من أهم القرارات التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله ورعاه، قرار إنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. فإنشاء مجلس بهذا الحجم وهذه الأهداف وتكليف رئيس الديوان الملكي برئاسته وتكليف عدد من الوزراء، الذين ترتبط حقائبهم الوزارية بأمور التنمية والاقتصاد، أن يكونوا أعضاء مكونين له، لأكبر دلالة على أن المملكة العربية السعودية جادة في دعم المجال الاقتصادي والتنموي عن طريق تفعيل التعاون بين هذه المؤسسات الحكومية من خلال هذا المجلس. أردت الحديث هنا عن أهمية دور القطاع الصحي لضمان نجاح الأهداف التنموية لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. أتمنى أن تعمل وزارة الصحة، بالتنسيق مع المجلس الصحي السعودي، على وضع «استراتيجية صحية وطنية» تتعدى حدود وزارة الصحة لجميع مكونات القطاع الصحي (بقطاعيه الحكومي والخاص) وتكون بمثابة خارطة طريق لإعادة هيكلة النظام الصحي السعودي بما يتفق مع تحديات المرحلة المقبلة، لتحسين الجودة الصحية وتدعيم الاقتصاد الوطني. وربما يقول القائل هنا: ما هي علاقة القطاع الصحي بالاقتصاد والتنمية؟ والجواب يتكون من عدة أوجه: ١- تقديم الخدمة الصحية يجب أن يتم بفعالية عالية لكي نتلافى الإهدار وزيادة الإنفاق على الصحة مما قد يؤثر سلبا على جهات تنموية أخرى. ٢- الأمراض المزمنة والإعاقة (لا سمح الله) تؤثر على إنتاجية الفرد والمجتمع مما قد يؤثر سلبا على إمكانية المصابين من المساهمة في زيادة الدخل القومي ولربما أيضا زادت من المصاريف التي تنفقها الدولة لعلاج وتأهيل الأشخاص المصابين. ٣- الخدمة الطبية السيئة قد تؤثر على رضى الأفراد والمجتمع مما يضعف إنتاجيتهم. ٤- ازدياد نسبة الأمراض المزمنة (كضغط الدم والسكر والسمنة المفرطة) مع ازدياد معدل أعمار المواطنين يعني احتمالية زيادة الإنفاق على القطاع الصحي في العقود المقبلة مما يضع المزيد من الضغوطات على خزنة الدولة ويؤثر سلبا على المجالات التنموية الأخرى. ٥- البدء بتطبيق التأمين الصحي التعاوني للمواطنين سوف يحدث نقلة نوعية في القطاع الصحي من حيث: تحسين الجودة (إذا ربط تعويض مقدمي الخدمة بالأداء)، وكذلك تقليل الإهدار وزيادة الفاعلية في الإنفاق الصحي. ٦- السياحة الطبية من المجالات المهمة جدا خصوصا إذا أخذنا بالاعتبار الملايين من الناس الذين يزورون المملكة سنويا لأداء فريضة الحج أو العمرة. وأداؤها بطريقة صحيحة سيساعد في دعم وتنمية القطاع الصحي والاقتصادي السعودي. أعتقد أنه قد آن الأوان لإعادة النظر في القطاع الصحي في السعودية من كونه فقط قطاعا خدميا «مستهلكا للموارد المادية والبشرية» إلى نظرة أشمل وأعم وهي النظر له على كونه قطاعا أساسيا «لدعم وتنمية الموارد المادية والبشرية» وأول خطوة، من وجهة نظري، تبدأ من مجلس الشوون الاقتصادية والتنمية عن طريق وضع استراتيجية صحية وطنية وربطها بالوزارات والقطاعات المختلفة الداعمة للتنمية والاقتصاد.
مشاركة :