قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه كثيرا من العلماء ذهبوا إلى أن الدخان من الآيات وعلامات الساعة التي لم تظهر بعد وسيقع قرب القيامة. وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن هذا ما قال به علي بن أبي طالب، وابن عباس وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم وغيرهم، وكثير من التابعين، وقد رجح الحافظ ابن كثير -رحمه الله- هذا، مستدلا بالأحاديث التي سبق ذكرها وبغيرها من الأحاديث، وأيضًا بما أخرجه ابن جرير وغيره عن عبد الله بن أبي مليكة قال : غدوت على ابن عباس -رضي الله عنهما- ذات يوم فقال : «ما نمت البارحة حتى أصبحت، قلت : لم ؟ قال : قالوا : طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق، فما نمت حتى أصبحت». واستشهد بما قال ابن كثير -رحمه الله- بعد ذكره لهذا الأثر : «وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما حبر وترجمان القرآن، وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرها التي أوردوها مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة مع أنه ظاهر القرآن» [تفسير ابن كثير]. وأضاف أن الأرجح الجمع بين القولين، وهو ما ذهب إليه بعض العلماء، كالطبري، والنووي، والقرطبي، فذهبوا إلى أنهما دخانان، ظهر أحدهما، وبقي الآخر الذي سيقع في آخر الزمان، فأما الآية الأولى التي ظهرت فهي ما كانت قريش تراه كهيئة الدخان، وهذا الدخان غير الدخان الحقيقي الذي يكون عند ظهور الآيات التي هي من أشراط الساعة. ونبه إلى أنه قال الطبري - رحمه الله - : «وبعد فإنه غير منكر أن يكون أحل بالكفار الذين توعدهم بهذا الوعيد ما توعدهم، ويكون محلا فيما يستأنف بعد بآخرين دخانا على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندنا كذلك ؛ لأن الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد تظاهرت بأن ذلك كائن، فإنه قد كان ما روى عنه عبد الله بن مسعود، فكلا الخبرين اللذين رويا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحيح».وتابع: وقال النووي رحمه الله تعالى : «ويحتمل أنهما دخانان للجمع بين هذه الآثار» [شرح مسلم للنووي]، ونقل ذلك القول عن ابن مسعود أيضًا، قال القرطبي : «قال مجاهد : كان ابن مسعود يقول : «هما دخانان قد مضى أحدهما، والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض ولا يجد المؤمن إلا كالزكمة، وأما الكافر فتثقب مسامعه» [تفسير القرطبي]، ويجب على المسلم تجاه هذه العلامة أن يؤمن بأن هناك دخان يظهر للناس، وأن هذا الدخان يحدث قبل يوم القيامة كعلامة على قرب وقوعها.
مشاركة :