تحول كبير يشهده الوضع الليبي بعد تقدم الجيش الوطني في منطقة الجنوب الغربي، فالمؤسسة العسكرية، التي أعادت ترتيب أوراقها لتقود عملية الكرامة منذ ربيع 2014 بعدد من الضباط والجنود لا يتجاوز 400 فرد، تحولت اليوم إلى الرقم الأصعب في المعادلة السياسية والاجتماعية والميدانية، وإلى قوة ضاربة قوامها أكثر من 30 ألف عسكري إضافة إلى الكتائب المساندة ورجال القبائل الداعمين، تعتمد نظاماً صارماً في توجيه قدراتها والتخطيط لأهدافها، وتعمل على استعادة هيبة الدولة وسيادتها على أرضها، وتحظى بدعم وتأييد الأغلبية الساحقة من الليبيين. إذاً، وبعد تحرير كامل إقليم برقة من الإرهاب، وبسط نفوذ الشرعية على مساحته الشاسعة ( 551٬170 كم2 ) وتحرير مناطق الهلال النفطي، ومنطقة الجفرة، والسيطرة على إقليم فزان (551٬170 كم2 ) ونقل كل الحقول النفطية من سلطة الميليشيات الخارجة عن القانون إلى سلطة الدولة، يمكن القول إن الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر بات يهيمن على نحو 90 في المائة من الأراضي الليبية، خصوصاً إذا احتسبنا عدداً من مناطق إقليم طرابلس التي توجد بها قوات عسكرية نظامية مرتبطة مباشرة بالقيادة العامة في الرجمة، شرقي البلاد. ووفق المراقبين، فإن الجيش الليبي بانتصاراته المتتالية، أطاح نهائياً بأي مخطط لتقسيم البلاد، وقضى على الجماعات الإرهابية المرتبطة بقوى الإسلام السياسي في كل المناطق التي دخلها، وهو ما يتجسد حالياً في تحول سبها، عاصمة إقليم فزان، من ساحة للفوضى والاحتراب الأهلي، إلى مدينة هادئة بعد أسبوعين من دخول طلائع الجيش إليها. يقول عز الدين عقيل المحلل السياسي ورئيس حزب «الائتلاف الجمهوري» الليبي، لـ«البيان»: «لو سألتني عن الحل في ليبيا في أوائل يناير الماضي، لقلت لك إنه يحتاج إلى تدخل مباشر من الأمم المتحدة لنزع سلاح الميليشيات، وجمع أمراء الحرب لفرض قرار دولي عليهم، وإرسال قوة لحفظ السلام، ولكن ما قام به الجيش في الجنوب، غيّر المشهد كلياً، وأكد أن الحل سيكون ليبياً، وبقدرات الليبيين وتضحياتهم». وأضاف عقيل «لقد أثبتت الأحداث أن الجيش الوطني اليوم هو جيش قوي، وكتائبه قوية، ولديه مقاتلون أشداء من خريجي الأكاديميات العسكرية والمدارس المتخصصة، كما لديه عناصر من القوات الخاصة التي تدربت على المهمات الصعبة، وهذا الجيش كان قد واجه أشرس حرب في بنغازي، لكن معاركه اللاحقة مثل تحرير درنة، والهلال النفطي، ودخول مناطق الجنوب، تعتبر فسحات أمام ميليشيات مفككة وعناصرها لا تمتلك أية قدرة على القتال، أو قناعة بالدور الذي تقوم به، لذلك كانت سرعان ما تخلي مواقعها، وتترك المكان للقوات النامية». وتابع عقيل، إن «الجيش الوطني هو الضامن اليوم لاستعادة سيادة الدولة الليبية، ولبناء مؤسساتها، وهو حيثما حل أطاح بالميليشيات وأعطى مهمة الأمن المحلي إلى جهاز الشرطة، حيث لا تتدخل قواته إلا في الظروف الطارئة، وهو ما نراه حالياً في المنطقة الشرقية التي عاد إليها أمنها واستقرارها، وعادت مؤسساتها الأمنية والقضائية والإدارية والتعليمية والثقافية