لغزا كبيرا يحير العلماء في المجالات المختلفة، بشأن سر صناعتها الفلكية الإعجازية، وأن اللغز يكمن في أنه إذا كان يومي تعامد الشمس مختارين ومحددين عمدا قبل عملية نحت المعبد فإن ذلك يستلزم معرفة تامة بأصول علم الفلك، بالإضافة إلى حسابات أخرى كثيرة منها تحديد زاوية الانحراف لمحور المعبد عن الشرق (موضع شروق الشمس)، بجانب المهارة في المعمار بأن يكون المحور المستقيم لمسافة أكثر من 60 مترا، ولا سيما أن المعبد منحوت في الصخر.وأشار إلى أنه من الطريف أن الشمس تتعامد على وجه تمثال رمسيس الثاني ولا تتعامد على وجه تمثال "بتاح " الموجود بجواره الذي يعتبره القدماء المصريون إله الظلام.وأوضح أن الاحتفالية التي سيقيمها المعهد تتزامن مع احتفال محافظة أسوان بهذه المناسبة، وتهدف إلى إثراء الحدث علميا بإقامة فعاليات للاحتفاء بما قدمه الأجداد في مجال علم الفلك والهندسة والمعمار والاستفادة العلمية بتسجيل بعض الأرصاد الخاصة بالحدث والمتعلقة ببعض الظواهر التي تقع ضمن المجالات البحثية للمعهد والإسهام في التوعية الفلكية للمواطنين المهتمين بعلوم الفلك والآثار والمعمار.ولفت إلى أن الاحتفالية ستتضمن إلقاء محاضرة عامة عن الظاهرة بمتحف النيل ومتحف النوبة بأسوان يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين ثم القيام ببعض القياسات العلمية الفلكية في منطقة أبو سمبل يوم الخميس المقبل استعدادا لرصد الظاهرة صباح يوم الجمعة باستخدام أحدث الأجهزة المتخصصة في ذلك المجال .وتشير وكالة أنباء الشرق الأوسط - في تقريرها- إلى أن معبد أبو سمبل هو أكبر معبد منحوت في الصخر بالعالم ويعد آية في العمارة والهندسة القديمة حيث نحت في قطعة صخرية على الضفة الغربية للنيل في موضع غاية في الجمال، وهناك أدلة على أن أصل الفكرة في تشييد المعبد كان لسيتى الأول ولا شك أن جزءا كبيرا من الداخل كان قد تم نحته قبل أن يعتلي رمسيس الثاني العرش ولكن إلى أي مدى كان سيتي مسئولا عن الشكل الأخير خاصة الواجهة هذا ما لا يعرفه أحد، والغرض من المعبد ومكانه هو عبادة الشمس.وتتعامد الشمس على قدس الأقداس بالمعبد مرتين كل عام في 22 فبراير و22 أكتوبر في ظاهرة فلكية فريدة جسدها القدماء المصريون منذ آلاف السنين حيث تخترق آشعة الشمس الممر الأمامي لمدخل معبد رمسيس الثاني بطول 200 متر، حتى تصل إلى قدس الأقداس المكون من منصة تضم تمثال الملك رمسيس الثاني جالسا وبجواره تمثال للإله رع حور أختي والإله أمون وتمثال رابع للإله بتاح.وتستغرق ظاهرة تعامد الشمس 20 – 25 دقيقة فقط في ذلك اليوم، وهناك روايتان لسبب تعامد الشمس، الأولى هي أن المصريين القدماء صمموا المعبد بناء على حركة الفلك لتحديد بدء الموسم الزراعي وتخصيبه، والرواية الثانية هي أن هذين اليومين يتزامنان مع يوم مولد الملك رمسيس الثاني ويوم جلوسه على العرش، وهي رواية ضعيفة نظرا لما أكده علماء الآثار من عدم معرفة يومي ميلاد وجلوس الملك رمسيس .وظاهرة تعامد الشمس كان يحتفل بها قبل عام 1964 يومي 21 فبراير و21 أكتوبر، ومع نقل المعبد إلى موقعه الجديد، تغيير توقيت الظاهرة إلى 22 فبراير و22 أكتوبر، وتعرض معبد أبو سمبل عقب بناء السد العالي للغرق نتيجة تراكم المياه خلف السد، وتكون بحيرة ناصر، وبدأت الحملة الدولية لإنقاذ آثار أبو سمبل والنوبة ما بين أعوام 1964 و1968، عن طريق منظمة اليونسكو الدولية بالتعاون مع الحكومة المصرية، بتكلفة 40 مليون دولار، وتم نقل المعبد عن طريق تفكيك أجزاء وتماثيل المعبد مع إعادة تركيبها في موقعها الجديد على ارتفاع 65 مترًا أعلى من مستوى النهر، وتعتبر واحدة من أعظم الأعمال في الهندسة الأثرية.ومعبد أبو سمبل تم اكتشافه في الأول من أغسطس عام 1817، عندما نجح المستكشف الإيطالي جيوفانى بيلونزي، في العثور عليها ما بين رمال الجنوب ، فيما تم اكتشاف ظاهرة تعامد الشمس عام 1874، عندما رصدت المستكشفة "إميليا إدوارذ" والفريق المرافق لها، هذه الظاهرة وتسجيلها في كتابها المنشور عام 1899 بعنوان "ألف ميل فوق النيل".
مشاركة :