شكلت أبرز الأحداث والمتغيرات التي أثرت في الاقتصاد العالمي والخليجي على مدار الاعوام السابقة، وتوقعات الاقتصادات والاسواق لعام 2019، إضافة الى وضع الاقتصاد الخليجي، والاقتصاد الكويتي ومشروع الجزر الكويتية، وغيرها من الملفات الاقتصادية المحلية والخليجية والعالمية محور الندوة السنوية لشركة "رساميل" للاستثمار حول توقعات الاقتصاد العالمي واستراتيجيات الاستثمار في عام 2019، بمشاركة رئيس مجلس ادارة شركة "الشال" للاستشارات الاقتصادية جاسم السعدون، ومدير إدارة المحافظ الاستثمارية في "رساميل" حيدر توفيق، ونائب الرئيس التنفيذي لإدارة الاستثمارات البديلة في "رساميل" دخيل عبدالله الدخيل، إضافة إلى عدد من المستثمرين والمهتمين بالاقتصاد المحلي والعالمي. الاقتصاد العالمي بداية، أفاد السعدون بأن بيئة العمل ازدادت صعوبة على مستوى العالم حالياً، إذ بدأت نتائج الحرب التجارية بإفراز تأثيراتها السلبية، وبات كل تقرير جديد يخفض من تنبؤات نمو الاقتصاد العالمي ونمو تجارته البينية. وقال السعدون، إن العالم لم يتجاوز بعد تبعات أزمته المالية عام 2008، إذ أدى استمرار حقبة الفائدة الصفرية فترة طويلة من الزمن، إلى ارتفاع ديون العالم السيادية والخاصة من مستوى 168 تريليون دولار في 2008 إلى 244 تريليون دولار عام 2018، بحسب البيانات الصادرة من معهد التمويل الدولي. وأضاف أن حلول أزمة 2008 استنفذت قدرة البنوك المركزية في العالم على التوسع النقدي بطبع المزيد من النقود، "لذلك نتوقع نمواً أضعف للاقتصاد العالمي بالمستقبل، وقد تضعفه أكثر الحرب التجارية". الاقتصادات الخليجية وعن توقعات الاقتصادات الخليجية، أوضح السعدون أنه على دول الخليج التخطيط للتعامل مع أسوأ السيناريوهات، وتأمل في الأفضل، لأن حصيلة صادراتها من النفط سوف تتأثر سلباً مع أي تطورات سلبية لأداء الاقتصاد العالمي. وذكر أن نمو اقتصادات الخليج في الحقبة 2009-2018 كان بحدود 3.3 في المئة، مقابل معدلات نمو للحقبة 2001-2008 بحدود 5.4 في المئة، أي إن دول الخليج فقدت نحو 39 في المئة من معدلات نمو اقتصاداتها التاريخية خلال الـ 10 سنوات الماضية. وبين أن مستقبل أسواق النفط بالخليج يواجه 3 تحديات رئيسية، تتمثل في التقدم التقني في خفض تكاليف إنتاج النفط غير التقليدي، وخفض مستوى انبعاث العوادم، والتوجه نحو تحويل السيارات العاملة بالبنزين والسولار إلى الكهرباء. نمو الاقتصاد الكويتي الأسوأ وبالحديث عن الاقتصاد الكويتي، قال السعدون، إن الكويت فقدت أكثر من 80 في المئة من مستوى نمو اقتصادها خلال الأعوام العشرة الماضية، وذلك يضع الكويت في موقع الأدنى نمواً مقارنة بقريناتها في دول مجلس التعاون لحقبة ما بعد الأزمة. وأضاف أن هذا التراجع بالنمو الاقتصادي الكويتي يأتي على الرغم من أن وضعها المالي الأفضل قياساً بقريناتها، لكنه الأكثر إدماناً في تبعيته للنفط الذي يساهم بنحو 60 في المئة من ناتج الكويت المحلي الإجمالي ونحو 90 في المئة من إيرادات موازنتها، مما أدى إلى تخلفها اقتصادياً بشكل أكبر بسبب سوء استغلال مواردها من النفط في زمن صعود الذهب الأسود. تغيير الإدارة وعن الإصلاح المالي والاقتصادي في الكويت، وقدرة الحكومة الكويتية على تحقيق ذلك، لفت إلى أن الحكومة الكويتية في ظل الوضع الحالي عاجزة عن تحقيق أي إصلاح مالي أو اقتصادي، فهي تنتظر وتراقب وتأمل أن تعود أسعار النفط إلى مستويات 110 دولارات للبرميل، ولا تفكر في حلول للإصلاح. وأشار إلى وجوب تغيير الإدارة في الكويت بسرعة كي نتمكن من تحقيق إصلاح مالي واقتصادي حقيقي في أقرب وقت، فالمشكلة في