جددت سيدة أميركية انضمت إلى تنظيم داعش الإرهابي منذ 4 أعوام طلبها الرجوع إلى بلدها، والندم على ما فعلته، في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة، أمس (الثلاثاء)، أنها تدرس قضية عودتها عقب انشقاقها عن التنظيم. وبررت هدى مُثنّى (24 عاماً)، في مقابلة تلفزيونية لأول مرة مع شبكة «إيه بي سي» الأميركية انضمامها للتنظيم بقولها: «كنت مدفوعة بخوف من الله... لذلك سافرت إلى التنظيم في سوريا دون التفكير في العواقب». وتخشى الفتاة الأميركية على مصير طفلها (18 شهراً)، الذي أنجبته بعد عامين من وصولها إلى سوريا. وقالت في حوارها: «عقب الحمل، فكرت في مصير طفلي وسط (منطقة حرب)، وعندما اقترحت على صديقة لي وزوجها فكرة العودة لبلدي، شعرا بالصدمة». وأفصحت الفتاة المعتقلة حاليا لدى الأكراد في سوريا عن أنها انضمت إلى التنظيم من خلال طريقة واحدة كان لا يوجد خيار غيرها، وهي «الزواج» من «داعشي» أسترالي، أقامت معه في منزل آمن بالرقة، مما دفع لإطلاق وسائل إعلام أميركية عليها لقب «عروس (داعش)»، مثل قرينات لها ذهبن إلى التنظيم الإرهابي. وقُتل زوجها الأسترالي عقب 3 أشهر من الزواج، وأصبحت مُثنّى أرملة للمرة الأولى، ثم تزوجت لاحقا من تونسي وهو والد طفلها الوحيد الآن، وقتل الزوج الثاني بعد مرور نحو عام، وقالت إنها مكثت هناك قرابة أسبوعين بسبب إطلاق النار والقذائف على المنطقة السورية. وتابعت: «كلما عرفت أكثر، أدركت كم كنت مخطئة، فقد جئت في البداية للتنظيم من أجل مزيد من المعرفة، لقد كنا صغارا لا نعرف الكثير عن الدين، كنا نظن أننا نعرف كل شيء على حقيقته، وفسرنا كل شيء بشكل خاطئ». ورأت الفتاة أنها تعرضت لعملية «غسل دماغ»، وأنها تشعر الآن بـ«الندم الهائل»، وفقاً لحديث محامي عائلتها حسن شلبي إلى «إيه بي سي» الأميركية. وانضمت هدى إلى «داعش» منذ أن كانت في التاسعة عشرة من عمرها، واعترفت: «شعرت بأنني (ملزمة) بالذهاب إلى سوريا بمجرد إعلان التنظيم الإرهابي عن (دولة الخلافة)». وعرفت مُثنى بأنها من أبرز الداعيات للتنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقالت، في هذا السياق، إنها شعرت بالخجل من تغريداتها التي نشرتها سابقا في الدعاية لـ«داعش»، وحرضت في تغريدة سابقة على «سفك دماء» الأميركيين. وقالت هدى إنها اهتمت بمواقع التواصل الاجتماعي منذ السابعة عشرة من عمرها، وبالتحديد موقع «تويتر»، وبعد عام واحد أصبحت متطرفة، وتابعت أنها بمجرد الانضمام إلى «داعش» بدأت في بث «رسائل الكراهية» بنشر الدعاية للتنظيم الإرهابي عبر الإنترنت، داعية إلى «شن هجمات على الولايات المتحدة الأميركية». وأوضحت الفتاة في حوارها: «لا أستطيع التصديق أنني فكرت في ذلك... لقد كنا زوجات صغيرات في التنظيم، وأصبحنا أرامل للمرة الأولى في حياتنا، لذلك كنا غاضبين جدا»؛ حسب قولها. وولدت هدى في ولاية نيوجيرسي وانتقلت إلى نيويورك ثم إلى العاصمة واشنطن، قبل أن تستقر في النهاية في ولاية ألاباما، وهي في الصف الدراسي السابع، حسب قولها. وقالت مثنى إنه تربطها علاقة جيدة مع أسرتها، ولكنها وجدت أن «الحياة المنزلية صارمة للغاية، وكانت تتوق إلى «حياة أميركية أكثر» تمكنها من الخروج مع أصدقائها؛ على حد قولها. ولم