العربية.نت: مدة نصف قرن، كانت قطر الدويلة الخليجية الصغيرة ملاذا آمنا ومركزا لإيواء الإخوان المسلمين، والعديد من الجماعات الإسلامية المتطرفة والتنظيمات الأكثر فتكا في العالم. جاء ذلك في دراسة تحليلية قام بإعدادها خبير الأمن القومي والحروب السياسية ديفيد ريبوي ونشرها موقع مركز أمريكي متخصص بالدراسات الأمنية «SSG». يتناول ريبوي في فصول الدراسة محاور الخلفية التاريخية للدعم القطري للإرهاب والتطرف، واستراتيجية حملات الضغط السيئة السمعة، التي تشنها قطر في واشنطن، بالإضافة إلى جرائم القرصنة الإلكترونية برعاية الحكومة القطرية ومحاولة التغلغل في الأوساط البحثية والأكاديمية والإعلامية لتحقيق أهداف تمثل خطرا على المجتمع الأمريكي. جاء بالدراسة: في ستينيات القرن الماضي، حظر الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر جماعة الإخوان المسلمين وتصدى لهم في مصر، ما أرغم الآلاف من أبواق التحريض في الجماعة ورجال الدين المنتمين إليها وعناصرها على النزوح إلى أماكن أخرى في الشرق الأوسط، وأوروبا وأمريكا الشمالية. ومنذ ذلك الحين، كانت إمارة قطر قاعدة للعمليات الأكثر استحواذًا لدى الإخوان المسلمين. ومع مرور الوقت، سرعان ما برز إسلام الإخوان كأيديولوجية دولة قطر الفعلية، حيث رحبت الدوحة بالإسلاميين بتمويل ضخم، وأعلى مراتب الشرف في الدولة، وإنشاء مؤسسات إسلامية جديدة بغرض تلقين مبادئ جماعة الإخوان المسلمين للآلاف من المستهدفين. وحققت قطر نجاحًا استثنائيا في شراء النفوذ والحصول على التأثير لتعزيز مصالحها في واشنطن. إن مدى تأثيرها وعملياتها في مجال المعلومات واحدة من القصص الأقل تغطية، والأقل من حيث التدقيق عليها في السنوات القليلة الماضية، ولكن لحسن الحظ، بدأ يطرأ تغيير على هذا الوضع، وذلك بسبب ترويجها للإخوان المسلمين، وتحالفها مع إيران، ولذا أصبح المزيد والمزيد من الأمريكيين يفهمون أن قطر قوة خبيثة، ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن في الولايات المتحدة أيضًا. وبطبيعة الحال، فإن إنفاق الكثير من المال هو أسهل طريقة لتغيير أو تعديل السرد الخاص بسياسة عامة. إن وجود ثروة كبيرة يسمح لك باكتساب أصدقاء على الفور، وعلى أمل أن يؤدي كرمك إلى حالة من الغنى لهؤلاء الأصدقاء الجدد أيضًا. وتنفق الأمم الكثير من الأموال في الولايات المتحدة لتعزيز مصالحها. وبالطبع، تستطيع الدول الغنية أن تنفق المزيد من المال ببذخ. ولكن ليس كل دولار أجنبي يتم إنفاقه يمكن أن يجعل من صوت أمة مسموعا في أرجاء العاصمة الأمريكية بشكل متساو، وذلك لأن هناك عددا من الحلفاء الموالين للولايات المتحدة، والذين يقدمون أجندة سياسية تتماشى مع مصالح الأمن القومي والمصالح الاقتصادية الأمريكية. وهناك، من ناحية أخرى، الدول التي تدفع مبالغ طائلة من المال للتأثير على السياسة الأمريكية ضد مصالح الولايات المتحدة. ويمكن للسياسات التي تتبعها هذه الدول أن تلحق ضررا حقيقيا برفاهية المواطنين الأمريكيين، سواء في بلدهم أو في الخارج. وبسبب موقعها فيما يتعلق بالإرهاب، وتحالفها مع إيران والجماعات الإسلامية المتطرفة، فإن ملايين الدولارات التي أنفقتها قطر في محاولة التأثير على التصورات والسياسات في واشنطن، تقع بشكل مباشر في هذه الفئة الأخيرة الأكثر خطورة. وعلى الرغم من كونها دولة غير مستقرة نسبيا، حيث يشكل 88% من السكان نسبة كبيرة من العمال الأجانب، فإن ثروة قطر الواسعة يمكن أن تغير السياسة من خلال التلاعب بحرص في الروايات والتصورات باستخدام معلومات ملغمة في الولايات المتحدة. إن المبالغ المالية كبيرة للغاية، والجهد المبذول للتهرب من قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA) وقوانين الإفصاح الأخرى شاملة للغاية، بحيث لا يملك الباحثون تصورا قريبا من الصورة الكاملة لنطاق لعبة نفوذ قطر، ولكن ما يعرفه الباحثون مقلق بشكل كاف: - تمكنت أموال قطر من شراء جماعات الضغط التي «شجعت» عددًا من الأشخاص من أصحاب النفوذ على تخفيف موقفهم من دعم قطر للإرهاب والإسلاميين المتطرفين، أو حمل السلاح الخطابي ضد منافسيها الإقليميين الرئيسيين، وخاصة السعودية والإمارات العربية المتحدة. - تمكنت من شراء منافذ إعلامية تخلق مساحة معركة أو البيئة التي تقود، كما جرى في فترة قصيرة جدا، إلى تغييرات جذرية في السياسة العامة بشكل يخدم مصلحة قطر. - تمكنت من ترسيخ الروايات المؤيدة لدولة قطر في أذهان النخبة السياسية المهنية الأمريكية، من خلال تقديم منح ضخمة إلى مراكز الأبحاث والجامعات، وربما الأكثر إثارة للقلق، استخدام القيادة الرئيسية للولايات المتحدة، وهي قيادة مسرح عمليات موحد لوزارة دفاع الولايات المتحدة، والتي تم إنشاؤها في قاعدة «العديد» عام 1983. وتولت المسؤوليات السابقة لقيادة قوة الانتشار السريع الأمريكية، ما مكن قطر من التقرب إلى جيل من القادة العسكريين والسياسيين الأمريكيين.
مشاركة :