أقنعة دينية وماركسية وعرقية يرتديها أخطر تنظيم إرهابى بالبحيرات العظمى الأفريقية

  • 2/19/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعد " تحالف القوى الديمقراطية " أخطر التنظيمات الإرهابية التى يتسم نشاطها بتنوع منطلقات تجنيده لعناصره فى منطقة البحيرات العظمى الافريقية ،ويشكل هذا التنظيم المتلون ،نموذجا لتلك الكيانات الإرهابية العابرة للحدود التى نبهت مصر فى مؤتمر ميونيخ للأمن الى خطورتها على استقرار السلم و الأمن العالمى ،ووجوب التحالف للقضاء عليها و على مموليها و داعميها و مقدمى الملاذات الآمنه لعناصرها.ويضم تنظيم " تحالف القوى الديمقراطية متطرفين من الجهاديين التكفيريين و آخرين من المتعصبين عرقيا فضلا عن العناصر الانفصالية و المتمردة حتى العناصر المعتنقة للأفكار اليسارية و الفوضوية ذات التوجه اليسارى ، ومن هنا يكتسب " تحالف القوى الديمقراطية " خطورته من شمولية انتماءات منتسبيه فكريا وتلاقيهم برغم ذلك فى هدف واحد وهو زعزعة استقرار دول هذا الجزء من أفريقيا و الإطاحة بمن يستطيعون من أنظمتها إذا وجدوا إلى ذلك سبيلا . عملياتيا .. ينشط تحالف القوى الديمقراطية فى منطقة البحيرات العظمى الأفريقية منذ ما يزيد على خمسة و عشرين عاما عندما أطلق رصاصته الأولى ، و يصف خبراء الأمن فى مفوضية الاتحاد الافريقى تنظيم تحالف القوى الديمقراطية بأنه تنظيم مرتزق يعمل كبندقية للإيجار للأطراف المتصارعة فى منطقة البحيرات العظمى الافريقية أو لتصفية الحسابات فيما بينها أو كوكيل عن منظمات إرهابية أخرى ، و من هنا لعب هذا التنظيم دورا كبيرا فى تأجيج الصراعات فى منطقة البحيرات العظمى و إفشال جهود بناء الأمن والاستقرار فيها . وزاد من خطورة " تحالف القوى الديمقراطية " ارتداء التنظيم عباءة التسلف الجهادى تارة و عباءة الاشتراكية الثورية العلمية اللادينية تارة أخرى ، بما عزز من قدرته على تجنيد الاتباع من كل اتجاه ، وفى أحيان كثيرة ارتدى التنظيم قناع التعصب العرقى والتعصب القومى مستهدفا اجتذاب كل أصحاب النزعات الانفصالية على اختلاف مشاربهم وليجد كل منهم مأربه بالانضمام الى صفوفه . ويعد تحالف القوى الديمقراطية أحد أكثر التنظيمات " غموضا " على ساحة الإرهاب فى أفريقيا و تتمركز قواعده فى مناطق المتاخمة الحدودية لكل من أوغندا و الكونغو الديمقراطية وبذلك يصعب احتساب هذا التنظيم على هذه الدولة أو تلك وقد زادت وتيرة عملياته الإرهابية فيما بين عامى 2017 و 2018 من 38 إلى 132 عملية ، أوقعت 416 قتيلا فى العام الماضى وحده ، ونصف هذا العدد تقريبا فى العام 2017 . ويقوم تنظيم تحالف القوى الديمقراطية باستهداف قوات حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة العاملين فى مهمة حفظ الاستقرار فى الكونغو الديمقراطية حيث لا يريد هذا التنظيم وجود " شرطى ضابط للاستقرار " فى افريقيا على الإطلاق ، وابتداء من العام 2014 بدأ التنظيم أنشطته الاستهدافية للمدنيين فى المناطق الحدودية بين الكونغو الديمقراطية و أوغندا حيث بلغت محصلة قتلى المدنيين فى تلك المناطق الحدودية منذ ذلك العام و حتى نهاية العام 2018 نحو 700 قتيل مدنى .وتشير تقارير استخباراتية إلى محاولة تنظيم تحالف القوى الديمقراطية نسج علاقة مع تنظيم داعش الإرهابي قبل خمسة أعوام حيث كانت داعش فى ذروة قوتها مستغلة اتساع رقعها المسيطرة على مناطق فى العراق و سوريا ، آنذاك سعت قيادة تنظيم تحالف القوى الديمقراطية فى أفريقيا إلى العمل كوكيل لداعش فى منطقة البحيرات العظمى الأفريقية تحت مسمى " مدينة التوحيد و الجهاد " بزعم إقامة " دولة خلافة " فى منطقة البحيرات العظمى تحت سلطان داعش وسعى التنظيم كذلك الى تشجيع القبائل المسلمة فى الكونغو الديمقراطية على الثورة و حمل السلاح تحت لواء داعش وفى هذا المسعى كان قناع التسلف الجهادى هو الأنسب لتنظيم تحالف القوى الديمقراطية الإرهابى لكى يرتديه . ويعد تنظيم تحالف القوى الديمقراطية أحد أقدم التنظيمات الإرهابية و الإجرامية