سياسة الكويت.. الطبيعي عدم التطبيع

  • 2/24/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كانت الكويت ولا تزال في مقدمة الدول العاملة على عزل دولة الاحتلال، بمقاطعتها وكشف ممارساتها العدوانية والعنصرية، وفضحها في المحافل الدولية، والمطالبة بانسحابها من الاراضي العربية المحتلة. ولم تغير الكويت نهجها المبدئي، رغم ان دولا عربية عديدة تستقبل مسؤولين اسرائيليين، ووفودا رياضية، وتفتح مكاتب لدولة الاحتلال بمسميات مختلفة، ناهيك عن العلاقات السرية، ما جعل مؤسس حركة مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها عمر البرغوثي يصف الكويت بالحالة الاستثنائية في مقاطعة إسرائيل رسميا وشعبيا في ظل الوضع العربي المتردي. ان ما يجري في منطقتنا هو ما اشار اليه المعلق الأميركي بول كريج روبرتس في 2006 قائلا «ان ما نشاهده في الشرق الأوسط هو تحقق خطة المحافظين الجدد في تحطيم أي أثر للاستقلال العربي الإسلامي، والقضاء على أي معارضة للأجندة الإسرائيلية». محاولات مغرضة وفي سياق المحاولات الجارية لإعادة صياغة العلاقات بين الدول العربية ودولة الاحتلال بحيث تصبح علاقات «طبيعية»، وفي خضم تنافس الأحزاب الصهيونية على المكاسب الانتخابية، روجت وزارة الخارجية الاسرائيلية على «تويتر» صورة لمؤتمر وارسو ضمت شخصيات منها نائب وزير الخارجية خالد الجارالله ورئيس الوزراء الإسرائيلي، للايحاء بأن عملية «تطبيع» للعلاقات تجري بين الكويت ودولة الاحتلال. وقد نفى الجارالله نفيا قاطعا وجود أي خطوات كويتية للتطبيع، واكد ان الموقف الكويتي واضح منذ أن أعلنه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، بأن الكويت ستكون آخر دولة تطبع، مبينا ان الأصوات المنادية بالتطبيع مع الاحتلال، فردية، ولا تمت بصلة إلى الموقف الرسمي. هذا هو الموقف الرسمي والشعبي الكويتي، الذي تجلى كذلك في العديد من الفعاليات التي قالت بكل بوضوح «لا للتطبيع مع الكيان الصهيوني»، و«موقف الكويت ثابت لن يتغير، والتطبيع مرفوض»، وعكست مواقع التواصل الاجتماعي الموقف نفسه، معبرة عن الضمير العربي المكبوت، في ظل الاوضاع المتردية في الوطن العربي، مستفيدة من مساحة الحرية المكفولة في الكويت. موقف مشرف ولا تزال ماثلة في الأذهان والقلوب صورة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وهو يطرد الوفد الصهيوني من اجتماعات البرلمان الدولي في روسيا، في موقف مشرف حظي بإشادة سمو الأمير، وتقدير الشعوب العربية. وجذور الموقف المبدئي الكويتي عميقة الجذور، تعود الى «لجنة كل مواطن خفير» التي شكلت بمبادرة من النادي الثقافي القومي، وتجسد هذا الموقف في افتتاح «مكتب مقاطعة إسرائيل» عام 1957، وفي القانون 21 لسنة 1964 الذي يحظر حيازة وتداول السلع الإسرائيلية، وتجلى في طرد دولة الاحتلال من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عام 1976 بجهود الاتحاد الكويتي، كما تجلى في مواقف كثيرة، منها رفض لاعبين وحكام كويتيين المشاركة في مباريات مع رياضيي دولة الاحتلال. تزوير التاريخ وبين الحين والآخر، ظهرت أصوات فردية داعية الى «التطبيع»، كما ظهرت اختراقات محدودة هنا وهناك لمقاطعة اسرائيل، لكن الرد كان يأتي سريعاً وبليغا، فحين تحدث نائب في 2015 عن نيته تقديم اقتراح بقانون «للتطبيع»، مشيرا الى علمه بأن مسعاه سيفشل، قوبل ذلك المسعى بتقديم تعديلات على قانون مقاطعة إسرائيل رقم 21 لسنة 1964 لتغليظ العقوبات على كل من يتجاوز هذا القانون. والسؤال الذي يطرح نفسه: أي معنى لما يسمى «التطبيع»، بين الغاصب والمعتدى عليه، والكيان الغاصب بأساطير تأسيسه وممارساته وقوانينه واهدافه كيان غير طبيعي؟! ان معناه هو قبول قيام دولة يهودية، لكل يهود العالم، وإلغاء حقوق الشعب الفلسطيني، واولها حق العودة، والاعتراف بحق هذه الدولة في الوجود بأثر رجعي، أي اننا كنا الغاصبين، وان الصهاينة خاضوا حرب تحرير وحصلوا على الاستقلال.. المطلوب باختصار تزوير التاريخ، والاعتذار عن الماضي، والغاء الحق العربي في فلسطين! واذا كان الشعب الفلسطيني قد اضطر الى التعامل مع الاحتلال من أجل البقاء وتوفير أسباب الصمود على أرضه، فإن الدول والشعوب العربية غير مضطرة الى ذلك. وهنا يحضر تساؤل بول روبرتس: هل يمكن لخمسة ملايين إسرائيلي، حتى مع دعم الولايات المتحدة لهم، أن ينجحوا إلى الأبد في إذلال ملايين المسلمين الذين يغلون غضبا؟!(مركز المعلومات)

مشاركة :