كتب: راشد النعيمي يشير البند التاسع من وثيقة الأخوّة الإنسانية، إلى أن العلاقة بين الشرق والغرب هي ضرورة قصوى لكليهما، لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها، ليغتني كلاهما من الحضارة الأخرى عبر التبادل وحوار الثقافات، فبإمكان الغرب أن يجد في حضارة الشرق ما يعالج به بعض أمراضه الروحية والدينية التي نتجت عن طغيان الجانب المادي، كما بإمكان الشرق أن يجد في حضارة الغرب كثيراً مما يساعد على انتشاله من حالات الضعف والفرقة والصراع والتراجع العلمي والتقني والثقافي. المزيد من الإنجازات ومن المهم التأكيد على ضرورة الانتباه للفوارق الدينية والثقافية والتاريخية التي تدخل عنصراً أساسياً في تكوين شخصية الإنسان الشرقي، وثقافته وحضارته، والتأكيد على أهمية ترسيخ الحقوق الإنسانية العامة المشتركة، بما يسهم في ضمان حياة كريمة لجميع البشر في الشرق والغرب بعيداً عن سياسة الكيل بمكيالين.وتتبنّى دولة الإمارات نموذجاً، يقوم على الانفتاح والتلاقي الثقافي مع جميع دول العالم، وتسعى بشكل دائم إلى توطيد العلاقات ومد جسور التعاون مع مختلف الأقطار بغض النظر عن قربها أو بُعدها الجغرافي، وهذا ينطلق من إيمانها بالدور المحوري للتعاون الدولي في إحراز المزيد من الإنجازات لدولة الإمارات وللمجتمع الإنساني بأسره، لذلك يبرز نهج الإمارات الثابت في نشر قيم التسامح والتعايش والحوار بين الثقافات والعقائد والذي يعزز الدور الرائد لدولة الإمارات نموذجاً للتعايش والتلاقي الحضاري.وتختزل الثقافات المتعددة التي تعيش على أرض الإمارات، تاريخ شعوبها وحضاراتهم، وتظهر صورة مضيئة عن الإمارات الحاضنة والراعية والداعمة للسلم العالمي والحوار بين الحضارات والتصالح معها والاستفادة من تجاربها على جميع المستويات، في البناء والتنمية والتفكير والتدبير والتطوير وتقيم الإمارات علاقات ثقافية مع عدد كبير من دول العالم، وهي عضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو»، كما أنها تعدّ من أبرز الدول الداعمة لمشاريع حفظ التراث العالمي وحماية الآثار والتعريف بالثقافات والتواصل بين الحضارات. حوار ثقافي وانطلاقاً من أن العالم يتغير، ويستشرف المستقبل في شغف، حرص المغفور له المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ البداية على مشاركة الإمارات العربية المتحدة في حوار ثقافي مع المجتمع الدولي، وترسيخ مكانة الدولة كملتقى للثقافات المختلفة في إطار توجّه يبرز انفتاحها على ثقافة التسامح والضيافة.وتعدّ الإمارات، بشهادة القاصي والداني، بلداً نموذجياً في التعايش الثقافي والمعرفي المتوازن بين الجاليات المقيمة على أرضها في مناخ من الانفتاح على الثقافات الإنسانية ببعديها المعاصر والتراثي، وتعكس هذه الحالة الثقافية الإماراتية الاستثنائية، مدى خصوبة وتنوع الساحة الثقافية الإماراتية التي من مكوناتها- وبحكم وجود الجاليات الكثيرة في الدولة- ثقافات من الغرب وأخرى من الشرق والشمال والجنوب هنا على أرض، لها تاريخها الثقافي والتراثي ذو المرجعيات العربية والإسلامية التي تمجّد العدل والتسامح والجمال. وسعت الدولة منذ قيام الاتحاد، إلى إنشاء وتكوين مؤسسات أهلية تُعنى بتنظيم وتفعيل دور الجاليات الموجودة على أرض الإمارات، للتعبير عن ثقافاتها، كما دعت إلى ضرورة وضع استراتيجيات محلية وإقليمية وعالمية تعزز من قيم الحوار البنّاء بين الثقافات واحترام المعتقدات والأديان ونشر ثقافة السلام، بهدف التصدي لمحاولات تشويه الأديان والتحريض على الكراهية الدينية مؤكدة دعمها برنامج الأمم