العاطلون عن العمل بدأوا يؤطرون تحركهم ،وينظمون صفوفهم ، وحين يصبح الموضوع أكبر من صيحة يأس أو نداء عبر محطة إذاعية أو مقال في صحيفة فإن يدا مسؤولة ينبغي أن تمتد لتقرع جرس إنذار يقول: إن الزحف إلى عمان يعني أن لب الخلل في العاصمة ، والقرار في العاصمة ، وحين تكون وجهة الزحف إلى الديوان الملكي فهذا يعني سحب الثقة من الحكومة وفقدان الأمل من قرار نافذ بيدها، وأن من يستوعب شكواهم هو بيت الأردنيين ( ديوان الملك ) وأنه الملاذ الأخير لما يعتمل في صدور الأردنيين. وأنهم يشعرون أن الصوت لا يصل إلى الديوان من بعيد.القضية وإن كان ظاهرها قضية بطالة وفرص عمل ، إلا أن جوهرها المكبوت والذي سينفجر قريبا هو الإحساس بالظلم وغياب العدالة واستيلاء الواسطة والمحسوبية على فرص العمل. خلال السنوات العشر الماضية استولى عدد كبير من النواب على آلاف فرص العمل لمؤيديهم من قواعدهم الانتخابية بدعم حكومي مقابل تمرير قوانين، ودون مراعاة لمعايير الكفاءة وتكافؤ الفرص .. نعم كانت التعيينات وسيلة وثمن في التفاوض مع المجالس النيابية كما استولى أبناء الأغنياء على الفرص الذهبية في القطاع الخاص، الأمر الذي غرس بذرة الإحساس بالظلم والذي ستضطر الدولة والمجتمع لتحمل أعباء نتائجه سياسيا واجتماعيا وأمنيا.وإذا كان السيد رئيس الديوان الملكي قد التقى الفوج الأول من الزاحفين - فوج العقبة - ووعدهم بتوفير فرص عمل لهم خلال أسبوعين فعادوا أدراجهم فما الذي ستفعله الحكومة والديوان معا حين يقتنع المتعطلون عن العمل في الشمال والشرق وأعدادهم عشرات الآلاف من الشباب الجامعي أن الفرصة لن تكون إلا بالزحف تجاه عمان وبالذات تجاه بيت الأردنيين ؟؟هناك غياب العدالة تسبب بالشعور بالظلم القهر والتهميش وهناك فشل في السياسات الحكومية للسيطرة على البطالة ، وفشل في استراتيجية مخرجات التعليم الجامعي وتواؤمها مع اقتصاد السوق.لكن الأخطر من ذلك كله ما نراه من محاولات تسييس تحرك الشباب الباحثين عن عمل وتوجيه نداءات إلى أعداد هائلة منهم للزحف باتجاه العاصمة والدعوة لتوسيع تحركهم ليشمل الفقراء والغارمين والمظلومين والمطلوبين للقضاء، وهذا له وصف أكبر من مطالبة بحقوق أو شكوى من ظلم، وأكثر من محاولة إحياء الربيع العربي في عمّان.ومع احترامنا لحق كل أردني في التعبير والشكوى والاحتجاج إلا أن تجييش الجماهير يهدد أمن المجتمع والدولة.
مشاركة :