أخبار كاذبة حلال وأخرى حرام

  • 2/20/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أخبار كاذبة حلال وأخرى حرامالتكنولوجيا هزمت الدول العربية، أدركت الحكومات أن أي تقييد للشبكات الاجتماعية شبه مستحيل إلا إذا كان الخيار هو قطع الخدمة تماما، أي "لا إنترنت".شبكة فيسبوك "عصابة رقمية"التقرير الذي أصدرته اللجنة البرلمانية البريطانية المتخصصة بالشأن الرقمي والثقافي والإعلامي بالأمس كان صياغة بلاغية أنيقة لما ظلت دول عربية تردده بمفردات مرتبكة منذ أكثر من 10 سنوات. ينتقد التقرير بطريقة غير مسبوقة شبكة فيسبوك. يحمّلها ويحمل القائمين عليها مسؤولية سياسية وأخلاقية، دون أن يهمل الجوانب المالية والاحتكار، لما يعصف بالغرب من ارتباك في أوجه مصيرية. لا يتردد التقرير في وصف الشبكة بأنها “عصابة رقمية”.“عصابة رقمية؟” أين ذهب الاقتصاد الحر وأين ذهبت حرية الرأي والاعتقاد وحرية تبادل المعلومات (والأكاذيب)؟ كل الأوصاف التي صار السياسيون الغربيون يطلقونها على الشبكات الاجتماعية من أنها منابر تحريض على الأمن والنظام العام، صارت اليوم جزءا من الجدل القائم في أوروبا أولا والولايات المتحدة ثانيا، هي أوصاف كانت الدول العربية قد أطلقتها على هذه الشبكات. الفرق، ربما، أن الفضاء العام في الدول العربية كان لا يقدم البديل وأن هذا الفضاء مسيطر على وسائل الإعلام فيه وتتحكم السياسة بشؤونه، سواء بدكتاتوريات مطلقة أو بسيطرة غير مباشرة لدى الدول التي لا تظهر وجهها الأمني بسهولة.وجّه الغرب انتقاداته لمحاولات بسط السيطرة الذي مارسته الدول العربية على الشبكات الاجتماعية. اعتبر الأمر خنقا لعملية التغيير المنتظرة في المنطقة دون أن يأخذ بأدنى اعتبار ما يمكن أن يسببه التحريض من فوضى سرعان ما أتت وسادت.التكنولوجيا هزمت الدول العربية. أدركت الحكومات أن أي تقييد للشبكات الاجتماعية شبه مستحيل إلا إذا كان الخيار هو قطع الخدمة تماما، أي “لا إنترنت”. هذا بالطبع مستحيل في عالم اليوم. وباءت بالفشل محاولات كثيرة للالتفاف على الشبكات الاجتماعية بطرح البديل.ما يقوله السياسيون البريطانيون الآن أنهم بدورهم يواجهون فشلهم الخاص في مواجهة سطوة الشبكات الاجتماعية. قائمة الاتهامات التي وجهوها لا تعدو عن كونها محاولة يائسة لاستحداث قوانين وتعليمات لتنظم ما لا يمكن تنظيمه، وأنهم بصدد اللجوء إلى التخويف بالخنق لفيسبوك وأمثالها. يريدون أن يمنعوا الأخبار الكاذبة والحملات السياسية والتأثير على الرأي العام وجمع المعلومات وتسخيرها لصالح مستفيدين تجاريين أو سياسيين. لولا العيب، لكانوا استعانوا بضابط أمن من دول عانت من “الربيع العربي” لاستكمال القائمة. فكل هذه الاتهامات هي ما كانوا يردون عليه بأنها مقولات الأنظمة الدكتاتورية لحماية نفسها من التغيير.الأخبار الكاذبة حلال إذا جاءت ضمن حملة غربية لتغيير القناعات في دول عربية. الأخبار الكاذبة حرام إذا كانت روسيا تستخدمها لتغيير القناعات أثناء الانتخابات في دولة أوروبية أو في إقناع البريطانيين ببريكست أو برئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة.كاتب‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬لندن

مشاركة :