} قد يبدو الخبر الذي تم نشره على لسان «حسن عباسي» أحد أبرز منظري «الحرس الثوري الإيراني» نهاية الشهر الماضي مضحكا، وهو يصرح بأن (بلاده تخطط لتحويل البيت الأبيض وقصر فرساي وباكنجهام بلاس إلى حسينيات شيعية وإحياء المراسم الدينية فيها عام 2065!) بحسب ما نقلته عنه وكالة «رووداو» الإخبارية العراقية الكردية 28 يناير 2019، مؤكدا وجود بلاده حاليا في «عدن وحلب والموصل»! ولكن الوجه الآخر لمثل هذا التصريح يوضح تماما الطموح الإيراني الأخرق الذي يتجاوز تهديده (العقدي) حدود المنطقة العربية والإسلامية ليوصله إلى أمريكا وأوروبا وهو يعمل بحسب خطته المسماة (الثورة المهدوية العالمية)، للاحتفال بـ«ميلاد» المهدي المنتظر بحسب الرؤية الإيرانية في البيت الأبيض وقصر فرساي وباكنجهام! } قال ذلك في ذكرى مرور 40 عاما على نظام الملالي، متباهيا بامتداد عمر نظامه! وأن زيارة بلاده «للقدس» ستكون بطريقة زيارة «شاه عبدالعظيم» ذاتها إلى شيراز، مبينا أن إيران كانت لديها سابقا أزمة حول مدينتي (المحمرة وعبدان في الأحواز) لكن اليوم توجد في حلب والموصل وعدن! بهذه الرؤية الاستعمارية والتوسعية يتحدث قادة الحرس الثوري «ذراع» خامنئي لدول المنطقة والعالم! في الوقت ذاته الذي قامت فيه أمريكا ودول غربية وعربية بتحالف «دولي» ضد إرهاب «داعش» كمثال لا نجد أي رؤية دولية واضحة ولا حتى في مؤتمر وارسو بأن التهديد والإرهاب الإيراني على الأمن والسلم العالمي، هو في الحقيقة متسع ويصل إلى اختراق المعتقدات والأديان الأخرى بنظام الولي الفقيه «الثيوقراطي» الذي يعمل على اختراق كل دول العالم بمعتقده المهدوي العالمي ونشاطه في القارات الخمس يثبت ذلك! } لا تزال أمريكا رغم كل تصريحات مسؤوليها النارية ترى أن تهديداتها وعقوباتها ضد إيران (لا تهدف إلى إسقاط النظام الإيراني)! ولا تزال أوروبا لا ترى في إيران تهديدا حقيقيا لها ولا تزال دول أخرى كبرى تتحالف معها! فيما «نظام الملالي» يعمل على اختراق كل هذه الدول بمعتقده «الثيوقراطي» واستخدام الدين للتوسع الاستعماري الذي يعمل حتى على احتلال الضمائر والعقول بل يصرح بذلك ويتباهى به علنا! } وفي الواقع فإن الموقف الأمريكي والغربي من الإرهاب الإيراني، وإرهاب أذرعه ومليشياته ودبلوماسييه الذين حولوا سفاراتهم إلى «أوكار تجسسية» وإلى بؤر لنشر التشيع والإرهاب أينما وجدوا هو موقف أقرب إلى الميوعة منه إلى الجدية! وهذا ما يجعل إيران بنظامها هذا أن تواصل توسعها واختراقاتها وتعتقد في نفسها أنها قوة لا يملك الغرب أو أمريكا إيقافها! ليس لأنها قوة بالمعطى الواقعي والحقيقي، ولكن لأن ضعف الموقف الأمريكي والغربي على (المستوى العملي) يتصرف بضعف ونعتقد أنه (ضعف متعمد) رغم كل التصريحات النارية ضد إيران! } إنه الضعف الغربي - الأمريكي المتعمد الذي أتاح في النهاية لإيران أن تتوسع وتتمدد، فمن خلال فزاعة تمددها يضعف الموقف العربي بالمقابل، وهو المطلوب غربيا، ويقتصر وعيه في التهديدات للوجود العربي على (التهديد الإيراني) وحده، فيما اللاعبون الكبار يلعبون لعبة الضغوط والاستنزاف والتمزيق لأهم الدول العربية وخاصة في الخليج العربي! وفي الواقع ندرك أن التصريحات الإيرانية تلعب على وتر «الحرب النفسية والإعلامية» كثيرا، ولكن بالمقابل ندرك أن الطموح التوسعي لغزو العالم بغطاء (المعتقد وولاية الفقيه) هو طموح قد أدار رأس «نظام الملالي» كثيرا، ومن فرط ضعف العالم الذي نراه متعمدا كما قلنا في مواجهته صدق هذا النظام أنه قادر على تحقيقه! فهل ترى أمريكا ويرى الغرب بدوله الكبرى أي فرصة جهنمية يتيحها للجنون الإيراني من خلال سياساته في المنطقة التي عملت عن عمد خلال العقود الماضية إلى تقوية إيران وإضعاف العرب من خلال خرائط التقسيم والمشروع الشرق أوسطي ثم اللعب على ورقة التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني باعتبار أن إيران هي عدوهم الأوحد؟! يوما ما ستدفع أمريكا وسيدفع الغرب نفسه ثمن هذه السياسة الخرقاء التي صنعوا بها الإرهاب الإيراني، وأفسحوا له المجال لينمو ويكبر ويتوسع، معتقدين أنه سيخدم مشروعهم التمزيقي في المنطقة وفقط!
مشاركة :