فهد الخليوي: شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت البيت الكبير للأدباء

  • 10/5/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

جدة عبدالعزيز الخزام يقول الكاتب والقاص فهد الخليوي، إن الأعباء والعقبات التي واجهت الكتاب والمؤلفين طويلاً في مرحلة النشر الورقي، باتت أطلالاً تقف عليها مواقع التواصل الاجتماعي، التي يرى أنها منحت المبدع مزيداً من الشغف وأعطت الإبداع الأدبي انتشاراً كونياً هائلاً. ويعتبر الخليوي أن مواقع التواصل الاجتماعي أشعلت رغبة الكاتب الأديب في تقديم كل ما هو جديد في الإبداع وبخطوات أسرع من ذي قبل، فلم تعد هناك أعباء وعقبات كالبحث عن دار نشر وتوزيع أو انتظار مراحل إنتاج الكتاب من طبع وتغليف، أو انشغال التفكير بعد الإصدار بجمع ردود الأفعال وتباين الآراء حول العمل الإبداعي. ويعد الخليوي واحداً من أبرز الأدباء المهتمين بالموجة الجديدة من المبدعين في الوسائط الحديثة على الإنترنت، وقدم عديداً من المقالات والأوراق حول «الإبداع الأدبي في شبكات التواصل الاجتماعي»، ومؤخراً قدم ورقة في هذا الإطار في مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع المنعقد في المدينة المنورة. ويلاحظ الخليوي أن السَّاحة الأدبية على المستوى المحلي والعربي «شهدت حراكاً أدبياً نوعياً، اتخذ وجهة جديدة من خلال التفاعل مع الإبداعات والتجارب الإنسانية المبثوثة عبر شبكات التواصل الاجتماعي»، ويتابع: «إن الخواص المتطورة في هذه المواقع الأممية أتاحت للمبدع أينما كان نشر نصوصه بقدر كبير من الحرية وعلى نطاق واسع، كما أن هذه المواقع التواصلية أحدثت موجة من التغيير في بنية الذهنية الكتابية خصوصاً في مجال الإبداع الأدبي؛ فمنذ فترة ظهر إنتاج أدبي جديد يُقرأ على شاشة الكمبيوتر، ومن خصائصه أن المبدع يقوم بدمج الوسائط الإلكترونية المتعددة نصية وصوتية وصُوَرية في بنية النص، وقد سمي هذا الإنتاج الأدبي بالأدب الإلكتروني أو بالأدب الرقمي، كما يُنعت أيضاً بالأدب التفاعلي». ويرى الخليوي «أن محاولة تحديد مفهوم للأدب الإلكتروني تجعلنا نناقش مختلف المفاهيم المعنية بضبط مصطلح هذا النوع الجديد من الأدب، في الوقت نفسه نتساءل عن المميزات التي جعلت من هذا الأدب يختلف عن الأدب التقليدي الورقي المطبوع، لدرجة جعلته يصنف بالنوع أو الجنس الإبداعي الجديد، فكيف يتجلى هذا الأدب؟ وقبل ذلك تجدر الإشارة إلى أن الاختلاف في المفاهيم يعود إلى اللبس الذي يشوبها بعض الشيء، وذلك راجع إلى كون المصطلح لا يزال متأرجحاً وغير مؤطر؛ أي أنه في طوره البكر تتجاذبه الرؤى والآراء على حد سواء في التجربة العربية وفي التجارب الأخرى، ومن ثم تعددت مسمياته التي نجدها كالآتي: إلكتروني، رقمي، تفاعلي، مترابط، معلوماتي، تشعبي، افتراضي». ويشير الخليوي إلى أن عالم الأدب عُرف في الحقب الماضية من خلال أوراق وقلم ينسج حبره كل ما يخالج نفس الكاتب من مواقف وآراء ومشاعر فيسطرها القلم على أوراق تتحول إلى مؤلفات أو أعمدة في الصحف الورقية، ليتابع بالقول: «ومع ثورة الاتصالات انتقل الكاتب المبدع إلى مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من مدونات وصحافة إلكترونية، التي أصبحت تحتل مكانة مهمة ومحفزة في عالم الإبداع، ومنافساً قوياً لوسائل النشر