نقف مع نموذجٍ جديدٍ من نماذج شبابنا الواعد، وهو الشاب عمر عبد الله الكندري، الذي يقدّم رؤية إنسانية وفلسفية للعمل الخيري، ومكانته في المجتمع الكويتي، وأثره في الفرد والمجتمع، نوجز أبرز ملامحها في ما يلي: أولا: البعد التاريخي للعمل الخيري في الكويت: فيهتم الشاب الواعد عمر الكندري ببيان البُعد العميق والضارب بجذوره في الوجدان والتاريخ؛ للعمل الخيري في الكويت، وترسُّخ فكرة التعاون والفزعة والإغاثة ومساعدة المحتاج في مجتمعنا الكويت، منذ مجتمع ما قبل النفط، بحيث يمكن القول باطمئنان إن الخيرية من السمات الأصيلة للشعب الكويتي. ثانيا: المفهوم الشامل للاستفادة في العمل الخيري: يفهم عمر الكندري ويمارس كيف أن العمل الخيري يرجع بالفائدة على جميع أطرافه، ولا تختص فائدته بالمستفيد المباشر منه، بل إن فائدته تعود على فاعله أيضا وعلى المجتمع ككل، فالفرد والمجتمع الذي يعيش قِيَمَ العمل الخيري هو فرد ومجتمع صحّي وحيّ، وقادر على التضحية والمثابرة والصبر والعطاء والإنجاز. ثالثًا: لا يغفل الكندري البُعد العَقدي في العمل الخيري، فلا شك أن المسلم يجب أن يبتغي بعمله وجه الله والدار الآخرة، فيفعل الخير يرجو به ثواب الله، وهذا ما يُضفي على عمله قيمةً مضاعفة، ويكسبه صفة الاستمرار، والرغبة في الإتقان والتجويد، لأن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبا. رابعا: يعمل الكندري جاهدا على نشر فلسفة العمل الخيري المستديم، الذي يسلط الضوء على المنح ذي الأثر الدائم، بحيث لا يكون العمل الخيري مساعدةً عَرَضية مؤقتة، كما أن حسن الاختيار النوعي للعمل الخيري هو الآخر من السمات البارزة لفلسفة عمر الكندري للعمل الخيري. فإنه وإن كان من الصحيح أن جوانب العمل الخيري متعددة، ولا تزال للمناشط التقليدية للعمل الخيري أهميتها الكبيرة، باعتبارها جميعا من المقومات الأساسية والدائمة لحاجات الإنسان عبر الزمان والمكان، إلا أن الطبيعة الحديثة للمجتمعات الإنسانية وما فرضته من حاجات ومتطلبات جديدة؛ تستلزم على العمل الخيري أن يواكبها بأنواع جديدة من العمل الخيري يكون لها مردودها الاجتماعي والثقافي والتنموي المستديم المتمثل في مشروعات تأهيلية للفرد أو العائلة أو المجموعة بما يغنيهم عن السؤال ومد اليد بطلب المساعدة بعد توافر مقومات الاكتفاء الذاتي. خامسا: يجد عمر الكندري نفسه في جانب المواءمة بين فلسفته النظرية للعمل الخيري، وحاجة المتبرع لما يشبع رغبته في التبرع لأجل الكسب الأخروي وتخفيف عناء المحتاجين، بحيث يدمج بين الأمرين في مخرجات واقعية على أرض الواقع تتجسّد في المشروعات الخيرية المختلفة، التي تلامس حقيقة الاحتياج الفعلي، ولا تكتفي بمجرد دفع الأموال إلى المحتاجين من دون مراعاة خصوصياتهم الثقافية والمجتمعية، وما يحتاجونه حقّا. سادسا: يمثِّل مفهوم «الثقة» في العمل الخيري حجرَ الزاوية في استمراره ونجاحه، حيث يضمن لمشاريع العمل الخيري الديمومة اللازمة لتحقيقه هدفَه ورسالته، فهو التحدّي الكبير الذي يتحقق بالعمل الدؤوب والمستمر والمخلص، الذي يتسم بالإتقان، والإنجاز على الأرض، تلك الإنجازات التي لا تقتصر على المساعدات العينية والمادية، ولكنها تتعدى ذلك إلى نماذج المخرجات البشرية التي تتحول إلى صدقات جارية تسعى في الأرض لتعلم شعوبها وتنهض بمجتمعاتها بنفسها من دون أي مؤثر خارجي. سابعاً: تأصيل التأسيس النظري للعمل الخيري: وذلك بحيث ينبغي أن يتضمن ذلك التأسيس النظري المنشود للعمل الخيري: الدراسات والأبحاث التي تبيّن مفاهيم العمل الخيري، وتؤصِّل قيَمه، وترسّخ جذوره في المجتمع والوجدان. ويهمس عمر الكندري برسالته في آذان شبابنا الواعد أن يكملوا مسيرة الآباء والأجداد في حب الخير، وأن يكملوا مسيرة إخوانهم الكبار في ما بدأوه من تطوير للعمل الخيري في الكويت، فذلك من وجهة نظره أفضل من الاستئناف والبدء من جديد مع كل فكرة أو مشروع أو فريق تطوعي. لقد كانت وقفتنا هذه المرة مع أفكار ثرية وخصبة لشاب واعد من شباب وطننا الغالي الكويت، حول التأسيس النظري والفلسفي للعمل الخيري، مع الطموح والعاطفة الصادقة، التي تصبُّ جميعا في مجال العمل الخيري، الذي يتميّز به مجتمعنا الكويتي، فضلاً عن نمذجة هذه المفاهيم النظرية بالتطبيقات العملية الواقعية. د. عبد المحسن الجارالله الخرافيajalkharafy@gmail.comWWW.ajkharafi.com
مشاركة :