الخلافات بين الهند وباكستان كبيرة وعميقة الجذور، لكنّ ذلك لا يمنع السعودية من محاولة تطويقها وتقليص الهوّة بين الجارين الغريمين عبر إنشاء شبكة مصالح اقتصادية ضخمة ومتشابكة تضمّهما معا وتحقّق لهما فوائد مادية كبيرة، وتخدم في نفس الوقت مساعي السعودية لإنشاء حزام للأمن والاستقرار في قارّة آسيا يطوّق إيران ويحدّ من هامش حركتها في المنطقة. نيودلهي - تسعى المملكة العربية السعودية من خلال الجولة الآسيوية التي يقوم بها حاليا ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان، وشملت كلاّ من باكستان والهند على أن يستكملها في الصيّن، إلى عقد شراكات اقتصادية ضخمة ذات طابع استراتيجي، ينتظر أن يكون لها أثرها في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 التي تتضمّن تنويع مصادر الدخل وإثرائها والحدّ من الارتهان بعائدات النفط. إلاّ أن السعودية، وهي تعرض شراكاتها على تلك الدول الكبيرة التي تضمّ مجتمعة أكثر من ثلث سكّان العالم، لا تغفل هدفا لصيقا بالازدهار الاقتصادي والرفاه الاجتماعي وهو تحقيق الأمن والاستقرار ومواجهة الإرهاب بمختلف مظاهره ومصادره سواء كانت منظمّات متطرفة كالقاعدة وداعش ومختلف الميليشيات الشيعية الناشطة في المنطقة، أو دولا مثل إيران التي تقول الرياض إنّ لها صلات وثيقة بتلك المنظمات والميليشيات. وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الأربعاء، إن الإرهاب يشكّل مصدر قلق مشترك، وإن بلاده ستعمل مع الهند والدول المجاورة للتعامل مع هذا الخطر. وصادفت زيارة الأمير محمّد إلى كلّ من باكستان والهند حالة من التوتر بين هذين البلدين الجارين، والغريمين في نفس الوقت، بعد مقتل أربعين جنديا من القوات الهندية، في الشطر الذي تسيطر عليه الهند من إقليم كشمير في تفجير نفذته جماعة “جيش محمد” المسلحة التي تتخذ من باكستان مقرا لها. إقرأ أيضاً: دبلوماسية الرياض تستكمل عزل طهران عن طرق الحرير وكان مراقبون قالوا بمناسبة زيارة ولي العهد السعودي إلى البلدين، إنّ من التحديات التي قد تعمل السعودية على رفعها، خفض التوتر بين نيودلهي وإسلام آباد، والعمل تدريجيا على تغيير طبيعة العلاقة القائمة بينهما عبر شراكة اقتصادية قد تتوسّع لتضمّ بلدانا آسيوية أخرى وتوظّف فيها مبالغ ضخمة من أموال المملكة التي سيكون من مصلحتها إقامة جدار صلب في آسيا بوجه إيران. وتعهدت الرياض مطلع الأسبوع الجاري بالمساعدة على خفض التصعيد بين إسلام آباد ونيودلهي. وقد أعلن ذلك وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الباكستانية خلال زيارة ولي العهد لها. ويعتقد مراقبون أن السعودية يمكن أن تنجح في تبريد الخلافات بين الهند وباكستان نظرا لثقلها الاستثماري وقدرتها على تحقيق التوازن في علاقتها بالجارين اللدودين. وقال ولي العهد السعودي في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في نيودلهي، إن التطرف والإرهاب هما مصدر قلق مشترك، مضيفا أن بلاده ستتعاون مع صديقتها الهند، في شتى المجالات، بما في ذلك تقاسم المعلومات الاستخباراتية. وبالنسبة للسعودية تظلّ إيران مصدرا رئيسيا للإرهاب من خلال دعمها لجماعاته واتّخاذها أذرعا للتدخل في دول الإقليم وضرب استقرارها. وأضاف الأمير محمّد أن بلاده ستعمل مع الدول المجاورة بشأن مواجهة هذه القضية لضمان مستقبل أكثر إشراقا للأجيال القادمة. ومن جانبه، قال مودي إن الهند والسعودية اتفقتا على ممارسة كافة الضغوط الممكنة على الدول التي تدعم الإرهاب، وذلك في إشارة إلى الهجوم بكشمير الذي حمّلت نيودلهي إسلام آباد المسؤولية عنه. وأضاف “من الضروري تدمير البنية التحتية للإرهاب، ومعاقبة الإرهابيين ومؤيديهم. إننا بحاجة إلى خطة عمل قوية من أجل محاربة التطرف”.
مشاركة :