السبيل للدخول إلى مصاف الشركات الناشئة الناجحة

  • 2/21/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو المشهد العام للشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط مزدهراً وواعداً، حيث بدأ العديد من الأشخاص بترك وظائفهم الثابتة التي تدر دخلاً مرتفعاً للمغامرة بإرساء شركات ناشئة خاصة بهم، بهدف إما انتاج بضائع وإما تقديم خدمات تتسم بالابتكار. ولكن ثمة حقيقة يجب إدراكها، ألا وهي أن غالبية الشركات الناشئة لا يُكتب لها النجاح في مسيرتها. وتقدم لنا مي الحبشي من خلال السطور التالية الطريقة المُثلى للتغلب على الصعوبات التي تصادف أصحاب تلك الشركات الناشئة. لقد زادت عمليات تمويل الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2018 بنسبة %31 مقارنة بعام 2017، لتسجل صفقات المشروعات الناشئة في المنطقة رقماً قياسياً بلغ 366 مشروعاً. ووفقا لشركة ماغنيت الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمتخصصة في البيانات ونظم الشركات الناشئة، فإن قيمة إجمالي استثمارات هذه المشروعات قد بلغ 893 مليون دولار. ولكن مع نمو التوجه العام نحو إقامة المشروعات الناشئة في المنطقة، تطل علينا حقيقة مؤسفة متمثلة في أن تسعاً من أصل عشر شركات ناشئة تتعرض للفشل. على الرغم من هذه الحقيقة القاتمة،فإنه يجب على رواد الأعمال أن يكونوا على دراية بها قبل البدء في مشروعاتهم. والسؤال هو: كيف يمكن لرواد الأعمال بناء شركات ناشئة يكتب لها النجاح؟ اختيار فريق العمل المناسب يُعد توافر فريق العمل المناسب أحد أهم عوامل نجاح الشركات الناشئة، لكنه أمر لا يعيره عادة رواد الأعمال الاهتمام الكافي. ويُشير مدير حاضنة الأعمال «أيه. يو. سي. فينتشر لاب» في الجامعة الأمريكية بالقاهرة د. أيمن اسماعيل «إنه عند البدء في إرساء شركة، يقوم رواد الأعمال باتخاذ الكثير من القرارات، التي من شأنها أن تصوغ شكل شركاتهم وتحدد مسيرتها، مثل الاهتمام باختيار فريق العمل ورسم ملامح الثقافة المراد اتباعها. وعلى الرغم من أهمية هذه العوامل، فانهم عادة لا يدركون مدى تأثير وأهمية تلك القرارات في مشروعاتهم» وينصح د. أيمن اسماعيل رواد الأعمال بألا يقوموا فقط باختيار فريق عمل يمتلك أفراده المهارات والخبرات معاً، ولكن يجب أن يتحلى الفريق بروح العمل الجماعي. وهنا يؤكد د. أيمن «إن هذا هو أهم عامل على الإطلاق بالنسبة الى الشركات الناشئة». وتتفق مع هذا الرأي دينا الشنوفي الرئيس التنفيذي للاستثمار في «فلات6لابز»، وهي شركة إقليمية لتسريع الأعمال موجودة في القاهرة، حيث أشارت قائلة «إننا لا نستثمر في الشركات، ولكننا نستثمر في الأفراد. في بعض الأحيان، قد تكون فكرة الشركة الناشئة متواضعة، لكننا نستثمر في فريق العمل، لأننا نؤمن بأن لديهم القدرة والعزيمة على تحويل مسار المشروع ليحقق النجاح المأمول». مشروع لتلبية احتياجات العميل ليس سرا أن أي مشروع جديد يعمل على تقديم منتجات أو خدمات يحتاجها العملاء. لكن، في بعض الأحيان نجد أن رواد الأعمال يتمسكون بفكرة خاصة بهم، ويفشلون في جعلها تتكيف مع متطلبات السوق. ويقول د. اسماعيل «يحتاج رواد الأعمال أن يضعوا متطلبات العملاء في بؤرة اهتمامهم حتى يقدموا في النهاية منتجا خدمة العملاء في حاجة حقيقية