النهضة تكبح اندفاع الغنوشي نحو التخلي عن الشاهد

  • 2/20/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يعزز موقف حركة النهضة الذي جاء لينهي الجدل الذي أثارته تصريحات رئيسها راشد الغنوشي بخصوص إمكانية إقالة الحكومة، ما يتردد من أنباء بشأن وجود خلافات متفاقمة داخل الحركة بسبب تضارب الآراء حول التحالف مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد. تونس – لم ينتظر المكتب التنفيذي لحركة النهضة الإسلامية، طويلا ليتدخل لوضع حد لتصريحات راشد الغنوشي التي تحولت إلى ما يُشبه “الشطحات” على حبل التناقضات، بحسابات سياسية لا تخلو من المُناورات التي ساهمت في إبقاء البلاد في دائرة الضبابية والغموض. وفي موقف وصفه المُراقبون، بأنه “مُقدمة للجم الانفلات السياسي” للغنوشي، جدد المكتب التنفيذي لحركة النهضة الإسلامية، التأكيد مرة أخرى على تمسكه بالاستقرار الحكومي، وذلك على عكس ما ذهب إليه الغنوشي في تصريحات سابقة لم يستبعد فيها فرضية تغيير الحكومة الحالية واستبدالها بأخرى تكنوقراط. وجاء هذا التأكيد في بيان وزعته حركة النهضة الثلاثاء، في أعقاب اجتماع طارئ لمكتبها التنفيذي عُقد ليلة الاثنين-الثلاثاء، لبحث جملة من المسائل السياسية، منها ما ورد على لسان الغنوشي بخصوص فرضية تغيير الحكومة الحالية، الذي بقدر إرباكه للمشهد السياسي العام، أربك أيضا قادة ومسؤولي هذه الحركة المحسوبة على جماعة الإخوان المُسلمين. عبدالعزيز القطي: موقف حركة النهضة لا يخرج عن سياق عملية تقاسم الأدوار عبدالعزيز القطي: موقف حركة النهضة لا يخرج عن سياق عملية تقاسم الأدوار وأكد البيان في نقطته الثانية أن حركة النهضة “تُؤكد قناعتها بأهمية الاستقرار الحكومي سبيلا لإعداد البلاد للانتخابات”، مُرجعا ذلك إلى “ما حققه الاستقرار الحكومي من نتائج إيجابية اقتصادية واجتماعية وأمنية في كثير من المجالات، ولما تحقق من توافقات اجتماعية بين الحكومة والاتحاد”. وفي المقابل، جددت حركة النهضة في البيان “رفضها المُطلق لكل توظيف حزبي لمؤسسات الدولة ولمواردها لصالح أي طرف حزبي، وتعتبره تهديدا للاستقرار ولبناء الثقة ولكل مسعى توافقي”، وذلك في إشارة إلى الهواجس التي باتت تنتاب غالبية القوى السياسية من احتمال استغلال رئيس الحكومة لموارد الدولة، وتوظيفها لصالح حزب “تحيا تونس” المحسوب عليه. ويتضمن هذا الموقف دعما واضحا للحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد، وهو بذلك يتعارض بشكل واضح مع ما ذهب إليه راشد الغنوشي في تصريحاته التي أدلى بها الأحد الماضي، في مدينة المنستير (150 كلم شرق تونس العاصمة)، التي لم يستبعد فيها إمكانية تغيير الحكومة الحالية. وتباينت الآراء في تشخيص أبعاد هذا الموقف، حيث ذهب البعض إلى وصف موقف المكتب التنفيذي بأنه “صفعة” لراشد الغنوشي الذي استأثر بالقرار السياسي لحركته، فيما رأى البعض الآخر أنه ليس سوى عملية تقاسم أدوار مكشوفة، باعتبار أن بيان المكتب التنفيذي حمل توقيع راشد الغنوشي نفسه. ويُساند النائب