المتحدة العالمي للحوار بين الحضارات وإعلانها عام 2010، سنة دولية للتقارب بين الثقافات للتأكيد على أن التنوع هو إثراء للبشرية ومصدر للإبداع والابتكار، وذلك من خلال شراكة عالمية حقيقية تعمل على تشجيع الحوار وبث روح التسامح والتفاهم بين مختلف الثقافات والحضارات واحترام مقدسات الشعوب. الشرق والغرب ويعد متحف اللوفر أبوظبي، تحفة معمارية ومفخرة ثقافية ومحطة فنية تجمع الشرق والغرب، يمثل قدرات الإمارات على بناء جسور تواصل بين الحضارات في عالم يريدون له أن يكون صراعاً بين الحضارات، كما يمثل قدرتها على محاربة الظلام بالنور ومحاربة الجهل بالفنون ومحاربة الانغلاق بالإبداع ومحاربة التطرف الفكري، بالجمال الفني الذي أبدعته العقول البشرية منذ آلاف السنين. حيث يمثل احتضان أبوظبي هذا المعلم المهم، امتداداً للدور الحيوي والمشهود الذي تقوم به الإمارات منذ تأسيسها، بوصفها مركزاً عالمياً لنشر ثقافة التسامح والتعايش والتناغم والحوار، وقبول الآخر واحترامه في مشارق الأرض ومغاربها، ناهيك عما تعكسه هذه الخطوة من العلاقات المميزة التي تملكها الإمارات على الصعيد الدولي. ويفتح متحف اللوفر الأبواب على مصراعيها، أمام التقدم الثقافي والانفتاح على التاريخ الإنساني الذي تعكسه رؤية الإمارات العربية المتحدة، ويتميز بروح مختلفة تتجاوز الثقافات والحضارات والأزمنة وحتى الأماكن. وتم تصميم المتحف على شكل قبة تطفو في الهواء، ويسمح شكل القبة الشبكي بمرور أشعة الشمس بطريقة تضفي السحر على المعروضات. والمتحف الذي يمثل منارة ثقافية جديدة، تنصهر فيها مجموعة من الثقافات المختلفة، وتسلط الضوء على التاريخ الإنساني العالمي يقع على جزيرة السعديات الثقافية وتبلغ مساحته 24 ألف متر مربع، تضم صالات عرض ضخمة تجعل منه أكبر متحف فني في شبه الجزيرة العربية، ويركز بأسلوب مبتكر وخاص على سد الفجوة بين الحضارة الشرقية والغربية. جهود لإحياء الترجمة عربياً تقود دولة الإمارات جهود إحياء الترجمة على المستوى العربي، في محاولة للنهوض بالعمل الثقافي العربي، وانفتاحه على ثقافات العالم ومعارفه المختلفة، وسعياً إلى رفد المكتبة العربية بهذه المعارف التي تفتقر إليها بشدة، وأطلقت الدولة العديد من المبادرات والمشاريع التي أخذت على عاتقها، مهمة إثراء المكتبة العربية بأفضل ما قدّمه الفكر العالمي من أعمال، عبر ترجمتها إلى «العربية»، إضافة إلى إبراز الوجه الحضاري للأمة عبر ترجمة أبرز الإبداعات العربية إلى لغات العالم.ويعد «تحدي الترجمة» الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في سبتمبر 2017، أحد أبرز مبادرات الترجمة التي تهدف إلى توفير محتوى تعليمي شامل ومتكامل في مجالي العلوم والرياضيات، باعتبارهما من أهم روافد التطور الحضاري.ويشمل التحدي، تعريب 5000 فيديو تعليمي في عام واحد، وفق خطة تعريب مدروسة تراعي الاحتياجات التعليمية للطلبة العرب في شتّى المراحل الدراسية. دعم الحراك الثقافي الفاعل منذ عام 2007، تتصدى مبادرة «كلمة» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لمهمة إحياء حركة الترجمة في العالم العربي، ودعم الحراك الثقافي الفاعل الذي تشهده أبوظبي للمساهمة بدورها في خريطة المشهد الثقافي الإقليمي والدولي، من أجل تأسيس نهضة علمية ثقافية عربية تشمل مختلف فروع المعرفة البشرية.وفي كل عام، تختار «كلمة»، عشرات بل مئات الكتب من أهم المؤلفات العالمية الكلاسيكية والحديثة والمعاصرة من مختلف دول العالم، وتقوم بترجمتها إلى اللغة العربية، مع مراعاة الجودة والدقة في نشر الكتب.
مشاركة :