كتبت:منى البدوي وفقاً لما هو متبع في نظام الخطوبة والزواج في بعض الدول العربية، تقدم شاب في أواخر العقد الثاني من العمر لطلب الزواج من فتاة تعيش مع أسرتها في منطقة ريفية تقع على ضفاف إحدى المدن الموجودة في دولة عربية، وسرعان ما وافق والد الفتاة على الطلب بعدما علم بإمكانيات الشاب المادية وقدرته على توفير حياة كريمة لابنتهم من دون أن يتطرق والدها للبحث والتحري عن أخلاق الشاب الذي يعمل في إحدى الدول، خاصة أن مظهر الشاب الذي بدت عليه الرفاهية جعلت والدها يتغاضى عن كل شيء مقابل المادة. ما أن انتهى المأذون من عقد القرآن حتى صارت الفتاة البالغة من العمر 16 سنة شريكة حياة الشاب ووفقاً لما تم الاتفاق عليه بين الأسرتين. انتقلت الفتاة للعيش معه في الدولة التي يعمل فيها بعد إتمام مراسم الزفاف مباشرة، وهي تظن أن الحياة بدأت تبتسم لها، إلا أنها بعد أقل من شهر واحد بدأت تتلقى الصدمات واحدة تلو الأخرى حتى بدت ملامحها بعد 7 سنوات من زواجها خالية من رونق الشاب لما مُزجت به من ألم وأسى وآثار ضرب بعضها علق على جسدها وبعضه الآخر بقيت ندباته في ذاكرتها وتحول إلى مشاعر كره ملأت قلبها لزوجها وأسرته الذين أساؤوا معاملتها واستغلوها بشتى الطرق لضعفها وقلة حيلتها وجهلها بالقوانين. بعد أن قدمت إلى الدولة وجدت نفسها تعيش في منزل واحد مع زوجها ووالده ووالدته بسبب عدم قدرته المادية على توفير عش الزوجة، وكانت أول صدمة تتعرض لها حيث إن الزوج الذي تظاهر بإمكاناته المادية المرتفعة مع أنه يعمل موظفاً بسيطاً ويعول والديه، كما أن الزوج بدأ ينهال عليها بالضرب المبرح لأتفه الأسباب، وسعياً لتفادي الطلاق تجاهلت الوعود التي أطلقها الزوج أمام والدها وبدأت تبحث عن عمل لتتمكن من تحسين الأوضاع المادية خاصة بعد أن رزقت بطفلها الأول، وأيضاً حتى تفر من الجحيم الذي تعيشه مع رجل لا يجيد سوى تسديد اللكمات لامرأة لا تقوى على صدها أو حتى التصدي لجبروته، وبالفعل استمرت في عملها لمدة سنتين أقنعها خلالها الزوج باستخراج دفتر شيكات ولم يكن أمامها سوى خيارين إما أن تستجيب لمطلبه وإما أن تتلقى الإهانة والضرب طوال فترة وجودها في المنزل. لم تكن تعلم بالنوايا الخبيثة التي كان يحملها لها الزوج مع والده، حيث تم إجبارها على توقيع جميع الأوراق في دفتر الشيكات الخاص بها وبررا ذلك برغبتهما في شراء بضاعة لم يتم تحديد قيمتها بعد، وقاما مجدداً برسم صورة للحياة الرغيدة التي ستعيشها الأسرة بعد شراء البضاعة وبيعها وسداد قيمة الشيكات. خلال تلك الفترة تم فصل الزوجة من عملها، ولم يقم زوجها بتجديد الأوراق الرسمية الخاصة بها ليتسنى لها الإقامة بصورة مشروعة في الدولة ليستخدم ذلك ضمن مجموعة أساليب للضغط عليها بهدف الرضوخ لمطالبه، إلا أن استسلامها لم يدم طويلًا خاصة بعد أن ازدادت شراسة الزوج في الضرب لدرجة إسالة الدماء من رأسها وإحداث كدمات ورضوض في يديها وأرجلها وتركها من دون علاج، حيث بدأت تهدد الزوج باللجوء إلى الشرطة لحمايتها، إلا أن الزوج كان يستقبل كلماتها بضحكات ساخرة مرتفعة ومردداً «اذهبي وسيتم إلقاء القبض عليك وإيداعك السجن باعتبارك مخالفة لقانون الإقامة في الدولة». كانت كلماته تجعلها في كل مرة تتراجع عن قرارها، لما كانت تتسبب به من سيطرة مشاعر الخوف عليها، وأيضاً بسبب أطفالها الذين لن يجدوا من يرعاهم خاصة أنهم من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن المعركة الأخيرة التي دارت بينهما جعلتها تتجاهل الخوف وتنسى أطفالها وتتوجه إلى مركز الشرطة شاكية من الضرب المبرح الذي تعرضت له من قبل زوجها وبالفعل تم استدعاؤه كما تم إيقافها في المركز بسبب شكوى مقدمة ضدها من قبل أفراد لا تعرفهم تفيد بتوقيعها على شيكات بلا رصيد تصل قيمتها إلى حوالي 200 ألف درهم.. عندها تنبهت إلى أن زوجها ووالده قاما باستغلال الشيكات التي وقعتها رغماً عن أنفها. بعد 9 أيام قضتها في السجن أجبرها زوجها على مغادرة الدولة برفقة والدته وأطفالهما مع وعود بتحويلات شهرية لتتمكن من العيش مع أطفالها في موطنهم، إلا أن تنفيذ الوعد لا يعرف له الزوج طريقاً حيث بقيت في موطنها لمدة 3 أشهر من دون أن يكلف الزوج نفسه إرسال مصروف لأبنائه، وعندها قررت العودة إلى حيث يعمل الزوج بمفردها تاركة أطفالها عند والدتها، لكن جاءت هذه المرة بصورة سيدة أخرى تعلو على الكسر الموجود داخلها وتحمل من قوة الشخصية ما يمكنها من مواجهة الزوج الماكر، ولجأت إلى الجهات الرسمية في الدولة ورفعت دعوى قضائية ضد زوجها ووالده اتهمتهما فيها بإجبارها على توقيع الشيكات، وبدأت مجدداً في خوض منعطف جديد في حياتها، حيث تسعى من خلال ساحات القضاء إلى إثبات براءتها من تهمة إصدار شيكات بلا رصيد، والمطالبة بمعاقبة الزوج على سوء المعاملة والضرب المبرح، طالبة الانفصال عنه ليتسنى لها الحياة بلا ضغوط نفسية ومادية.
مشاركة :