قالت مصادر مطلعة إن الولايات المتحدة والصين بدأتا في رسم الخطوط العريضة لالتزاماتهما المبدئية حيال أبرز المشكلات في نزاعهما التجاري، وذلك في أفضل تقدم حتى الآن نحو إنهاء الحرب التجارية المستمرة منذ نحو 7 أشهر.وأشارت «بلومبرغ» أمس نقلاً عن مصدر مطلع، أن مفاوضين أميركيين وصينيين يعملون على عدة مذكرات تفاهم، من شأنها أن تشكل الأساس لاتفاق تجاري نهائي بين البلدين، والتي تشمل مجالات، من بينها الزراعة ونقل التكنولوجيا والملكية الفكرية. موضحة أنه من المتوقع أن تقترح الصين إنفاق 30 مليار دولار إضافية على واردات زراعية من الولايات المتحدة.وبالأمس، التقى الممثل الأميركي للتجارة روبرت لايتهايزر، ووزير الخزانة ستيفن منوتشين، مع نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي في مبنى «إيزنهاور إيكزيكيوتيف بيلدينغ» الضخم المجاور للبيت الأبيض. ولم يُدلِ أي من المسؤولين بتعليقات رداً على أسئلة الصحافيين.وتبادلت الدولتان، صاحبتا أكبر اقتصادين في العالم، فرض رسوم جمركية على بضائع بمئات المليارات من الدولارات، ما تسبب في إبطاء النمو الاقتصادي العالمي وعرقلة سلاسل الإمداد وعمليات التصنيع.وتظل مواقف المسؤولين، الذين يعقدون محادثات على مستوى رفيع، تنتهي اليوم (الجمعة) في واشنطن، متباعدة فيما يتعلق بالمطالب التي طرحتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإجراء تعديلات هيكلية على الاقتصاد الصيني.لكن مصادر قالت لـ«رويترز» إن المحادثات بدأت تسفر عن الخطوط العريضة لما يمكن أن يشكل توافقاً، مع سعي الجانبين للتوصل إلى اتفاق بحلول أول مارس (آذار). وتنتهي في هذا التاريخ هدنة 90 يوماً اتفق عليها ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ عندما التقيا في الأرجنتين العام الماضي.وقال مصدران مطلعان على سير المحادثات إن المفاوضين بدأوا في إعداد 6 مذكرات تفاهم بشأن قضايا أساسية؛ هي النقل القسري للتكنولوجيا، والسرقة الإلكترونية، وحقوق الملكية الفكرية، والخدمات، والعملة، والزراعة، والقيود غير الجمركية على التجارة. وتغطي تلك المذكرات القضايا الأشد تعقيداً التي تؤثر على العلاقات التجارية بين البلدين، وتهدف من وجهة النظر الأميركية إلى إنهاء الممارسات التي دفعت ترمب من البداية إلى فرض رسوم على الواردات الصينية.لكن أحد المصادر حذّر من أن المحادثات ما زالت معرضة للإخفاق، رغم تأكيده أن العمل على مذكرات تفاهم هو خطوة مهمة نحو دفع الصين إلى الموافقة على مبادئ عامة والتزامات محددة بشأن القضايا الرئيسية.وفي سياق ذي صلة، قال متحدث باسم لجنة الموازنة بمجلس النواب الأميركي، الأربعاء، إن لايتهايزر سيُدلي الأسبوع المقبل بشهادة أمام اللجنة بشأن قضايا التجارة بين الولايات المتحدة والصين. وقالت اللجنة في بيان إن جلسة الاستماع من المقرر أن تعقد في 27 فبراير (شباط).ورغم التفاؤل الذي يبديه المسؤولون، يقول الخبراء إن الهوة بين واشنطن وبكين، والوقت القصير المتبقي قبل حلول مهلة الأول من مارس، يرجحان أن تكون النتيجة إعلانات كبيرة، لكن دون تحقيق أهداف ترمب الأكثر أهمية.وقال ويليام رينش، المسؤول التجاري الأميركي السابق وحالياً من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «أعتقد أن المتابعين لهذه المسألة يجمعون على أنهم (المفاوضين) لا يحققون التقدم الذي يقول الرئيس على (تويتر) إنهم يحرزونه».وحذرت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية المملوكة للحزب الشيوعي، في ساعة متأخرة الثلاثاء، من أن زيادة الرسوم الأميركية ترقى إلى «ضربة كارثية» للأسواق المالية العالمية. ومنذ يوليو (تموز) تبادلت واشنطن وبكين فرض رسوم على أكثر من 360 مليار دولار من السلع التجارية فيما بينهما، ما أرخى بثقله على قطاعات التصنيع في كلا البلدين. وتطالب واشنطن بأن تتخلى بكين عن معظم سياساتها الصناعية، وتقول إن الصين تسعى إلى السيطرة العالمية من خلال السرقة المفترضة لتكنولوجيا أميركية، والدعم الهائل لمؤسسات عملاقة مملوكة من الدولة والترويج لها. ويؤكد المسؤولون الأميركيون أن أي اتفاق يجب أن يكفل ضمان احترام بكين لتعهداتها.وسيكون التوصل إلى اتفاق بشأن المطالب، بإدخال تعديلات هيكلية أصعب على الأرجح من حل الشكاوى المتعلقة بالعجز الكبير في الميزان التجاري الأميركي الصيني، الذي بلغ مستويات قياسية منذ تولي ترمب الرئاسة.وقال رينش، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الجانبين سيتوصلان على الأرجح لصفقة من نوع ما. وأوضح: «أنا متأكد من أنهما سيخرجان بشيء سيكون أكثر من كونه تجميلياً؛ لكنه أقل مما نطلبه». وأضاف: «سيكون ذلك ربما في مجال سرقة الملكية الفكرية، وزيادة الاستثمارات في الصين، لأنها الأمور التي تعود عليهم بالفائدة، وعلينا أيضاً».وقال غاري كلايد هافباور، المسؤول التجاري الأميركي السابق، وحالياً لدى معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إنه يتوقع أن تقدم الصين عرضاً ضخماً بشراء مزيد من السلع الأميركية؛ وربما إلغاء ولو من طرف واحد للرسوم على سلع أميركية.
مشاركة :