وغيرها إلى العمل». خطوة لا بد منها كانت الجغرافيا الليبية إلى وقت قريب مهددة بالتقسيم، وفق ما كان سائداً قبل الاستقلال في العام 1951، فاسم ليبيا لم يكن موجوداً حتى العام 1936 عندما قررت إيطاليا توحيد مستعمراتها الثلاث طرابلس وفزان وبرقة ضمن إقليم واحد، اعتبرته شاطئها الرابع، وقد جاءت بالاسم من التاريخ البعيد عندما كان الفراعنة والإغريق يطلقون على قبائل ما وراء غرب مصر وحتى المحيط الأطلسي اسم الليبيو. وخلال السنوات السبع الماضية، عرفت البلاد حالة من الانقسامات الحادة التي كانت تهدد بتقسيم البلاد، خصوصاً في ظل التهميش الذي عرفه إقليم فزان، ومحاولات بعض مدن المنطقة الغربية السيطرة على مقدرات البلاد اعتماداً على الميليشيات المسلحة المرتبطة بقوى الإسلام السياسي مثل الدروع التي شكلها المؤتمر الوطني العام في العام 2012، ومجالس شورى الثوار، حيث انطلقت عمليات التصفية المتعمدة لكل من يعارض المشروع الإخواني في البلاد، ما دفع بالجيش الوطني إلى لملمة صفوفه وإطلاق عملية عملية الكرامة من بنغازي في مايو 2014، والتي سعى الإسلاميون لمواجهتها من خلال منظومة فجر ليبيا التي سيطرت على العاصمة طرابلس. وأعلنت الانقلاب على نتائج الانتخابات وخاضت صراعات دموية مع القبائل والمناطق المجاورة لطرابلس، يقول المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة «الحدث» الليبية محمود المصراتي «كنت شبه متأكد من أن ليبيا تتجه إلى التقسيم إلى أن سنحت لي الفرصة واجتمعت بالمشير خليفة حفتر، وبعد حديث مطول معه، أدركت أن الرجل مصمم على حماية الوحدة الترابية لليبيا، ومنع أي مشروع تقسيمي مهما كان الواقفون وراءه». ويضيف «الإسلاميون كانوا مع فكرة التقسيم، فهم مقتنعون بأنهم لم يعد لهم مكان في إقليم برقة، لذلك كانوا يعلمون على التقوقع في غرب البلاد مع الاستفادة من ثروات الجنوب الغني بالنفط والغاز والماء والمعادن والمنتجات الزراعية، ولكن وصول الجيش إلى فزان، أنهى مشروعهم، وأكد أن ليبيا ستبقى واحدة، ولن تتقسمّ» ويقول المحلل السياسي عبد الباسط بالهامل لـ «البيان» إن «الجنوب الليبي الذي واجه الانفلات والفوضى، كانت مستهدفا من قبل أطراف عدة عملت على تغيير تركيبته الديموغرافية اعتماداً على التنوع العرقي والقبلي، حيث كان الهدف الاستفادة من حالة الارتباك الأمني لتوطين عشرات الآلاف من الأفارقة النازحين من دول الجوار كالتشاد والنيجر، وهذا ما تبين مؤخراً من دعوات توجهت بها بعض الزعامات الإثنية لفصل الجنوب عن بقية البلاد، وهو خطر حقيقي نجح الجيش في مواجهته، بطرد الدخلاء وإعادة الوفاق بين القبائل المتصارعة». معركة تحرير الجنوب الليبي التي يخوضها الجيش الوطني كشفت عن طبيعة الصراع حول المنطقة، وهو صراع مصالح في ظل الخلافات الأوروبية حول تقييم الوضع في البلاد، والذي تبين بالخصوص في المواجهة العلنية بين روما وباريس، وفي الموقف البريطاني «المعرب عن قلقه» من الوضع في إقليم فزان. فبالنسبة للموقف الإيطالي يبدو أنه بات شبه عاجز عن فرض نفسه، بعد أن كانت روما وضعت كل البيض في سلة