وصفت السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية اعتقال إسرائيل رموزاً دينية في مدينة القدس وإبعادهم عن المسجد الأقصى، وبينهم رئيس مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية عبد العظيم سلهب، بـ«تجاوز الخطوط الحمراء واللعب بالنار». وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف إن إسرائيل تسعى إلى تهويد القدس ومحيطها، بدءا من عدم السماح بترميم المباني القديمة في القدس، إلى إنشاء غلاف استيطاني، لعزل مدينة القدس عن باقي الضفة. مضيفاً أن «إسرائيل كسرت خطأ أحمر آخر، بإبعاد رئيس مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس الشيخ عبد العظيم سلهب». وجاء الموقف الفلسطيني التقليدي فيما وصف وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية عبد الناصر أبو البصل، ما حدث بأنه «تصعيد خطير وغير مقبول، ولعب بالنار». وأدان الوزير الأردني في تصريحات نادرة «اعتقال سلهب، ونائب مدير عام أوقاف القدس ناجح بكيرات، محذرا من تبعاتها»، باعتبار أن ذلك «يمس بالدور الأردني في رعاية المقدسات الإسلامية في القدس». واعتقلت إسرائيل أمس سلهب وبكيرات وآخرين في ظل توتر كبير في المسجد الأقصى بعد فتح المصلين المسلمين مصلى باب الرحمة المغلق منذ 16 عاما بالقوة يوم الجمعة الماضي، ثم حققت معهم، لكن تدخلات أردنية رفيعة أدت للإفراج عن سلهب وبكيرات، قبل أن تسلمهما إسرائيل قرارا بالإبعاد عن الأقصى لمدة أسبوع. وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن شرطة الاحتلال قررت إبعاد رئيس مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس الشيخ عبد العظيم سلهب، ونائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس ناجح بكيرات عن المسجد الأقصى لمدة سبعة أيام. وأوضح محامي الهيئة، أن شرطة الاحتلال أخذت قراراً استباقياً بشأن إبعادهما قبل عرضهما على محكمة الاحتلال. وإلى جانب سلهب وبكيرات تقرر إبعاد إمام مسجد بيت حنينا، الشيخ رائد دعنا عن المسجد الأقصى لمدة ستة أشهر. ويعد سلهب أرفع شخصية ممثلة للحكومة الأردنية في القدس، المسؤولة عن رعاية المقدسات. وزاد القرار ضد سلهب من التوترات بين إسرائيل والمملكة الأردنية، وهي توترات قديمة، أدت إلى قيام الأردن بتوسيع مجلس الأوقاف بشكل شمل المسؤولين في السلطة الفلسطينية حاتم عبد القادر ومحافظ السلطة الفلسطينية في القدس، عدنان الحسيني ورجال دين بارزين القادة مثل عكرمة صبري، ومفتي القدس محمد حسين؛ ورئيس جامعة القدس في القدس الشرقية، عماد أبو كشك. وأزعجت الخطوة إسرائيل التي رأت فيها تعزيزاً لقوة الفلسطينيين في المدينة. ويدور في المدينة صراع سيادة على الأرض تمثله إسرائيل بالقوة العسكرية مقابل المتظاهرين العزل. ونجح الفلسطينيون قبل عام ونصف بإزالة بوابات إلكترونية وضعتها إسرائيل أمام الأقصى ونجحوا قبل يومين في فتح مصلى باب الرحمة القريب من المسجد القبلي بعد إغلاق المنطقة منذ 2003، وهي انتصارات أغضبت إسرائيل إلى حد كبير وأشعلت مخاوف من تصاعد التوتر. ويقول الفلسطينيون إنهم لن يبارحوا المسجد الذي يعد وقفاً إسلامياً كاملاً، وردت إسرائيل باعتقالات وقرارات طرد من دون أن يتضح إذا ما كانت ستأخذ قرارات على الأرض. ويتهم الفلسطينيون والأردنيون إسرائيل بالعمل على تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى وهو وضع يقضي بسيطرة الأوقاف الأردنية على شؤون المسجد، لكن إسرائيل تقول إن الأوقاف هي التي مست بالوضع القائم وتجاوزت صلاحياتها. وقال وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، يوسف أدعيس، إن حملة الاعتقالات التي قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلي، تعبير عن الفشل والأزمة التي يعيشها الاحتلال بعد النجاح الهام الذي حققته جماهير القدس وأوقافها في لحمتهم ووحدتهم في فتح أبواب مصلى باب الرحمة التي أغلقها هذا الاحتلال من عام 2003. وأضاف أن «خطوة الاحتلال هذه في اعتقال مسؤولي الأوقاف، والتي سبقتها بأيام قليلة اعتقالات في صفوف عشرات المقدسيين، تنذر بنيّة هذا الاحتلال في انتهاكات قادمة وخطيرة لن يعرف المدى التي قد تصل إليها، والتي قد تعرض سيادة الأقصى بكل ساحاته ومساجده للانتهاك وتكريس ما يعمل عليه منذ فترة طويلة بتقسيمه زمنياً ومكانياً، في محاولة لسحب نموذج المسجد الإبراهيمي الذي يمر على المجزرة التي قام بها مستوطن مجرم، كما يمرّ على تقسيمه غداً 25 عاما». وحذر وزير الأوقاف من نذر المرحلة القادمة التي يدفع هذا الاحتلال بحكومته اليمينية وأحزابه المتطرفة باتجاه تصعيد الانتهاكات والاقتحامات، الأمر الذي يسير بخطى حثيثة نحو حرب دينية تحمل من الخطورة الشيء الكثير على المنطقة بأسرها. وطالب أدعيس الفلسطينيين بشد الرحال إلى المسجد الأقصى «لدعم إخواننا المقدسيين في وقوفهم في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرضون لها». وهي دعوات عممتها فصائل فلسطينية كذلك ومرجعيات دينية ونشطاء.
مشاركة :