العاملة فى أفريقيا و تعود جذوره إلى جماعة التبليغ فى أوغندا فى منتصف تسعينيات القرن الماضى وهى جماعة سلفية جهادية مصنفة أمنيا كجماعة عنف متطرفة ذات أفكار تكفيرية بدأت نشاطها فى الكونغو الديمقراطية قبل ذلك بعقود و تجذرت فى معتركات العمل المجتمعى و السياسى فى الكونغو إلى أن اتضحت مطامعها فى الوثوب على السلطة مما دفع السلطات الكونغولية إلى حظر نشاطها و ملاحقة قياداتها و منتسبيها و جمع أسلحتهم و كثير منهم اضطر إلى الفرار إلى الأراضى الأوغندية . وتكشف التقارير الأمنية عن غموض شديد فى طبيعة بنيته التنظيمية و العملياتية ، ويعد هذا الغموض و السرية المشددة فى عمل التنظيم سببا أساسيا فى إطالة عمره و إخفاق ملاحقة قياداته لسنوات طويلة . و تاريخيا .. تشكل تحالف القوى الديمقراطية فى العام 1995 نتيجة اندماج بين جماعة التبليغ و الدعوة الأوغندية التى تأسست فى العام 1991 و فلول من تنظيم الجيش الوطنى لتحرير أوغندا الفارة إلى الكونغو الديمقراطية وهو تنظيم انفصالى مسلح يعتنق الأفكار الماركسية أجهضته قوات الرئيس الاوغندى يورى موسيفينى وانصاره من حركة المقاومة الوطنية. وتعود بذرة التنظيم الأولى إلي عام 1991 عندما سيطر جميل موكوكو ( جماعة الدعوة و التبليغ) فى اوغندا بقوة السلاح على المجلس الأعلى لمسلمى اوغندا ساعيا الى بث الأفكار المتطرفة التى تميل إلى العنف و التكفير فى أوساط مسلمى اوغندا ، وكان ذلك كافيا لدفع أجهزة الأمن الأوغندية إلى ملاحقة ماكوكو و 400 من اتباعه و سجنهم جميعا لمدة ثلاثة أعوام.وبعد الافراج عنه فى 1994 اتجه ماكوكو برفقة نفر من اتباعه إلى منطقة هويما بغرب أوغندا وهناك أسس تنظيما سلفيا وبشكل سرى أنشأ عددا من معسكرات التدريب القتالى لأنصاره إلى أن تحولت تلك المنطقة إلى معقل للأفكار التكفيرية المتطرفة وبقيت كذلك إلى أن داهمتها القوات الأوغندية عام 1995 و أجبرت ماكوكو و أنصاره على الفرار إلى الكونغو الديمقراطية ، وهناك التقى ماكوكو وعناصر الجيش الوطنى لتحرير أوغندا وهو فصيل منشق يسارى التوجه لينشأ تحالف شرير بين كلا التنظيمين ما لبث إن انضم إليه مقاتلون من " جبهة مقاتلى غرب النيل " وهم مقاتلون موالون لديكتاتور اوغندا عيدى أمين الذى اطاح به موسيفينى .وفى مواجهة تغوله نفذت قوى الأمن و الاستخبارات فى أوغندا و الكونغو الديمقراطية هجمات استهدافية مكثفة ضد عناصر هذا التحالف الإرهابي و الجماعات المنبثقة عنه ، كما استطاعت القوات الدولية الأممية توجيه ضربات موجعة لمعسكرات تجنيد هذا التنظيم استندت على معلومات استخبارية قدمتها أجهزة الأمن الكونغولية و الأوغندية . وأسفر هذا الجهد الأمنى و الاستخباراتى عن إلقاء القبض على زعيم تنظيم تحالف القوى الديمقراطية المعروف بالاسم " جميل موكوكو " خلال تواجده فى دار السلام بتنزانيا فى العام 2015 بالتعاون بين الاستخبارات الأوغندية وجهاز أمن الدولة التنزانى ، ويقبع جميل موكوكو حاليا فى أحد السجون الأوغندية شديدة الحراسة فى تهم تتعلق بالقتل و الإرهاب و ارتكاب جرائم ضد الإنسانية تنظرها محكمة خاصة لمجرمى الحرب تتبع المحكمة العليا فى أوغندا . وبعد اعتقال زعيمه ، تتركز أنشطة التنظيم فى الوقت الراهن فى منطقة جبال روينزورى على الحدود بين أوغندا و الكونغو الديمقراطية،ويشن مسلحو التنظيم بين وقت وآخر هجمات على الشاحنات التى تنقل السلع و المواد الغذائية و البضائع عبر تلك المنطقة الحدودية ، وبالرغم من وعورة المناطق روينزورى الجبلية التى تقع فيها معاقل تنظيم تحالف القوى الديمقراطية الإرهابى نجح الأمن الأوغندى فى إفشال كافة خطط التنظيم لاختراق الداخل الأوغندي.وبرغم بقاء التنظيم فى منطقة روينزيرى الوعرة بعيدا عن العمق الأوغندى ينفذ مسلحوه عمليات إغارة خاطفة بين الحين و الآخر على أهداف سهلة كحافلات نقل الطلاب و المدارس النائية والاسواق القروية وهى الهجمات التى انتهت بحلول العام 2016 تحت وطأة الإجراءات التأمينية الناجحة التى قامت بها الشرطة والجيش فى أوغندا .

مشاركة :