الحضارة الفرعونية.. كنوز غائبة عن عيون السينما

  • 2/20/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: محمد شبانة ما زالت الحضارة المصرية، تمثل كنزاً معرفياً، ورافداً تاريخياً وقصصاً جميلة، تنتظر أن يقترب منها الفن البصري الأرقى، منذ اختراع الكاميرا، وهو السينما، حتى هذه اللحظة ما زال الفراعنة خيالاً أسطورياً، لم تقترب منه الأفلام العربية، إلا فيما ندر. حول طريقة تعامل السينما العربية والعالمية، مع الحضارة المصرية القديمة، والفارق بينهما، ومدى إمكانية أن تنهل منها السيناريوهات أعمالاً جديدة، كان لنا هذا التحقيق. المنتج السينمائي، حابي خوري، بدأ الحديث قائلاً: فيلم عن «الحضارة الفرعونية، ما زال حلماً بعيد المنال، لأسباب تتعلق بالإمكانيات، لا يمكن أبداً أن نضارع السينما العالمية في هذا المجال، لتقريب الصورة بشكل أفضل، أقول إن تصوير مشهد واحد فقط في الفيلم الأجنبي، الذي يقدم قصة عن الحضارة المصرية القديمة، يماثل ميزانية تصوير فيلم مصري بأكمله، لا وجه للمقارنة أصلاً، ولم نكن نستطيع إنتاجها فيما مضى، ولا في الوقت الحاضر، لسبب جوهري، هو أن العائد لن يغطي تكلفة الإنتاج، حتى لو كان شباك التذاكر، كامل العدد، الخسارة محققة مسبقاً، حتى لو حققت الأفلام نجاحاً جماهيرياً منقطع النظير، إنتاج مثل هذه الأفلام مكلف جداً، بصورة فوق الخيال، والسينما المصرية، بكل أسف، ليست مستعدة لها حتى الآن، وإن كانت تعوضها بأفلام جيدة من حين لآخر». أماكن التصوير الناقد السينمائي، يوسف شريف رزق الله، أكد أن السينما المصرية بعيدة كل البعد عن الدخول في هذا المجال، أفلام الحضارة الفرعونية تحتاج إمكانات مادية وتقنية لا تتوافر لنا مطلقاً، حتى أماكن التصوير المتاحة لنا بسهولة، دون السينما الغربية، تحتاج تجهيزات خاصة، تكلفتها أكبر من تكلفة استئجار المكان نفسه، بالنسبة لشركات الإنتاج الأجنبية، حتى الأفلام الأجنبية المأخوذة عن الحضارة الفرعونية، لا يتم تصويرها في مصر، هوليوود في الستينات كانت تصور في إيطاليا، ومنذ عامين تم تصوير Gods of Egypt في أستراليا، طبعاً لا أستطيع اتهام شركات الإنتاج العالمية بالتآمر على مصر، لأن منطق المال هو ما يحكم تصرفاتها وإجراءاتها، لكن إذا كنا حتى لا نستطيع استقطابها للتصوير، فهل نقوم نحن بالإنتاج؟ ويضيف: يجب أن نكون أكثر واقعية في التعامل مع هذه القضية المهمة، إن أردنا إيجاد بدائل حقيقية للوضع القائم حالياً. المخرج علي عبد الخالق، أشار إلى أن الحضارة الفرعونية، يمثل وجودها في الأفلام المصرية، نسبة هامشية لا تكاد تذكر، عندنا حوالي 5 آلاف فيلم منها ألف فيلم روائي طويل مفقود، وهو رقم هائل بالنسبة للعدد ككل، يمثل وجود الحضارة المصرية القديمة فيها تقريباً صفر، لذلك عندما قدم شادي عبد السلام، رائعته، «المومياء»، اعتبرت فتحاً في السينما المصرية، لكن التجربة لم تستمر، وكان من إنتاج «المؤسسة المصرية العامة للسينما»، لكن للأسف ظهرت الآثار الفرعونية أحياناً، كضيف شرف إن جاز التعبير، في عدد من الأفلام ويتصور البعض بسذاجة أنها دعاية جيدة لمصر! ويضيف: من العجائب أن نكون الدولة الأولى على مستوى العالم في