طرابلس، وقبلها مصراته كونها المدينة الاقتصادية الأبرز وكذلك مركز الميليشيات الأهم في المنطقة الغربية، وهو ما يفسره المحللون بسعي الحكومة الإيطالية إلى تأمين سواحلها من الهجرة السرية. موقف واضح من جانبها، تبدو فرنسا الأكثر وضوحاً في دعمها للجيش الوطني، حيث أعلنت الخارجية الفرنسية، أن العمليات العسكرية التي قام بها الجيش الوطني الليبي مؤخراً سمحت بالقضاء على أهداف إرهابية مهمة، وذكرت الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الفرنسية آنييس فن دور مول، أن «النفط هو ثروة وطنية يجب أن يستفيد منها جميع الليبيين كما يجب أن تبقى مدارة بشكل حصري من قبل الشركة الوطنية للنفط ومركزها طرابلس». وتابعت المسؤولة الفرنسية أن بلادها متمسكة بوحدة وسيادة واستقلال ليبيا وهي تدعم جميع القوى الليبية التي تحارب الإرهاب. وتجسد موقف باريس على الأرض، عندما قامت طائرات سلاح الجو الفرنسي بتوجيه ضربات مركّزة لميليشيات المتمردين التشاديين أثناء فرارهم من الجنوب الليبي في أتجاه الأراضي التشادية، وقتلت المئات منهم، ووفق مراقبين، فإن فرنسا تبدو أكثر تفهماً لموقف الجيش الليبي وقائده العام المشير خليفة حفتر، خصوصاً في ظل تحول ليبيا إلى ممر لعبور جحافل الهجرة السرية الأفريقية نحو الضفة الشمالية للمتوسط، وتحول الأراضي الليبية منذ سبع سنوات إلى مصدر تهديد لأمن دول الساحل والصحراء ذات العلاقة التاريخية والاقتصادية والثقافية الوطيدة بباريس. تدخلات لا تزال تركيا تعمل بقوة على زعزعة الأمن في ليبيا، وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني، وهو ما تم الكشف عنه في مناسبات عدة، وبخاصة مع ضبط شحنات من الأسلحة كانت سلطات أنقرة قد أرسلتها إلى حلفائها من ميليشيات الإسلام السياسي سواء كانت من جماعة الإخوان أو من الجماعة المقاتلة. جماعات الإرهاب 2011 تأسست كتائب راف الله السحاتي الإرهابية المتورطة في اغتيال السفير الأمريكي في بنغازي، وكانت في البداية تتبع مجموعة شهداء 17 فبراير، ولكنها أعلنت استقلالها عن هذه الكتيبة. تلقت الكتيبة العديد من الضربات الجوية من قبل الجيش الليبي، ما دفعها للتحالف مع ميليشيات أخرى، وأطلقت ما يُسمى «فجر ليبيا» للرد على عملية الكرامة التي يقودها الجيش الليبي. 2012 أعلن تنظيم «أنصار الشريعة» الإرهابي عن نفسه للمرة الأولى في ليبيا في فبراير 2012، ونظم مؤتمره التأسيسي في يونيو من العام نفسه، وحضره ما يقارب 1000 شخص، وشاركت ميليشيات «راف الله السحاتي» في تأسيسه قبل أن تنفصل «أنصار الشريعة» عنها، ويوجد في مدن «درنة، وبنغازي، وطرابلس». 2014 تأسس مجلس شورى ثوار بنغازي في يونيو 2014، وذلك بعد عملية الكرامة التي أطلقها الجيش الليبي لتطهير ليبيا من الجماعات الإرهابية، ويتكون المجلس من ميليشيات «أنصار الشريعة، وراف الله السحاتي، وشهداء 17 فبراير، ودرع ليبيا». 