تذكر الفتاة كيف حصلت على تكلفة السفر إلى سوريا؛ إذ وصلت إلى الرقة عبر الحدود السورية - التركية في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014، وذكرت أنها تعرضت لإطلاق النار عليها في 19 من الشهر نفسه أثناء عبورها الحدود. وكان والد الفتاة قد ذكر في تصريحات عام 2017 أنه كان فخورا بميل ابنته إلى التدين سابقا، لكنه لم يكن يتوقع أنها تتحدث سرا مع تنظيم داعش عبر الإنترنت، وقال: «لم أفكر مطلقا في أن يحدث هذا مع ابنتي؛ لعائلتي، لكنه حدث، هذا ربما يقع لأي عائلة». ورأت هدى الجثث في الأماكن العامة خلال وجودها مع التنظيم، رغم عدم رؤيتها أي عمليات إعدام؛ حسب قولها. وتابعت الفتاة أنه لم يكن لديها أي طعام لمدة 6 أشهر، سواء في الأسواق أو الشاحنات هناك، وقالت إن الناس كانوا يخفون الطعام الذي لديهم، لذا اضطرت هي وابنها لأكل القمح الذي يتم إطعامه للماشية، وعدّت أن مشهد ابنها وهو يأكل العشب هو «القشة الأخيرة» لتناشد السلطات الأميركية العودة لبلدها. وتابعت: «الجوع ينهش في الجميع». ويوجد تحت سلطة الأكراد 1500 امرأة أجنبية وأطفال في المخيم الموجود شمال سوريا، وأعلنت الولايات المتحدة أنها تسعى لإعادة متطرفين أجانب معتقلين في شمال شرقي سوريا إلى بلادهم لمحاكمتهم فيها، وأنّها تدرس قضية هدى عقب الانشقاق. وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو للصحافيين أمس (الثلاثاء) إن «وضع المواطنين الأميركيين، أو الذين يرجح أنهم أميركيون (المحتجزون)، في سوريا هو أساساً قضية بالغة التعقيد، ونحن ندرس هذه الحالات لفهم التفاصيل بشكل أفضل». وأتى تصريح بالادينو في معرض ردّه على سؤال بشأن هدى مثنّى، ورفض المتحدّث التعليق على قضية هذه الشابة، مشيراً إلى موانع تتعلّق بالسلامة والخصوصية، لكنّه أكّد مجدّداً أنّ سياسة الولايات المتحدة تتمثّل في إعادة المتطرفين ومحاكمتهم. وشدّد بالادينو على أن «إعادة المقاتلين الأجانب إلى بلادهم الأصلية وضمان محاكمتهم وسجنهم هو السبيل الأفضل لمنعهم من العودة إلى ساحة المعركة». وأضاف: «نحن نعدّ هؤلاء المقاتلين تهديداً عالمياً، ونأمل في حدوث تعاون دولي للتصدّي له». وتعاطى عدد من المسؤولين الأوروبيين بفتور مع دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لهم لاستعادة مواطنيهم المتطرفين المعتقلين لدى القوات الكردية في سوريا ومحاكمتهم في بلدانهم. وقال ترمب إنّ بلاده تطلب من حلفائها الأوروبيين «استعادة أكثر من 800 مقاتل من تنظيم داعش، ألقينا القبض عليهم في سوريا، ومحاكمتهم». وتواجه أوروبا صعوبة في كيفية التعامل مع المقاتلين الذي خرجوا من أراضيها للقتال مع تنظيم داعش، وأنصارهم وعائلاتهم المحتجزين في سوريا، إلا إن الانسحاب الأميركي الوشيك من سوريا وضع أمام الحكومات الأوروبية مهلة لمعالجة قضية مواطنيهم المحتجزين حالياً لدى «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد. وكانت هذه المسألة على طاولة اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل الاثنين الماضي، خصوصا أن آخر مقاتلي التنظيم المتطرف باتوا محاصرين في بقعة صغيرة في شرق سوريا، توشك «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن على اقتحامها.
مشاركة :