هناك مثل إنجليزي يقول: «لا تخترع العجلة بل ابدأ من حيث انتهى الآخرون وأطلعهم على ما وصلت إليه وساعد في حل المشكلات». قبل أن نحدد هل نبدأ من حيث انتهى الآخرون أم نبدأ من جديد؟ يجب أن نفترض أولاً أننا على المسار الصحيح وإن انحرف قليلاً دون ضرر، وأننا أيضًا كذلك متفقون على الرؤية والهدف نفسه، ومن هذا المنطلق نستطيع أن نحدد ماذا نريد؟ كثير من الناس يختلفون في طريقة تعاملهم مع مجريات الأمور، وفي طريقة تخطيطهم لتنفيذ أعمالهم وطرح أفكارهم، وهذا بلا شك أمر طبيعي يحدث في المجتمعات والأفراد وفي بيئات الأعمال تحديدًا، فالله سبحانه وتعالى لم يخلقنا سواسية أو متشابهين، وإنما خلقنا بعقول وأفكار مختلفة تمامًا لنتمم بعضنا البعض، ونساعد في تنفيذ أعمالنا وأهدافنا التي نسعى إلى تحقيقها. اختراع العجلة والجدل الذي يحصل كيف نبدأ ومتى وأين، غالبًا ما نشاهده في بيئات الأعمال، وقد يحدث غالبًا بسبب هذا الجدل، بعض الممارسات والأخطاء والخسائر الفادحة، يقودها من يأتي بعد، حيث يتم التغيير الجذري والكلي دون التدرج في هذه العملية، وبلا هدف وسياسة واضحة أو حتى دون النظر للمهام والأعمال التي قد أنجزت بالفعل، أو التي قد أنجز بعض منها، إنما التغيير لمجرد التغيير، لذا من المهم أن نعي أن هناك اعتبارات رئيسة وركائز لا بد من الأخذ بها عند الشروع في تنفيذ أي عمل أو مهمة كلفنا بها أو ننوي القيام بها، التي من أهمها عامل الوقت، فكما هو معلوم أن الوقت سلاح ذو حدين، ونتائج بعض الأعمال والمهام مرتبطة كليًا بعامل الوقت، أي أنه ليس هناك مجال أو متسع للوقت لاختراع العجلة، بل بالتعامل الأمثل وفق الإمكانات المتاحة. أيضًا من الركائز المهمة التي يجب الإشارة لها، هي الجانب الاقتصادي، حيث لا يقل هذا الجانب أهمية عن عامل الوقت، لذا تجد أن نجاح بعض المشاريع يقاس بقلة وترشيد الإنفاق دون الإخلال بالجودة والكفاءة، وهذا يكون من خلال عدم استنزاف المنظمة وتحميلها خسائر إضافية، من عقود ومشاريع وكوادر بشرية، ويتبع هذا الجانب أيضًا الكادر البشري وأنا أعني هنا الكفاءات المتميزة المتوافرة في المنظمة، التي قد تتأثر جراء التغييرات غير المدروسة أو دون منهج واضح، إما بتسريح أو إحباط قد يصيبها، فتصبح هنا المشكلة مضاعفة، ولم يحقق التغيير بذلك ما ينتظر منه، وإنما انحرف الهدف عن مساره الصحيح. التغيير دائمًا للأفضل مطلوب ومستحسن، ولكن يجب أنمر من خلال مراحل رئيسة تتمثل في دراسة متأنية، وخطة واضحة، والبعد عن المسائل الشخصية، والقرارات التي تحكمها العاطفة وليست منطقية. أخيرًا يكمن التميز في الاستفادة المثلى من عامل الوقت ومن خلال الموارد المتاحة، والبدء من حيث انتهى الآخرون، فهنا تظهر المهارة وحسن التصرف وبعد النظر.
مشاركة :