300 وفي 2014 عاد أكثر من 300 من محاربي لواء البتار إلى مدينة درنة في ليبيا قادمين من سوريا، وأنشأوا فصيلاً جديداً باسم «مجلس شورى شباب الإسلام»، الذي بدأ في تجنيد مقاتلين من جماعات محلية أخرى. 2015 مؤسس هذا التنظيم هو سالم دربي، من مواليد طبرق عام 1972، ومقيم في درنة، يتكون تنظيم مجلس شورى مجاهدي درنة الإرهابي من تحالف من كتائب مسلحة أعلن موالاته لتنظيم القاعدة، وبرز بقوة على الساحة بعد نجاحه في طرد عناصر «داعش» من أغلب أحياء مدينة درنة العام 2015. 2016 مجلس شورى ثوار أجدابيا وهو جماعة إرهابية تتمركز في مدينة أجدابيا غرب بنغازي، ويقودها محمد الزاوي، وأعلنت وكالة «أعماق» التابعة لتنظيم «داعش» مرتين أن الزاوي قد بايع التنظيم أوائل العام 2016 وهو ذات العام الذي تأسس فيه تنظيم سرايا الدفاع عن بنغازي الإرهابي. 2018 كان أول إعلان لتنظيم داعش في ليبيا في أكتوبر 2014 عبر مقطع فيديو، استقر بعده في مدينة درنة، ثم اتخذ من مدينة سرت عاصمة له، إلى أن تمكنت القوات الليبية المدعومة بالتحالف الدولي من طرده منها عام 2016، ورغم انتهاء التنظيم كقوة مسيطرة في الداخل الليبي، إلا أن هناك العديد من المناطق التي فرت إليها عناصر التنظيم، ما يعني أنه لا يزال يشكل خطراً مع دخول عام 2018. عودة الأمن إلى الجنوب أهم الأولويات بدخول الجيش الوطني مناطق إقليم فزان، عاد الأمن والاستقرار تدريجياً إلى عاصمته سبها وعدد من المدن والقرى الأخرى، بينما بدأت الحكومة المؤقتة التابعة لمجلس النواب في مد السكان المحليين بالخدمات العاجلة كالوقود والتموين والأدوية والسيولة المالية. وقال عميد المجلس البلدي- سبها حامد الخيالي لـ«البيان» إن هناك نقلة مهمة في الوضع الأمني بالمدينة وضواحيها، وإن السكان المحليين شعروا بالفارق الكبير بين ما كانوا وما أصبحوا عليه، وأن الأغلبية الساحقة من أبناء سبها والمنطقة الجنوبية يدعمون الجيش الوطني في خطوته لتطهير الجنوب من الإرهاب والمرتزقة والجريمة المنظمة وتابع الخيالي أن سنوات الانفلات والفوضى أثرت سلباً على حياة السكان وعلى مستوى الخدمات، وأن المنطقة تحتاج إلى إعادة إعمار فعلي وإلى ترميم وصيانة ما تم تخريبه سابقاً أو الإضرار به من المؤسسات والمصالح الإدارية والصحية والأمنية والتعليمية وغيرها. وفي 30 يناير الماضي قال الناطق باسم القيادة العامة للجيش أحمد المسماري، إن عملية تطهير الجنوب تسير على مراحل عدة، أولها هي التحشيد، والثانية هي الانتقال، أما الثالثة فهي تطهير مدينة سبها من الإرهابيين والعصابات، وإن المرحلة الثالثة بدأت، حيث تم تطهير 100% من المصالح الحكومية في الجنوب، وتسليمها للجهات المعنية لافتاً إلى أن من بين الجهات التي تم تسليمها مقراتها جهازي الأمن الخارجي والداخلي اللذين عادا إلى العمل. وأضاف المسماري،«إن الجيش لا يحتل مقرات، بل يطهرها من الإرهابيين والعصابات، ويسلّمها للجهات المعنية» وأشار إلى أن القوات المسلحة تساعد بعمليات حفظ الأمن الذي هو مسؤولية الشرطة، مؤكداً تحسن الأوضاع الخدمية في الجنوب بوصول الوقود وبيعه بالسعر الرسمي، وكذلك غاز الطهي، والسيولة المالية. وبعد سبع سنوات من الفوضى والانفلات، عاد الأمن والاستقرار إلى مدينة سبها عاصمة الجنوب وكبرى مدنه، وفتح جهاز