تهمّ الإدارة الأميركية لإعلان نياتها في ملف تجارة السيارات مع الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا، بعد أن اعتبرتها مهدِّدة للأمن القومي. لكن ثمة اختلافات وانقسامات بين الخبراء الأميركيين بخصوص اعتبار هذه التجارة حقاً تهديداً أو لا. ومن المتوقع أن يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لإقرار خطوته في الأشهر الثلاثة القادمة وتنظيمها وتفعليها. وفي حال أراد إشعال الحرب التجارية مع أوروبا فإن الأخيرة سترد الصاع صاعين من دون تردد.ويطرح العديد من المحللين الماليين والاقتصاديين سؤالاً مشتركاً عن المستفيد من الضرائب الجمركية. فيأتي الرد من خبراء مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو ما يُعرف بـ«الأونكتاد»، بأن المستفيد الأبرز هو أي دولة أو طرف لا علاقة له لا بالحروب التجارية ولا بالضرائب الجمركية. وعلى غرار ما حدث في الحروب العالمية السابقة، ستهاجر أرباح أي حرب تجارية إلى دول أخرى بعيدة كل البعد عنها وذات موقف حيادي. وحسب هؤلاء الخبراء، فإن الحرب التجارية المستعرة بين الصين والولايات المتحدة الأميركية خير دليل على ذلك.فهذه الحرب عبارة عن هدية للدول الأوروبية وأخرى حيادية. فصادرات الشركات الأوروبية ارتفعت إلى ما إجماليه 70 مليار دولار إضافية. وبهذا، لا يسع الشركات الأميركية التي تحاول الدفاع عن نفسها أمام سياسات الرئيس الأميركي الحمائية العدوانية إلا تحمّل العواقب التجارية التي قد تكون مأساوية.تقول الخبيرة الاقتصادية الألمانية جاكلين يوهانسون، إن حركة الصادرات والواردات العالمية تغيّرت جذرياً بفعل الحروب الضريبية التي تلقي بظلالها الثقيلة على العالم منذ العام الماضي. فعلى صعيد الولايات المتحدة الأميركية أضحت تكلفة الواردات من الخارج أعلى بسبب الرسوم الجمركية الإضافية. ولم تعمل الإدارة الأميركية على سد ثغرة تراجع الواردات في المنتجات الوطنية إنما اختارت الاستيراد من دول أخرى غير خاضعة للحرب الجمركية.وبتقدير الخبيرة يوهانسون، فإن إجمالي الصادرات الصينية التي لم تطأ الأراضي الأميركية في الشهور الأخيرة يبلغ 250 مليار دولار. وفي الوقت الحاضر فإن 82% من هذه الصادرات إلى أميركا مصدره الدول الأوروبية في المقام الأول، ثم المكسيك وكندا وفيتنام. ولا يزال 12% منها مصدره الصين. أما ما يتبقى، أي 6%، فتم استبدال خليط من المنتجات الوطنية الأميركية به.وتضيف: «على الصعيد الصيني يبلغ إجمالي الصادرات الأميركية المستهدفة برسوم جمركية صينية إضافية 110 مليارات دولار. واستبدلت حكومة بكين منتجات محلية بـ5% منها. وتواصل 10% من البضائع الأميركية تدفّقها إلى الصين، في حين تستأثر دول أخرى بنحو 82% حالياً».وتختم: «تعتمد الشركات الأوروبية حركة صادرات إضافية نحو الولايات المتحدة الأميركية إجماليها 50 مليار دولار للتعويض عن تراجع الصادرات الصينية إلى أميركا. وللتعويض عن تراجع الصادرات الأميركية نحو الصين دخلت هذه الشركات على الخط لإرسال ما إجماليه 20 مليار دولار من الصادرات الأوروبية إلى الصين».بدورها، استفادت صادرات كندا والمكسيك واليابان من الحرب الجمركية الأميركية - الصينية. فكل دولة من هذه الدول الثلاث وطّدت قيمة صادراتها بنحو 20 مليار دولار إضافية. وفي حين نجحت الدول الأوروبية في رفع حركة صادراتها نحو الولايات المتحدة الأميركية والصين نحو 1%، تمكنت المكسيك من تعزيز هذه الحركة 6%، واليابان 3%، وكندا 4%. أما فيتنام، المرشحة لتكون بدل الصين في أنشطة جمع وتركيب قطع الماكينات التجارية، فقد عزّزت صادراتها نحو العملاقين الأميركي والصيني 5%. وتأتي المفاجأة الإيرانية صفعة تجارية على وجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب. فزيادة سقف الرسوم الجمركية الصينية على الصادرات الأميركية أدى إلى رفع حركة الصادرات الإيرانية نحو الصين 0.7%.
مشاركة :