نجد في الكثير من الدوائر والمؤسسات الرسمية والخاصة شباب وشابات ورجال ونساء من أبناء البحرين الغالية يعملون بجد وإخلاص منقطع النظير وكأنهم أصحاب تلك الدوائر والمؤسسات، وفي حالات لا تشك أنهم شركاء في تلك المؤسسات من شدة حرصهم على مصلحتها وجودة إنتاجها، فإذا ما سألتهم ما الذي يجعلكم تبذلون كل ما في وسعكم من جهد في عملكم؟ تراهم يجيبون بكل أريحية ومن دون تكلف، «شعورنا بقيمة العمل الذي نقوم به هو الدافع لنا بأن نقدم أفضل ما لدينا». فالشخص الذي يعمل وهو لا يشعر بهذا الشعور الإيجابي، لا يمكنه أن يتطور في قدراته وإمكانياته ومهاراته العملية مهما بذل من جهود كبيرة، ولهذا يقال لمن يراوح في مكانه ولم يسعَ لتطوير قدراته المهنية، ولم يتقدم بمبادرات سديدة تفيد عمله، ولم يقترح أفكارًا لها مردود إيجابي على واقعه العملي، كأنه ينفخ في بالونة مخرومة من دون أن يسعى بجد لإصلاحها، فلو قضى 24 ساعة متواصلة في نفخها من غير توقف لن يستطيع أن يحصل على نتيجة إيجابية، فلو شعر بقيمة العمل الذي يقوم به لفكر في طريقة عقلانية يحقق من خلالها الهدف الذي يريد الوصول إليه بأقل وقت ممكن، لكنه أقنع نفسه أن العمل الذي يقوم به لا قيمة له في حياته العملية.هذا النوع من التفكير التثبيطي اليائس يضعف القدرات والإمكانيات ويجعلها مشلولة غير قادرة على التقدم ولو خطوة واحدة، في أحد المجالس تحدث أحد الحضور عن التربويين والمعلمين الشباب، الذين قدموا طلباتهم للتقاعد الإختياري، وهم لم يقضوا في سلك التعليم إلا سنوات معدودة لم تتجاوز الـ15 عامًا، وتساءل لماذا أخذوا هذا القرار الذي يعتقده أنه قرار خاطئ وغير مدروس من أبعاده التربوية والتعليمية؟ وفي اعتقاده إن كل المبررات التي سمعها من أولئك المعلمون والمعلمات ليست مقنعة لدى العقلاء، خصوصا أنهم كانوا مخلصين متفانين رائعين في مهنتهم، وليسوا عالة على مهنة التعليم، وسأل في نهاية كلامه، لماذا تركتهم وزارة التربية والتعليم التي تعلم قبل غيرها بأهمية وجودهم في التعليم، وأنهم سيتركون فراغًا في مدارسهم لا يسد بسهولة؟ في كل الأحوال غير مقبول للشباب البحريني أن يختار لنفسه التقاعد وهو في عنفوان شبابه وكامل صحته الجسدية، فالوطن بحاجة ماسة لقدراتهم وإمكانياتهم في كل المجالات والتخصصات وخاصة التعليم، فأبناء البلد من البنين والبنات لا يمكن الاستغناء عنهم، ونتمنى للشباب الذين انتقلوا إلى مرحلة التقاعد المبكر جدًا، التفكير في مشاريع تعليمية يفيدون من خلالها الطلبة الطالبات في مسيرتهم الدراسية، وأن يكون لهم الدور البارز في تقويتهم تعليميًا، ليس مستحيلاً أن يؤسسوا معاهد تعليمية بالمشاركة الجماعية، بإمكان كل مجموعة منهم تكوين معهد تعليمي متميز.ونحن على يقين أنهم قادرون على القيام بهذه المشاريع التربوية التعليمية، فهناك عدة جهات تمويلية بإمكانهم الاستعانة بها في هذا المجال، فالشباب الذين يختارون بأن يكونوا من فئة البطالة المبطنة عليهم أن يعلموا أنهم ليسوا مسؤولين عن أنفسهم فقط بل مسؤولون عن أسرهم ومجتمعهم ووطنهم، فعليهم ألا يفرحوا بالراحة المبكرة التي لن تكون في صالح بلدهم ولا في صالح أنفسهم.
مشاركة :