الشرطة مقراته من جديد، وأفاد المكتب الإعلامي لمديرية أمن سبها، بأنَّ أجهزة المدينة تواصل مساعيها لضبط الأمن بالمدينة، وذلك بالتزامن مع تنفيذ الخطة الأمنية بالمشاركة مع الشرطة العسكرية. وأشارت مديرية أمن سبها إلى أن مديرها العميد الساعدي محمد علي قام بمتابعة آليات العمل وتقسيم الشوارع والمفترقات إلى قطاعات لتأمين كل قطاع والإشراف عليه من قبل المستويات الإشرافية والتأكد من التواجد الأمني الدائم لتقليل فرص وقوع الجرائم، بينما أكد السكان المحليون أن عصابات السرقة والاختطاف والحرابة قد اختفت من المناطق المجاورة والطرق الصحراوية. قطر وتركيا تتحملان مسؤولية تدمير الأمن والسلم في ليبيا الناطق باسم الجيش الوطني الليبي، العميد أحمد المسماري قال إن تركيا وقطر تتحملان «مسؤولية تدمير قواعد الأمن والسلم في ليبيا، وعلميات الاغتيالات في صفوف الأمن والجيش والمحامين، إلى جانب ضلوعها بالعديد من العمليات الإرهابية»، وأكد أن أنقرة تخرق قرارات مجلس الأمن التي تحظر تزويد الإرهابيين بالسلاح، فضلاً عن خرق القرار الخاص بحظر توريد السلاح إلى ليبيا. وأردف المسماري: «نحن نعرف معنى السيادة، ولدينا من الخيارات ما يمكن أن نعاقب به تركيا، لكن نسعى إلى أن يكون هناك دور لمجلس الأمن»، مطالب الأخير باتخاذ موقف إزاء التدخلات التركية، التي تطيل أمد الأزمة الليبية، وتابع: «سنحاسب تركيا بكل الوسائل المتاحة، إذ لديها شركات عاملة ومصالح في ليبيا وكنا نتمنى أن تكون أداة بناء لا هدم، وعليها أن تتحمل مسؤوليتها». كان النظام التركي على علاقة جيدة بالنظام الليبي السابق، حيث عقد معه اتفاقيات اقتصادية كبرى، ومع بداية الأحداث أتتخذ أنقرة موطأ قدم بدأ صغيراً ثم اتسع من خلال التحالف مع قوى الإسلام السياسي وتبني مواقفها وتسليح ميلشياتها واحتضان قياداتها وقنواتها الإعلامية،التي تمولها قطر وهو جعل المراقبين يشيرون إلى رغبة الأتراك في السيطرة على المشهد العام في ليبيا. وبدوره، لفت وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى أن «الدور الذي تلعبه تركيا في بعض الدول وخاصة في ليبيا دور مقلق ولا نقبل أن يمتد إلى دول أخرى في القارة الأفريقية»، مشيراً إلى أن «ما يحدث في ليبيا له تأثير مباشر على مصر»، مضيفاً: «إن تأمين الحدود المصرية الليبية يكلف الكثير من الجهد والموارد والأرواح». وأشار إلى «إننا نعلم جيداً ما هي مصالحنا ولدينا القدرة للدفاع عنها وفي الوقت ذاته لا نحجر على أي علاقات أخرى طالما أنها لم تأت بشكل مباشر بالضرر علينا»، لافتاً إلى «وجود جهات تتدخل في الشأن الليبي وتقدم الدعم والسلاح وتوفر الموارد للتنظيمات الإرهابية». وأضاف «الدول والأجهزة ترصد عمليات الدعم التي تقدم للتنظيمات، وإذا كانت هناك مصداقية لدى المجتمع الدولي عندما يعقد المؤتمرات لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه، فلا بد أن يواجه هذه الحقائق ويتعامل معها بشكل صريح حتى لا يصبح في الأمر ازدواجية وربما توظيف سياسي مغلوط لهذه الظواهر». التبو.. طموحات قومية غذتها الفوضى