قراءة التاريخ في مهرجان شتاء طنطورة

  • 2/22/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

صديق لي من اليابان، مُغرَّم بالتاريخ، تابع على (اليوتيوب) مهرجان شتاء طنطورة الفنّي في مدينة العلا، التي تبعد نحو ثلاثمئة كيلو متر شمال المدينة المنوَّرة. تساءل عن مُبرِّر الصمت الإعلامي الطويل عن العلا، التي -كما قال مؤكِّدًا- كان لها ذكرٌ رائع في حضارات سادت قبل آلاف السنين وبادت. ودليله في ذلك ما تركته في صحرائها وجبالها، وهضابها وبساتينها من شواهد عن ماضيها العريق، يصعب تجاهله. يُؤكِّد الصديق أنَّ آثار العلا تشير إلى انتشار البشر فيها منذ القرن السادس قبل الميلاد، وقيام مملكتي دادان ولحيان، ومملكة الأنباط التي قامت فيما بين القرن الرابع قبل الميلاد حتَّى القرن الأوَّل الميلادي في البتراء جنوب الأردنِّ، وامتدت حتَّى العلا لتُصبح عاصمتها الجنوبيَّة. ويضيف: أثبتت مراجعه أنَّ العلا كانت واحدة من محطَّات قطار الحجاز الذي تمَّ بناء سكَّته ومحطَّاته عام 1900، واصلاً إسطنبول؛ عاصمة السلطنة العثمانيَّة بالمدينة المنوَّرة، مرورًا بدمشق الشام والقدس الشريف، ثمَّ نسف بعد ثماني سنوات بتوجيه لورنس؛ ضابط الاستخبارات البريطاني، بالتعاون مع ثلَّة من قبائل غرب الحجاز، خدعهم للتعامل معه للإطاحة بالسلطنة العثمانيَّة، وإجبارها للتخلّي بالقوَّة عن حكم الأماكن المقدَّسة في جزيرة العرب. وما يزال يَذكر جيِّدًا دعوته لحفل احتفاء سفارة المملكة في طوكيو بالرسَّام الياباني المبدع Mitsuo Kimura، الذي تجوِّل في أرجاء المملكة في نهاية القرن العشرين، ووثَّق المواقع الأثريَّة والتاريِخية التي شاهدها في لوحاتٍ فنيَّة، إحداها لوحة «المحطَّة»، لمحطة العلا التي أهداها للسفارة، وأخذت مكانها في صدر قاعة الاستقبال الرئيسية. وكعادة الصديق الياباني في طرح التساؤل، والإجابة عنه، فقد برَّر الصمت بمرحلةِ إعادة الملك عبدالعزيز -طيَّب الله ثراه- بناء الدولة السعوديَّة الحديثة عام 1932 جامعة شمل مواطنيها من الخليج العربي شرقًا إلى البحر الأحمر غربًا، ومن بلاد الشام شمالًا إلى اليمن جنوبًا، وهو إنجاز جبَّار بدأ به جلالته وأكمله من بعده أنجاله ملوك وخُدَّام الحرمين الشريفين محافظين على الأمن والأمان، وبانين طُرق المواصلات الجويَّة والبحريَّة والبريَّة؛ الحديديَّة بما فيها قطار المشاعر المقدَّسة وقطار الحرمين الشريفين، وقطار الشمال المرتبط بقطار الرياض الدمَّام.. وغيرها قيد الدراسة للتنفيذ، لتعمَّ الشبكة الحديديَّة وتربط جميع مدن المملكة بعضها ببعض. وبتعليقه على مهرجان شتاء طنطورة في العلا، الذي استقطب كبار فنَّاني العالم، لأداء عروض فنيَّة في منطقة تراثيَّة، قال: إِنَّ المهرجان جلب انتباه عُشَّاق التراث والسياحة في عددٍ من دول العالم، وأثرى معرفتهم بالتاريخ الحضاري للمملكة العربيَّة السعوديَّة. ويأمل أن يكون سابقة ومؤشِّرًا على عزم المملكة الاستثمار في السياحة. ويرجو أن يكون كمثيله في اليابان الذي أطلقوا عليه اسم «استثمار الأيدي الناعمة»، لما للسياحة من دور مهمِّ في تعزيز الاقتصاد والثقافة شريطة أن تتوفَّر وسائل النقل السريعة والسهلة والطرق المعبَّدة والفنادق والمنتجعات التي هي من أوليَّات جذب السيَّاح من الداخل ومن الخارج. وفي تقديره أنَّ ما تحفل به المملكة من تراث سيكون رافدًا لا يُستهان به في توفير حياة أفضل لسكَّان المملكة ولأجيالها القادمة.

مشاركة :