امتلاك الآثار «ثلثا آثار العالم»، ورغم ذلك نحن الدولة رقم 22 في السياحة، في الترتيب الدولي، فلا نتحدث بعد ذلك عن إمكانية إنتاج أفلام عن حضارة لم نقدر قيمتها، شركات القطاع الخاص، هي التي تسيطر على الساحة السينمائية حالياً، بشكل تام، ولا يوجد منتج واحد لديه الرغبة لتقديم مثل هذه النوعية من الأفلام، لأن مجرد التفكير في التكلفة قد يثير الرعب، وإذا حدث وظهر فيلم جيد عن الحضارة المصرية القديمة، على الأغلب سوف يكون إنتاجاً مشتركاً، عبر أكثر من شركة إنتاج، مع الحرص طبعاً على الاستعانة بالخبرات العالمية في مجال الجرافيك، والخدع السينمائية، لأن لها باعاً طويلاً فيها، بغض النظر عن مستوى بعض الأفلام، أو الغرض الحقيقي لإنتاجها. هدف مؤجل مدير التصوير، سعيد شيمي، قال: «غياب الدولة عن الإنتاج في المجال الفني بشكل عام، سواء السينما أو التلفزيون، أثر فيهما بالسلب، لأن الدعم اللا محدود، الذي كانت تقدمه للأفلام والمسلسلات، عبر «المؤسسة المصرية العامة للسينما»، وقطاع الإنتاج، ساعد على تقديم أعمال، اعتبرت من الروائع، الآن الكلمة لمن يملك المال دون الاهتمام بالمحتوى والنتيجة، هذه الضحالة في الثقافة السينمائية والأفلام، معاً، فلا الجمهور عنده ثقافة سينمائية رفيعة، ولا الأفلام على مستوى، حتى كتابي، «تلابيب الصورة»، نشرته على نفقتي الخاصة، لأنني لم أجد دار نشر تتحمس لطباعته، مع أنني لا أهدف به سوى إلى إلقاء حجر في المياه الراكدة، لعل الشباب يهتم بعالم ساحر، هو السينما، لا أنتظر في المستقبل القريب، أن أرى أفلاماً مصرية عن الحضارة الفرعونية، لأن السينما ليست في أزهى حالاتها، وسقطت دور العرض فريسة أفلام ضعيفة، على قلة المعروض منها، وقلة عدد دور العرض نفسها، والأفلام التي تعتبر، أيضاً ناجحة في شباك التذاكر، هي في الحقيقة ضعيفة فنياً، بشكل ملحوظ جداً، رغم موهبة المخرجين الشباب الذين يقدمونها». المنتج فاروق صبري، رئيس غرفة صناعة السينما يقول: «لست مع وجهة النظر المتشائمة، التي تنظر دائماً للجانب السيئ من الأمور، بالتأكيد يمكن إنتاج أفلام عن الحضارة المصرية القديمة، لكن دون اللجوء إلى مشاهد الأكشن، لاجتذاب الرواد إلى دور العرض، القماشة واسعة جداً، والأفكار غير محدودة، ويخطئ البعض، حينما يقول إن كليوباترا مثلاً خير سفير للحضارة الفرعونية في السينما الغربية، لأن لها عدداً غير قليل من الأفلام، ونسوا أنها ملكة من أصل يوناني، بل إن اللغة المصرية القديمة اندثرت، بشكل مثير للدهشة، على يد اليونان، وأعتقد أن حالة الإلهام التي تمثلها الحضارة الفرعونية لشركات الإنتاج العالمية، لا بد أن تدفعنا للحاق بهذا المضمار، لأننا أولى به، ليس هذا كلاماً رومانسياً، لكن لا يوجد ما يمنع تحقيقه في الواقع». ويضيف: شخصية «حتشبسوت» ظهرت في فيلم «الكنز»، وسوف تظهر في الجزء الثاني منه كشخصية رئيسية، رغم أن الديكورات الخاصة بالحقبة الفرعونية في الجزء الأول لم تكن جيدة، وأرجو أن يتم تلافي المثالب في الجزء الثاني، ليس عندنا إمكانات لتقديم فيلم بتكلفة Exodus Gods and Kings مثلاً، لكن بالتأكيد عندنا إمكانات لتقديم أفلام تتناسب مع مجتمعنا أكثر.

مشاركة :