البرلماني، عبدالعزيز القطي، الرأي القائل بوجود عملية تقاسم أدوار داخل جسم حركة النهضة الإسلامية، حيث قال لـ”العرب”، إن موقف المكتب التنفيذي للنهضة “يعكس مُناورة جديدة لا تخرج عن سياق عملية تقاسم الأدوار داخل هذه الحركة التي هي فرع من فروع تنظيم الإخوان المُسلمين الذي كثيرا ما يلجأ إلى مثل هذه المُناورات كلما اشتد الخناق حوله”. واعتبر أن اللجوء إلى عملية “تقاسم الأدوار” في هذا التوقيت بالذات، “يؤكد بما لا يدع أي مجال للتأويل، أن حركة النهضة الإخوانية تمر حاليا بحالة من التخبط والارتباك، نتيجة الانقسام الواضح داخلها في علاقة بالموقف الذي يتعين اتخاذه بشأن الحكومة الحالية برئاسة الشاهد”. ولفت في هذا السياق، إلى أن شقا واسعا داخل حركة النهضة، لا يُخفي قلقه وهواجسه من رئيس الحكومة، والحزب المحسوب عليه “تحيا تونس”، ويدفع بجملة من المواقف التي تعكس شكوكا مُتزايدة حول مدى قدرة وجدية الشاهد في الحفاظ على مصالح حركة النهضة، والدفاع عنها. ورأى أن تلك الشكوك أخذت تتصاعد لدى عدد كبير من مسؤولي حركة النهضة لاسيما في هذه الفترة التي تتسم بتزايد الضغوط عليها، على خلفية تطورات ملف “الجهاز السري”، وارتدادات مُطالبة البنك المركزي بالتدقيق في حسابات عدد من مسؤوليها، إلى جانب قضية “مدرسة الرقاب القرآنية”، وانعكاساتها المُرتقبة على النهضة والجمعيات التي تدور في فلكها. وفي المُقابل، يُضيف عبدالعزيز القطي، أن راشد الغنوشي يُدرك جيدا حجم تلك الشكوك، التي فرضت إيقاعها على تماسك حركته بالنظر إلى بروز شق آخر لا يُخفي رهانه على الشاهد، وحكومته، لذلك عمد إلى اللجوء لسياسة “تقاسم الأدوار”، حتى وإن جاءت في صورة إفراغ تصريحاته من مُحتواها. ومع ذلك، تُجمع القراءات السياسية المُصاحبة لتصريحات الغنوشي السابقة، على أنها تحمل بين ثناياها رسائل سياسية بالغة موجهة إلى داخل حركته، وإلى الحكومة برئاسة يوسف الشاهد، وكذلك أيضا إلى بقية الأطراف السياسية الأخرى، وخاصة منها الرئيس الباجي قائد السبسي. وكان الغنوشي قد أعاد في تصريحاته التي بثتها إذاعة “جوهرة أف أم” المحلية التونسية، الأحد الماضي، السجال السياسي في البلاد إلى مُربع “بقاء أو رحيل الحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد”، وذلك قبل نحو ثمانية أشهر من الانتخابات التشريعية والرئاسية المُقرر تنظيمها خلال شهري أكتوبر ونوفمبر القادمين. وقال في تلك التصريحات “نحن بصدد التشاور مع كل الأطراف حول ما إذا كانت الحكومة القائمة اليوم هي التي ستقود الانتخابات، أم سيقع تغيير حكومي لقيام حكومة تكنوقراط أو حكومة انتخابات”. وأضاف أن “فرضية تغيير الحكومة قبل الانتخابات غير مستبعدة”، الأمر الذي أثار جدلا سياسيا تواصل حتى بعد صدور بيان المكتب التنفيذي لحركة النهضة، حيث اعتبر ناجي جلول، القيادي في حركة نداء تونس، أن تصريحات الغنوشي “تندرج في إطار مناورات لتحسين شروط التفاوض لاحقا بين حركته، وحليفها الافتراضي حزب ‘تحيا تونس” المحسوب على يوسف الشاهد”.

مشاركة :