الكويت هي العقليات التي تدير لا الموارد أو العناصر والكفاءات البشرية التي تتوفر بكثرة ومهارة في البلاد. واستشهد ببعض من أبيات الشعر، من "زهيرية" الشاعر محمد الفوزان، وهي: "الضرس لي من رقل من شلعته لابد... وانظر إلى الغيم لي هب الشمال انزاح"، واعتبر أن الحكومة منذ قديم الأزل تمر عليها الأزمات التي تأكل في الدولة وتسمع بالفساد في التوغل داخلها، وتبقى هي كالمتفرج دون حراك، وأكد أن الكويت تمتلك موارد كثيرة وقوى عاملة ماهرة وذكية، لكن المشكلة التي تجعل هذه الموارد والكفاءات دون جدوى، هي التمسك بثبات الإدارة، فمهما حدث للدولة تبقى الإدارة كما هي دون تغيير. وأشار إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت، الذي يفترض أن يكون الداعم لتنويع الاقتصاد، هبط من أعلى مستوياته في عام 2011 وكان بحدود 3.25 مليارات دولار، إلى أدنى مستوياته في عام 2017 بحدود 301 مليون دينار، أي فقد أكثر من 90 في المئة من أعلى مستوى بلغه. مدينة الحرير الكويتية وعن مشروع مدينة الحرير وتطوير الجزر الكويتية، أكد السعدون أنه مشروع طموح، لكنه كحال المشاريع الكويتية الكبرى جميعها تفتقر إلى الإدارة السليمة، فلا يمكن أن يكون هذا المشروع بمعزل عن البلد، فهناك إدارة للمشروع وإدارة للحكومة الكويتية، وهناك إدارة ثالثة تتمثل في إدارة النفط في الكويت، ولكل إدارة منها فكر وخطط عمل مختلفة، فكيف تكون هذه المشاريع تنموية وتخدم الكويت وهي بمعزل عن بعضها بعضاً؟ كما تساءل، "كيف سيتم توفير موارد التمويل لهذا المشروع؟ ففي مؤسسة البترول نجد أنها وضعت استراتيجية خاصة بها تختلف عن الاستراتيجية التنموية للكويت 2035، فكيف لهذه الاستراتيجيات النجاح دون ان يكون هناك تعاون"؟ تغيرات الأسواق العالمية من جانبه، تحدث مدير إدارة المحافظ الاستثمارية في شركة رساميل حيدر توفيق عن التغيرات التي حدث في الأسواق العالمية والخليجية خلال عام 2018، "فخلال العام الماضي كان الوضع جيداً بشكل كبير فيما يخص الأسواق العالمية، لكن في نهاية العام، وتحديداً في 24 ديسمبر 2018، تراجعت الأسواق بشكل حاد وتأثرت كثيراً بالاضطرابات السياسية العالمية وتوترات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين". وقال توفيق، إن هذه التغيرات المفاجئة أثرت على الأسواق العالمية جذرياً، لكن توجه "الفدرالي الأميركي" نحو الإبقاء على أسعار الفائدة الحالية، وتخفيض الارتفاعات المستقبلية لأسعارها، جاء بالخبر السعيد للأسواق العالمية والإقليمية، لتستعيد بعضاً من توازنها. توجيه الاستثمار من جهته، تحدث نائب الرئيس التنفيذي لإدارة الاستثمارات البديلة دخيل الدخيل عن أفضل السبل لاستثمار الأموال والمحافظة عليها من المخاطر، متطرقاً إلى قطاع العقارات بالولايات المتحدة الأميركية، وفي الفترة الماضية يعاني قطاع التجزئة هناك الركود والتراجع بعض الشيء. وقال الدخيل، إن وضع العقار البريطاني أفضل خلال الفترة الماضية من حيث الاستثمارات المتدفقة بالقطاع، وأنه على الرغم من ارتفاع أسعار العقارات فإن الإيجارات ظلت في حالة ثبات نسبي، وإن شهدت بعض الارتفاعات القليلة. وأوضح أن القطاع اللوجستي وقطاعات التكنولوجيا تتمتع بجاذبية كبيرة خلال الفترة الحالية والمقبلة للمستثمرين، إذ تتجه أغلبية الشركات والمستثمرين في العالم إلى هذه القطاعات الواعدة التي تحمل نسب نمو كبيرة بالمستقبل. ونصح الدخيل المستثمرين المقبلين على الدخول باستثمارات جديدة، بدراسة الاستثمار جيداً والتخصص في قطاع بعينة، إضافة الى البعد عن الدول التي تحمل مخاطر استثمارية أو غير المستقرة.
مشاركة :