هل يملك طالبو اللجوء رفاهية اختيار بلد اللجوء؟ سؤال كان في الماضي غير مطروح للنقاش، وخاصة على المهاجرين أنفسهم. ترى ما هي العوامل التي تحمل المهاجرين على قصد بلدان بعينها؟ من البديهي سؤال المهاجرين أنفسهم عن أسباب اختيار تلك الدول أو غيرها كمقصد للجوء، إلا أن هذا لم يكن هو الحال في الماضي. وبناء عليه كان صناع السياسة الغربيون يبنون سياساتهم وفقاً لمعطيات "خاطئة"، كما يقول خبير الهجرة هيفن كرولي. تغير الأمر مؤخراً مع صدور دراسة أجريت عام 2015 في هذا الصدد وتم فيها إجراء مقابلات مع طالبي لجوء من نيجيريا وإريتريا وسوريا وبلدان أخرى. شح في المعلومات كشفت دراسة أجريت عام 2002 لصالح وزارة الداخلية البريطانية أن المهاجرين لديهم معلومات قليلة عن نظام اللجوء البريطاني قبل قدومهم إلى بريطانيا، حتى أن بعضهم لم تكن لديه فكرة أن يتوجب عليه تقديم طلب لجوء. وكان القليل جداً ممن شملتهم الدراسة عام 2002 يعلمون أنه سيتم إيوائهم في مراكز لجوء. وحتى من كان يعلم بذلك لم يكن يرى في ذلك أمراً سيئاً. والأمر الآخر الذي تجاهله صناع القرار هو أن أوضاع المهاجرين تتغير نتيجة ظروف طريق الهجرة ومن يقابلونهم من أناس، حسب هيفن كرولي. المهربون والأقارب مركز إيواء للاجئين في ألمانيا علي (اسم مستعار) شق دربه من العراق إلى أوروبا بمساعدة مهربي البشر. في رحلته الطويلة كانت محطته الأولى الأردن: "كانت الدولة الوحيدة التي تقبل بنا في ذلك الوقت". بعد فترة قصيرة قرر التوجه إلى ألمانيا، لكن لم يكن لديه أي خطة عن كيفية الوصول إلى هناك، على حد تعبيره. ويضيف الشاب أنه التقى مصادفة بشاب آخر كان يريد التوجه إلى ألمانيا: "كان قريبه يعيش في مدينة ميونخ وقال لنا إنها أفضل مدينة في ألمانيا. ومن هنا عزمت على التوجه إليها"، كما يقول علي في حديث لـ "مهاجر نيوز". وحسب الإجابات التي خرجت بها الدراسة فإن العاملين الأساسيين في "اختيار" المهاجرين للدولة التي قصدوها هما عصابات التهريب ووجود أقارب أو أصدقاء في تلك الدولة. من أصل 65 مهاجراً أجريت معهم مقابلات في دراسة 2002 قال 42 إنهم تأثروا إلى حد بعيد بالمهربين. وبخصوص العائلة والأقارب قال الذين تم سؤالهم إن وجود أفراد من العائلة، وحتى وإن كانت صلة القرابة بعيدة، قد يساعدهم في تخطي بعض الصعاب وخاصة في المرحلة الأولى من وجودهم في بلد الهجرة. كما يلعب معرفة المهاجر بلغة البلد الذي يقصده دوراً في الاختيار. علي قال إنه قرر في البداية التوجه إلى أستراليا بسبب إلمامه باللغة الإنكليزية، إلا أن الحظ لم يحالفه وقادته الأقدار إلى ألمانيا مهاجرون غير قانونيين افارقة لا يعرفون وجهتهم خيارات محدودة أظهرت الدراستان العائدتان لعامي 2002 و2015 أن "خيارات" المهاجرين في اختيار بلد الهجرة محدودة جداً. وتفسر الدراستان ذلك بأن المهاجرين لا يملكون ترف الاختيار تحت ضغط ظروف الحرب والمآسي، وإنما يريدون فقط النجاة بأرواحهم إلى أي مكان. ثلاثة فقط من 65 مهاجرا تمت مقابلتهم في دراسة 2002 قالوا إنهم قرروا التوجه إلى بريطانيا بسبب جاذبية العيش هناك. بالنسبة للكثيرين مغادرة الوطن، كان ترك العائلة والعمل والممتلكات، هذا بالإضافة إلى العوائق اللغوية والثقافية في الغربة: "وقع من أجريت معهم المقابلات في حيرة بسبب كثرة الأسئلة عن المعلومات التي كانت بحوزتهم عن بريطانيا قبل القدوم إليها. كل ما كان يهمهم هو سلامتهم الشخصية". رفاهية العيش؟ النتيجة المفاجئة للكثير من الناس، بما فيهم صناع القرار، أن طالبي اللجوء لم يهاجروا من أجل النقود وأن رفاهية العيش الذي يقدمها بلد اللجوء لم يكن له إلا الدور المحدود أو لم يكن موجوداً في الحسبان. والعديد من المهاجرين لم يكن لديهم أدنى فكرة عن مقدار النقود التي سيحصلون عليها شهرياً وظن البعض أنه يتوجب الاعتماد على النفس في المأكل والمسكن. "عملت في التنظيف عدة شهور قبل أن يقول ليّ أحدهم: لما لا تتلقي مساعدات من الدولية؟ لم أكن اعرف بالأمر"، يقول علي. بعض المهاجرين عبروا عن استعدادهم لتلقي المعونة من الحكومة، إلا أنهم يفضلون على المدى البعيد العثور على عمل. لم يكن يدر في خلدهم أن بريطانيا وغيرها من البلدان تقدم مثل هذا الدعم السخي. ماريون ماكغريغور/خ.س مصدر الخبر مهاجر نيوز
مشاركة :