شبح طالبان يطارد ذاكرة الأفغان من الدوحة

  • 2/26/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قندهار (أفغانستان) - بينما تتكثف محادثات السلام مع جولة جديدة من المفاوضات بين حركة طالبان الأفغانية والولايات المتحدة في العاصمة القطرية الدوحة، الإثنين، يقدم الذين يعيشون أو عاشوا في معاقل الحركة، صورة مخيفة لم تختلف كثيرا عن طريقة حكم المتمردين قبل أكثر من 17 عاماً على طردهم من السلطة بعد الغزو الأميركي، واليوم. ولا يملك علي أحمد عليزاي أي خيار آخر سوى الطاعة عندما يدق مقاتلو طالبان باب بيته ليطلبوا الغذاء أو إيواءهم ليلا أو دفع ضريبة على حصاده لتمويل تمردهم. وقال المزارع الذي يسكن في إقليم يسيطر عليه المتمردون في ولاية هلمند في جنوب أفغانستان إن "مقاتلي طالبان يفرضون ديكتاتورية هنا. لهم قوانينهم الخاصة. لدينا القليل من الأمن ولكن ليس الحرية". وعلي أحمد عليزاي واحد من ملايين الأفغان الذين يخضعون لحكم الحركة المتمردة التي تسيطر على مساحات واسعة من البلاد وخصوصا في مناطق نائية. وكشف تقرير أميركي نشر مؤخرا أن أقل من ثلثي حوالى 35 مليون أفغاني كانوا يعيشون في نهاية أكتوبر في مناطق تحت سيطرة أو تأثير حكومة كابول. وبينما تجري الحركة المسلحة مفاوضات مع واشنطن في الدوحة اليوم الإثنين، يرسم سكان تلك المناطق النائية صورة لما يمكن أن تكون فيه الحياة في أفغانستان إذا منحهم انسحاب للقوات الأميركية حرية التطبيق الصارم للشريعة كما يرونها. ويروي عبد الباري الذي تخلى عن منزله في أحد معاقل المتمردين في ولاية أرزغان كيف كانت طالبان تنظم "عمليات إعدام في الساحات العامة من حين لآخر". ويقول الرجل البالغ من العمر 66 عاما ويقيم في قندهار حيث لجأ مع عائلته إن "مقاتليهم يقررون مصير الناس بدون أي شكل من المحاكمة". وما يزيد مخاوف الأفغان من عودة الحركة المتشددة لإحكام قبضتها على البلاد هو رفضها إجراء محاورات مع الحكومة الأفغانية التي لا تعترف بشرعيتها إذ تعتبر أنها حكومة نصبها الاحتلال الأميركي. ففي حال نجاح المفاوضات المباشرة مع واشنطن والتوصل لاتفاق سلام سيكون لطالبان اليد الطولى في تشكيل مستقبل الحكم في البلاد على اعتبار أنها الحركة التي قاومت الاحتلال الذي خضعت له بقية الفصائل الأفغانية. وتؤكد أشلي جاكسون الباحثة في مركز "أوفرسيز ديفلوبمنت اينستيتيوت" أنه حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة على ما يبدو، تفرض طالبان تفسيرها الخاص للشريعة. وهي تحل كل النزاعات طبقا لذلك من الطلاق إلى القتل، بعيدا عن قانون الأحوال المدنية وقانون العقوبات الأفغاني. والأحكام قاسية وتصدر بسرعة، من بتر عضو إلى السرقة أو شنق سجين على جانب طريق كتحذير. وقال سيد عمر الذي أفلت من وحشية طالبان في أرزغان ويعيش في قندهار إن "الناس يشعرون بالذعر"، مشيرا إلى أن عناصر طالبان "لم يتغيروا وهم على حالهم كما كانوا خلال حكمهم". وصرح محمد قاسم وهو تاجر من معقل آخر لطالبان أن المتمردين منعوا الهواتف الذكية وألزموا النساء بالبقاء في المنازل. وأضاف أن طالبان خففت من بعض القيود التي لا تلقى شعبية، مثل مسألة إجبار الرجال على إطلاق اللحى والتي كان يتعرض الرجال من أجلها للضرب والسجن. وقال "تغير الزمن"، ملمحا إلى أن طالبان اضطروا لإبداء بعض الليونة. وصرح توماس راتينغ الباحث في شبكة "أفغان أناليست نتورك" أن مقاتلي طالبان "لم يعودوا يدمرون أجهزة التلفزيون" لكنهم "يقولون إنه يجب عدم الاستماع إلى الموسيقى بل إلى الخطب والبرامج الدينية". ويرى القيادي السابق في طالبان الملا رؤوف أن المتمردين "لم يعودوا يستطيعون اتباع أسلوب حكم قاس إلى هذا الحد". وقال من منطقة تخضع لسلطة طالبان في ولاية قندهار إن "مثل هذا الحكم لا يوجد مثيل له في العالم". وتقول هيذر بار الباحثة في منظمة "هيومن رايتس ووتش" غير الحكومية إن طالبان تسمح في بعض الأماكن بتعليم البنات "لكن للمرحلة الابتدائية فقط" وفي إطار صارم من عدم الاختلاط بين الجنسين. لكنها ترى أنه من "السخف والخطأ" استنتاج أنهم غيروا مقاربتهم حيال النساء. وقالت إن "عددا كبيرا من الرجال يؤكدون أن اتفاقا مع طالبان سيكون مقبولا بالنسبة للنساء. النساء هن من يعرفن أن كان ذلك مقبولا لديهن أم لا. لكن هل هناك من يصغي إليهن؟". ويرى توماس راتيغ أن "طالبان لم تتخل عن أيديولوجيتها" لكنها تعرف أنها "لم تعد تستطيع الحكم ضد السكان" ويمكن أن تكون منفتحة على بعض التسويات. وتؤكد الحركة أنها لا تريد الحكم بالقوة بل تقاسم السلطة مع أحزاب سياسية أخرى في إطار "نظام إسلامي"، وهو طرح غير واضح. أما الأفغان أنفسهم، فيأملون ألا يقوض اتفاق سلام قد يتم التسرع في إبرامه، الحريات التي يتمتعون بها اليوم ولم يكن من الممكن التفكير بها في عهد طالبان.

مشاركة :