إليه. يجب على رواد الأعمال استطلاع رأي العملاء ليس فقط بسؤالهم إذا ما كانت تلقى إعجابهم. ولكن استطلاع الرأي يكون بمدى إعجابهم بالمنتج والسعر المعلن عنه والشكل المقدم به وبالطريقة المعروض بها». وتؤكد دينا الشنوفي هذا التوجه في العمل، بل وتشجع الشركات الناشئة على القيام بعمل نماذج أولية ومنتجات قابلة للاستمرار باستغلال الحد الأدنى من متطلبات الإنتاج. وتضيف دينا موضحة «إن القيام بهذه الخطوة سيساعد رواد الأعمال على جس نبض السوق ومعرفة المزيد عن أفضليات العملاء واحتياجاتهم». جذب الاستثمارات تعتبر مسألة توفير الاستثمارات اللازمة أمرا بالغ الأهمية، وعاملاً حاسماً في نجاح معظم الشركات الناشئة. ولكن ليست كل الشركات الناشئة بحاجة إلى مستثمرين ممولين أو رأسمال مخاطر في المراحل الأولى من العمل. يعود د. اسماعيل ليشير إلى أن «التمويل الشخصي هو المصدر الأول لتمويل المشروعات، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فحسب، بل في كل أنحاء العالم. وأصبح من المهم الاعتماد على استثمارات سواء برأسمال مخاطر من جانب كبار المستثمرين، أو من البنوك، أو غيرها من المصادر المشابهة للتمويل في حالة رغبة الشركات الناشئة في تحقيق نمو كبير في حجم أعمالها. أما إذا كانت إحدى الشركات ترغب في النمو بمعدل مناسب لمواردها، فإن التمويل الشخصي هو النموذج الأكثر شيوعاً في هذه الحالة». ولكن، إذا أرادت إحدى الشركات الناشئة الحصول على تمويل لمشروعها، فيجب عليها أن توضح للطرف الممول مدى احتياج السوق لمنتجاتها أو خدماتها. وتلقي دينا الشنوفي الضوء على هذا الأمر فتقول «إن أصحاب الشركات الناشئة يتعين عليهم في حالة الرغبة بالحصول على تمويل توضيح مدى جاذبية منتجاتهم، وأن مشروعاتهم تسير بمعدل نمو حقيقي على أرض الواقع. ويخلط كثير من رواد الأعمال بين الأرقام العامة والإيرادات المحققة، لكن الأهم هو توضيح مدى الإقبال وزيادة الطلب على المنتج في السوق». ويلعب عامل الإبداع كذلك دوراً مهماً في الحصول على التمويل اللازم للاستثمار في الشركات الناشئة. ومن ثم، فإنه كلما كانت فكرة المشروع أكثر ابتكاراً، قلّت مساحة التنافس أمامه عند طرحه في الأسواق. ومن جانبه يقول د. اسماعيل «هذا هو السبب الذي يجعل عامل الابتكار أمراً غاية في الأهمية، لأنه ببساطة ينقلك إلى مساحات جديدة في السوق لا ينافسك فيه أحد، وهي نقطة مهمة بالنسبة الى المستثمرين». وهنا ترى دينا الشنوفي بأنه يتعين القيام بعرض مثير ومشوق للمنتج، موضحة بأنه من العوامل المهمة في جذب المستثمرين لتقديم التمويل. وتطرح دينا الشنوفي عددا من التساؤلات المهمة التي يجب على رواد الأعمال الإجابة عنها «هل لدى المشروع فرصة كبيرة للنمو، وهل يمتلك ميزة تنافسية في السوق؟ وهل من الصعب تكرار التكنولوجيا نفسها المستخدمة في صناعة المنتج أو الخدمة المقدمة،أم أن لتلك التكنولوجيا حقوقا حصرية يمتلكها كبار المصنعين؟ التعرف على هذه الإجابات هو الذي يجعل أي شركة ناشئة شركة ذات مستقبل واعد». على الرغم من الازدهار المتأخر، الذي شهدته منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيما يتعلق بعالم الشركات الناشئة، فان منظومة إرساء هذه المشروعات حققت نمواً متسارعاً على مدى السنوات الخمس الأخيرة.

مشاركة :