الإقليمية لم يجد مناهضو الجيش الوطني سوى فرية التعدي على حقوق التبو وشن حرب إبادة ضدهم لمواجهة تقدمه في مناطق الجنوب، يعود ذلك إلى أن أغلب متمردي المعارضات التشادية والنيجيرية والسودانية الذين كانوا يستبيحون الأراضي الليبية هم من أبناء قبائل التبو والقرعان الذي يمثلون مجموعة إثنية في الدول الأربع يصل تعدادها الكلي إلى 750 ألف نسمة، كان بعض قياداتها يرفع شعار تقرير المصير في حالة استمرار الفوضى في المنطقة، حتى إن عضو مجلس النواب رحمة أبوبكر، قالت إن من حق التبو المطالبة بتقرير المصير، في حالة استمرار الحرب التي وصفتها بالعرقية على قبيلة التبو في المنطقة الجنوبية، وفق تعبيرها. وللرد على تلك الاتهامات، قال رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الليبية الفريق عبدالرازق الناظوري «نحن لا نقاتل قبائل التبو الليبيين، نحن نقاتل المعارضة التشادية، ولن نسمح لهم بالبقاء في ليبيا»، مؤكداً أن «الجيش لديه ضباط من التبو متواجدون في الصفوف الأولى وهم ليبيون نحترمهم ونقدرهم». وكان إبراهيم الجضران الإرهابي الفار من العدالة والمدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن والولايات المتحدة الأمريكية اتهم في شريط فيديو قوات الجيش بشن حملات ممنهجة ضد التبو في الجنوب، مدعياً أنه موجود في الجنوب لنصرة قبائل التبو، حسب وصفه. غير أن ملاحقة المتمردين والمرتزقة الأجانب، ساهم في توحيد أبناء القبائل العربية الكبرى في الجنوب ومن بينهم أولاد سليمان، والحساونة، والمقارحة، والقذاذفة، والمجابرة، وأولاد إمحمد، إلى جانب الطوارق، لدعم جهود الجيش في إعادة الأمن والاستقرار للمنطقة. وكانت ميليشيات التبو قد دخلت في مواجهات مسلحة مع أولاد سليمان والطوارق في مناسبات عدة، وخاصة في سبها وأوباري، وفي مارس 2018، وقال رئيس المجلس الأعلى لقبائل التبو في ليبيا، الشيخ علي بركة التباوي، إن الجنوب الليبي محتل من قبل العصابات الأفريقية المرتزقة من تشاد والنيجر والسودان، وذلك منذ سقوط نظام القذافي عام 2011. واتهم التباوي مخابرات دول إقليمية وأوروبية بالوقوف وراء تلك الصراعات، ومحاولة إغراء التبو منذ العام 2012، بالمليارات، من أجل الانفصال عن ليبيا، داعيا قبائل الجنوب إلى تغليب الوطنية على النزعات العرقية ومساندة الجيش الليبي. لعب على الإثنية ووفق المحلل السياسي عبد الحكيم معتوق أن الإخوان وحلفاءهم حاولوا اللعب على عنصر التداخل الإثني والقبلي لفرض أجنداتهم في الجنوب الليبي، وهو ما سبق أن كشف عنه رئيس كونغرس قبيلة التبو المستشار السابق لرئيس مجلس النواب الليبي عيسى عبد المجيد، بقوله إن الجماعات المتطرفة تثير النعرات القبلية في ليبيا، مشيراً إلى أن الأقليات، ومنها قبائل التبو والطوارق الأمازيغ «تعاني من التهميش والفقر، رغم وجودها في مناطق غنية بالنفط والغاز». مضيفا أن عسكريين من قبيلته يشاركون الجيش الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر «في مكافحة الإرهاب والحرب على الجماعات المتطرفة، لفرض الاستقرار في عموم البلاد». الجيش الليبي