لم يكن محمود أبو اليزيد أمين الشرطة الذي يعمل بقوة مباحث الدرب الأحمر في مصر يعلم أن وداعه لأسرته وأطفاله الصغار وعلى رأسهم ابنته الكبرى هاجر سيكون الأخير. كان محمود أبو اليزيد ضمن قوة أمنية تستهدف القبض على أحد العناصر الإرهابية المتهمة بزرع عبوة ناسفة أمام مسجد الاستقامة في ميدان الجيزة الجمعة الماضي، وعقب رصد تجول المتهم بدراجته في شارع الكحكيين بالدرب الأحمر خلف الجامع الأزهر، تمكن محمود من الإمساك به لكنه فجر نفسه بالعبوة الناسفة التي كانت معه. لقي الشرطي مصرعه مع الانتحاري وضحى بنفسه لينقذ سكان المنطقة من كارثة مروعة. زملاء محمود نعوه ورثوه على مواقع التواصل، فيما أكد أهالي منطقة الدرب الأحمر لـ"العربية.نت" أنه كان مثالا للأخلاق ونموذجا في الأمانة وحسن معاملة المواطنين الذين يترددون على قسم الشرطة، وأنه ضحى بنفسه لينقذهم وينقذ منطقتهم. وأضافوا أن الشرطي محمود أبو اليزيد ليس من سكان المنطقة بل من سكان منطقة إمبابة بالجيزة، وكان يتعامل مع الجميع بمحبة واحترام، ويشعرهم أنهم إخوة له، مشيرين إلى أن أبو اليزيد كان يرفض تلقي أي هدايا أو قبول دعوات لتناول الغداء والعشاء من أهالي المنطقة. في غضون ذلك وفي جنازة مهيبة شيع الآلاف من سكان إمبابة جثمان أبو اليزيد من مسجد الصلاح بشارع المطار، وحتى مثواه الأخير في مقابر الإمام الشافعي. وتوافد المئات من سكان الدرب الأحمر للمشاركة في جنازة أبو اليزيد الذي رحل تاركا وراءه أسرة مكونه من زوجة و3 أبناء ووالدته المسنة، وقالت والدته إن ابنها مات شهيدا، وإنها ليست حزينة بل فخورة به وببطولته ومحبة كل سكان منطقتي إمبابة والدرب الأحمر له، مؤكدة أن زملاء ابنها لم يتركوا الأسرة منذ لحظة وقوع الحادث وحتى الآن. من جانبهم طالب أهالي شارع المطار الذي يقيم فيه الشرطي أبو اليزيد محافظ الجيزة اللواء أحمد راشد بإطلاق اسم بو اليزيد على المدرسة الابتدائية المتواجدة بالشارع تقديرا لبطولته وتكريما وتخليدا لاسمه وذكراه بعدما ضحى بنفسه لإنقاذ حياة وأرواح الآخرين، مؤكدين أن من حق أسرة محمود وأطفاله أن يجدوا اسم والدهم أمامهم في كل وقت ليفتخروا ببطولته وفدائيته. وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت أنه في إطار جهودها للبحث عن مرتكب واقعة إلقاء عبوة بدائية لاستهداف قول أمني أمام مسجد الاستقامة بالجيزة عقب صلاة الجمعة الماضية فقد أسفرت عمليات البحث والتتبع لخط سير مرتكب الواقعة عن تحديد مكان تواجده بحارة الدرديري بالدرب الأحمر. وأضافت أن قوات الأمن قامت بمحاصرته وحال ضبطه والسيطرة عليه انفجرت إحدى العبوات الناسفة التي كانت بحوزته مما أسفر عن مصرع الإرهابي ومقتل ضابط وأمين شرطة من الأمن الوطني وأمين شرطة من مباحث القاهرة وإصابة ضابط و5 من المواطنين.