قال الشيخ الدكتور صالح بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن المحتضَر يدرك وكذلك العاجز أن الذين قبله كانوا يحرصون كما يحرص ، ويسعون كما يسعى ، ويعملون في الدنيا عمله ، ويكدون كده ، فاختطفت المنون أرواحهم ، وقطعت الآجال أيامهم ، وفجعتهم في أحبابهم.وأوضح «بن حميد» خلال خطبة الجمعة اليوم بالحرم المكي، أنهم جمعوا فكان جمعهم ميراثًا ، وبنوا فكان بناؤهم تراثًا ، يغفلون عن الآخرة وهي مقبلة ، ويقبلون على الدنيا وهي مدبرة، مشيرًا إلى أنه ورد في الأثر أحوال بعض السلف وما أثر عنهم في مثل هذه الساعات.ودلل بما جاء عن سلمان الفارسي رضي الله عنه لما مرض خرج إليه سعد ابن أبي وقاص من الكوفة يعوده فوافقه وهو في الموت يبكي، فسلم وجلس وقال: «ما يبكيك ؟ ألا تذكر صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ألا تذكر المشاهد الصالحة ؟ قال : والله ما يبكيني واحد من اثنين : لا أبكي حبا في الدنيا ، ولا كراهية لقاء الله ، قال سعد : فما يبكيك بعد ثمانين ؟».وتابع: « قال : يبكيني أن خليلي عهد إلى عهد فقال : ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب ، وإنَّا قد خشينا أنَّا قد تعدينا ؟؟»، لافتًا بأن هذا هو سلمان يخشى أن يكون قد تعدى ، فماذا يقول من تعدى حقيقة ؟ تعدى على الأموال فنهبها ، وتعدى على حدود الله فانتهكها ، تعدى على أعراض الناس ولحومهم فنهشها ، وتعدى على عقائد الناس وأخلاقهم فأفسدها .