يؤمّن مصدر قوت الليبيين في الجنوب نجح الجيش الليبي في بسط سيطرته على حقل الشرارة النفطي الواقع جنوب غربي البلاد، وباشرت وحدات منه تأمين الحقل ومحيطه بالكامل. وحقل الشرارة، هو أكبر حقل نفطي في ليبيا بإجمالي احتياطيات مؤكدة تبلغ 3 مليارات برميل، بينما يصل الإنتاج اليومي إلى 300,000 برميل. وأكد مدير المكتب الإعلامي للقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية خليفة العبيدي يوم 11 فبراير الجاري أن «القوات المسلحة العربية الليبية نجحت في بسط سيطرتها الكاملة على حقل الشرارة النفطي»، مؤكداً «استتباب الأمن بداخل الحقل ومحيطه بالكامل مع توافد العديد من وحدات القوات المسلحة على المنطقة». وقال العبيدي إن «سيطرة الجيش على حقل الشرارة النفطي جاء بالتنسيق مع حرس المنشآت النفطية وكذلك قبائل وأعيان المنطقة الذين كان لهم دور كبير وحقيقي في تسهيل مهمة دخول قوات الجيش إلى حقل الشرارة وتأمينه بشكل كامل»، مشيراً إلى أن «قوات الجيش تقوم الآن في تأمين كل الإدارات والمواقع الخدمية الموجودة داخل حقل الشرارة النفطي». وأعلن المجلس الاجتماعي الأعلى لطوارق ليبيا عن استجابته لنداءات أهلهم في فزان فهم شركاؤهم في الوطن والمصير بشأن الوضع في حقل الشرارة النفطي، وقال في بيان، إنه بعد اتصالات وجهود مضنية مع كل المكونات الاجتماعية والعسكرية في أوباري تم تسليم حقل الشرارة النفطي ومحطة كهرباء أوباري وكل مؤسسات الدولة في أوباري للقيادة العامة للجيش الليبي، مؤكداً أن هذه الخطوة تأتي لتنفذ عملياً ما ورد في بيان المجلس الاجتماعي الأعلى لطوارق ليبيا في مباركته لعملية تطهير الجنوب الصادر في 17 يناير 2019. بدوره، بيّن رئيس المجلس الاجتماعي لقبائل الطوارق حسين الكوني، أن تسليم المجلس الاجتماعي لقبائل الطوارق حقل الشرارة النفطي ومحطة كهرباء أوباري وكل مؤسسات الدولة في أوباري للقيادة العامة للجيش الليبي، يدل على أن الطوارق ليسوا ضد الجيش والشرطة، مؤكداً أن أبناء المنطقة تمكنوا من تأمين حقول النفط ومحطة أوباري الغازية. دولة مؤسسات وأشار الكوني إلى أن الطوارق مع دولة ليبيا الواحدة دولة المؤسسات التي هي مطلب كل الليبيين وأن ما تم في مدينة أوباري من تسليم جميع المؤسسات للجيش الوطني كان بجهود الخيرين من جميع مكونات أوباري وأبناء المؤسسة العسكرية الليبية. ويرى المراقبون أن هذا الموقف من أبناء الطوارق قطع الطريق أمام محاولات الزج بهم في احتراب أهلي. وقال المحلل السياسي الليبي عبد الباسط بالهامل لـ«البيان» إن «الجيش الليبي قاد باقتدار معركة الدفاع عن ثروة الليبيين، وأثبت للجميع أنه يقوم بدوره الوطني كاملاً وليست له أية أطماع في مداخيل النفط، وهو ما زاد من احترام الشعب له، فالليبيون يدركون جيداً أن الثروة النفطية تحرك أجندات الجهات الخارجية والداخلية، وأن جيشهم نجح في تأمين تلك الثروة». حرصا على تعميم الفائدة ننشر لكم صفحات البيان المخصصة لملف "ليبيا" بنظام " بي دي إف " ولمشاهدتها يكفي الضغط هنا طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :