في المرة الأولى التي تركزت الكاميرات على مهاجم إنتر ميلان الأرجنتيني ماورو إيكاردي، لم تظل ثابتة عليه سوى لثوان معدودة. كان إيكاردي قد وصل قبيل انطلاق كرة البداية في مباراة الإنتر أمام سامبدوريا الأحد الماضي، وجلس على مقعد إلى جوار زوجته ووكيلة أعماله، واندا، في مدرجات استاد سان سيرو. ولا يبدو أن أياً منهم انتبه بتركز الكاميرا عليه، الأمر الذي أثار صيحات استهجان قصيرة من الجماهير صاحبة الأرض. ومع هذا، تركزت الكاميرات لفترة أطول قليلاً في المرة الثانية. في تلك اللحظة، كان اللعب قد توقف، بينما كانت ما تزال النتيجة التعادل دون أهداف بعد استراحة ما بين الشوطين. هذه المرة، انطلقت أصوات التصفير من الجماهير على نحو يخرق الآذان. وتحولت واندا بعينيها باتجاه شاشة العرض الضخمة في الاستاد لوهلة، وسرعان ما أدارت بعينيها بعيداً عنها ونظرت نحو الأرض. في ذلك الوقت، كانت أربعة أيام قد مرت منذ تجريد إيكاردي من شارة قيادة الفريق ـ قرار شرحه المدير الفني، لوسيانو سباليتي على النحو التالي: «ثمة أشياء تحيط بهذا الفتى بحاجة للإصلاح. وقد تسببت هذه الأشياء في إحراج الفريق والنادي الذي كان يرتدي شارة القائد فيه». ومن المفترض أنه على رأس هذه الأشياء، واندا نفسها وميلها الدائم لتصدر العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام على نحو سلبي. كانت واندا ضيفة دائمة الظهور في البرنامج الحواري الكروي «تيكي تاكا»، حيث وجهت سهام النقد لأقران زوجها في الفريق لعدم تمريرهم الكرة له بالقدر الكافي. وقالت: «بدلاً من منح ماورو عقداً جديداً، أفضل لو أن الإنتر يضم إلى صفوفه لاعباً قادراً على تمرير خمس كرات جيدة له كل مباراة». ومع هذا، يقف وراء قرار الإنتر بتجريد إيكاردي من شارة القيادة أكثر من مجرد تعليق واحد. وقد جرى التعجيل بهذا القرار بناءً على اجتماع عقد لمديري النادي، بقيادة بيبي ماروتا. وبعد تعيينه رئيساً تنفيذياً للنشاط الرياضي داخل النادي في ديسمبر (كانون الأول)، بدا أن مسؤول يوفنتوس السابق عاقد العزم على إظهار مهارته القيادية في قضية محورية على مستوى النادي. وحظي ماروتا بدعم الكثير من جماهير الإنتر. كان إيكاردي قد تقاسم صدارة هدافي بطولة الدوري الإيطالي الممتاز الموسم الماضي، لكن الأهداف وحدها لا تكفي لصناعة قائد للفريق. من جانبها، لم تنس مجموعات «الألتراس» السيرة الذاتية التحريضية التي أصدرها اللاعب عام 2016 وهدد خلالها بـ«إحضار 100 مجرم من الأرجنتين» لقتل أولئك الذين كانوا يهددونه في وقت كان الفريق يعاني صعوبات داخل أرض الملعب. وفي الفترة الأخيرة، تواترت أنباء عن حدوث انقسام في صفوف الفريق وظهور تكتلات داخل غرفة تغيير الملابس في الإنتر. وألقي مزيد من الزيت على هذه النيران عندما ضغط لاعب خط الوسط الكرواتي مارسيلو بروزوفيتش على زر «الإعجاب» على تغريدة أطلقها نادي الإنتر أعلن خلالها الاستعانة بالسلوفاني سمير هاندانوفيتش بديلاً عن إيكاردي كقائد للفريق. من جانبه، اختار اللاعب الأرجنتيني عدم المشاركة في رحلة الفريق، إلى رابيد فيينا لخوض مواجهة في إطار بطولة الدوري الأوروبي، بعد أن أعلن اسمه في البداية ضمن التشكيل الأساسي المشارك. بعد ذلك، حذف اسم إيكاردي من الفريق المقرر مشاركته أمام سامبدوريا. من ناحيته، قال سباليتي إنه سعيد بقرار إيكاردي العودة ومشاهدة المباراة على أي حال، رغم أنه كان يفضل لو أن مهاجم الفريق نزل لأرض الملعب للاحتفال مع زملائه بنتيجة المباراة التي فازوا خلالها بنتيجة 2 - 1.