الورقي، حيث استطاعت الثورة الرقمية أن تحول نتاج الأديب من الحيز الجغرافي الصغير إلى حيز أكبر أصبح الأديب يسافر معه بمشاعره إلى عالم أوسع متخطياً حدود مجتمعه إلى مجتمعات إنسانية متعددة.». ويرى الخليوي أن مواقع التواصل الاجتماعي «تمثل منعطفاً فعالاً في انتشار الإبداع الأدبي وتفعيله إنسانياً، حيث تحولت مراحل الصبر الطويلة إلى ساعات أو دقائق معدودة، ليجد الكاتب نتاجه الأدبي الذي جادت به قريحته منشوراً أمامه وأمام الآخرين بكل تدفقه ونبضه، دون تدخل رقيب خارجي يحذف ما يشاء ويبقي ما يشاء، فهذه المواقع باتت رابطاً إيجابياً فاعلاً بين المبدع والمتلقي، فلا يلبث الكاتب أن يغرد أو يكتب قصة أو قصيدة حتى يجد صداها مباشرة من المتصفحين، إما بالنقد أو الإعجاب أو طرح التساؤلات التي من شأنها إثراء العمل الأدبي، ما يعطي الفرصة للمتلقي أن يناقش مكامن النص ويسبر أغواره بآلية مرنة، تكشف عن وجهات النظر ومدى أثر النص على الكاتب والمتلقي، فينتقل النص من القوالب الجامدة إلى قوالب أكثر تماهياً وحوارية، ويرتقي نبض النص ويتسع لعدد من القراءات التي تهبه كينونته إذا ما أخذنا في الاعتبار أن النصوص كائنات حية تنتعش بالاستنطاق والنقاش والتحليل والتأويل وتموت بموت هذا الحراك، وكل هذه الحركية تتم بفيض من التداول والانتقال لأكبر عدد من المهتمين والباحثين عن تذوق النصوص، فالنص المطبوع تظل حركته محدودة ومقصورة على عاملي الزمان والمكان». وحول منعطفات المرحلة الجديدة، يقول الخليوي: «إن مواقع التواصل الاجتماعي أشعلت رغبة الكاتب الأديب في تقديم كل ما هو جديد في الإبداع وبخطوات أسرع من ذي قبل، فلم تعد هناك أعباء وعقبات كالبحث عن دار نشر وتوزيع أو انتظار مراحل إنتاج الكتاب من طبع وتغليف أو انشغال التفكير بعد الإصدار لجمع ردود الأفعال وتباين الآراء حول العمل الإبداعي، كل تلك الأعباء والعقبات باتت أطلالاً تقف عليها مواقع التواصل بكل ثبات لتمنح المبدع مزيداً من الشغف الكتابي، وتعطي الإبداع الأدبي انتشاراً كونياً لا نهاية له. والأهم من ذلك هو أن مواقع التواصل فتحت المجال للتعريف بالأدب العربي وانتشاره عالمياً، ونالت بعض الأعمال الأدبية العربية التي كانت بعيدة عن الأضواء كثيراً من المتابعة والاهتمام، وترجم بعضها إلى عدة لغات، ولم تقتصر فائدة مواقع التواصل الاجتماعي على الإبداع الأدبي فحسب، بل شملت فائدتها كافة الأنشطة الكونية؛ إذ فتحت المجال واسعاً لتلاقح الأفكار المختلفة وصهرها بما يفيد البشرية». ولما كان العالم يتجه إلى وحدة إنسانية عبر الشاشة الصغيرة ، فإن الخليوي يعتقد أن «من إيجابيات شبكات التواصل الاجتماعي أنها شكلت خليطاً من ثقافات متعددة وفئات عمرية مختلفة، فهذه المواقع ذات بعد عولمي لا حدود له، وقد تحولت إلى حاضن حضاري لشتى المعارف والإبداعات الإنسانية، غير أنه توجد مع الأسف على بعض صفحات هذه المواقع أفكار مريضة تروج لها مخلوقات شريرة ضربت بالنزاهة وبالقيم الإنسانية عرض الحائط، ونسخت من قاموسها لغة حوار فاسدة شذت عن الارتقاء إلى مستوى الوعي الهادف، وأصبحت تنشر ثقافة الظلام وتحرض على تأجيج الفتن الطائفية والعنصرية». مختتماً بالقول «إن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت منبراً حراً لكل الناس وبيتاً كبيراً لكل أديب وفنان».

مشاركة :