بالتأكيد كان هذا فوزاً مشجعاً للفريق. وخلال المباراة، قدم لوتارو مارتينيز الذي بدأ المباراة في مركز متقدم نحو الأمام في غياب إيكاردي، أداءً آخر قويا بعدما سجل الهدف الوحيد لفريقه أمام بارما. والملاحظ أن مارتينيز يفسر مهام هذا المركز على نحو مختلف للغاية عن زميله، وذلك بصورة تتيح قدراً أكبر من الحركة وتعينه على الإسهام بدرجة أكبر في بناء الهجمات، وإن كان حضوره داخل منطقة المرمى أقل. وكان من المغري التساؤل حول ما إذا كان إيكاردي يمكن أن يقدم أداءً أفضل في التعامل مع كرة رائعة أطلقها روبيرتو غاليارديني في وقت مبكر من المباراة. ورغم أن مارتينيز كان يقف في نقطة ممتازة جعلت حارس مرمى الخصم تحت رحمته، فإنه سدد الكرة من مسافة قريبة للغاية جعلت من السهل على الحارس إميل أوديرو التصدي لها. ومع هذا، تمكن مارتينيز في خلق فرص لمن حوله. وكان مارتينيز أول من أطلق كرة مرتفعة في طريق راجا ناينغولان قبل أن يهدر اللاعب البلجيكي الفرصة. كما أن مارتينيز هو من خلق مساحة أمام إيفان بيريسيتش كي يتمكن من الانطلاق قبل أن يحبط أوديرو محاولة تسجيله هدفا. إلا أن بيريسيتش نجح في تعويض هذه الفرصة من خلال نجاحه في المشاركة في صناعة الهدف الأول للإنتر، عندما تقدم بالكرة من الجانب الأيسر ومررها إلى دانيلو دمبروسيو ليحرز منها هدفا. وفي غضون دقائق، نجح سامبدوريا في التعادل، لكن الإنتر سرعان ما رد على ذلك عندما سكنت الكرة الشباك بكرة أطلقها رادجا ناينغولان لاعب وسط فريق إنتر وبينما كان القائد السابق للإنتر يتابع من المدرجات، تساقط في أرض الملعب عدد من زملائه ممن أخفقوا مثله في إظهار الروح القيادية المناسبة. على سبيل المثال، كان من المفترض أن يكون هذا عاماً عظيماً بالنسبة لبيريسيتش بعدما اضطلع بدور بارز في صفوف منتخب كرواتيا خلال بطولة كأس العالم. ومع هذا، فإنه الآن سجل عددا من الأهداف لحساب ناديه على امتداد ستة شهور يكافئ ما سجله لحساب منتخب بلاده في غضون سبع مباريات فقط الصيف الماضي. وبالمثل، جاء أداء رادجا ناينغولان لاعب وسط فريق إنتر دون المستوى ـ بجانب تعرضه لإصابات عدة. ومع هذا، يبدو أن اللاعب الأخير شرع بالفعل في بدء صفحة جديدة، وذلك مع نجاحه في إنقاص وزنه 4 كيلوغرامات منذ بداية العام بفضل نظام غذائي جديد وبرنامج تدريبي. كما تحدث اللاعب عن شعوره بالمسؤولية ونضوج شخصيته في أعقاب الفوز السابق للإنتر في بطولة الدوري، وذلك خارج أرضه أمام بارما. ويتركز أمل الإنتر في الوقت الحالي في أن إيكاردي ربما يحتذي بحذو مثل هذا اللاعب. مساء الأحد الماضي، عادت واندا إلى «تيكي تاكا» عندما أجرى ماروتا اتصالاً هاتفياً وبعث برسالة تصالح. وقال: «قرار تجريد إيكاردي من شارة القيادة لم يكن إجراءً عقابياً. إن رأس الأسرة يتعين عليه أحياناً اتخاذ قرارات صعبة فيما يخص أبناءه لمعاونتهم على الوصول للنضج. بالنسبة لإيكاردي فهو في الـ25 فقط من عمره». كانت مشاعر العداء تجاه اللاعب قد وصلت مستوى غير مقبول في بعض الدوائر، وقالت واندا إنهما لم يشاركا في احتفالات الفوز، الأحد، سوى عندما جرى توجيه النصح لهما بالمغادرة حفاظاً على سلامتهما. وقد ألقي حجر على سيارتها في اليوم السابق بينما كانت تقودها وبرفقتها أطفالها الثلاثة لحضور مباراة لكرة القدم. وكان ماروتا من أوائل من اتصلوا بها للتعبير عن الدعم، الأمر الذي يذكرنا جميعاً بأنه من الممكن وجود خلافات مهنية بين طرفين دون أن يؤثر ذلك على الحفاظ على السلوك الإنساني اللائق.
مشاركة :