الدوحة - الراية : سلّطت صحيفة «واشنطن بوست» الضوء على معاناة مليون مسلم صيني يتعرّضون للقمع والاعتقال على يد السلطات الصينية، مشيرة إلى أنهم لم يثيروا انتباه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خلال زيارته الأخيرة لبكين. وقالت الصحيفة في مقال للكاتب الأمريكي، فريد هيات، إن ذلك حدث فعلاً «بعد أن كان يعتقد البعض أن ابن سلمان سيصدر منه توبيخ بحق السلطات الصينية على هذه الأفعال؛ لكون السعودية تعوّدت على تقديم نفسها على أنها المدافعة عن العقيدة الإسلامية». ويتابع الكاتب: «وضعت الصين نحو مليون مسلم في معسكرات الاعتقال غربي البلاد، وأرسلت قومية الهان (مجموعة إثنية صينية) للعيش مع أسر مسلمة وتقديم تقرير عن أي شخص يرفض أكل لحم الخنزير أو يرفض حلق لحيته، في محاولة لإعادة برمجة الأطفال بعيداً عن ثقافة وتقاليد الآباء وعقيدتهم». وقال الكاتب: كنت أعتقد أن ابن سلمان، سيكون لديه الكثير ليقوله عندما يلتقي بالرئيس الصيني، أواخر الأسبوع الماضي، كنت أنتظر ما يقوله، لأكتشف أنه لم يكن لديه شيء ليقوله نيابة عن المسلمين الصينيين، بل إنه أصر على أن يدافع عما تسميه الصين جهداً لمحاربة التطرف». ويضيف الكاتب: «نعم هذا ما حدث، والسبب بسيط؛ هو أن الصين دافعت عن حق السعودية في تنظيم عمليات اغتيال معارضيها، ومن ثم يصبح الاعتقال الذي تمارسه الصين حقاً داخلياً، وأيضاً عملية ارتكاب جريمة من قبل السعودية شأن داخلي». يقول الكاتب: «لقد مضى ما يقرب من 5 أشهر على قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في مبنى قنصلية بلاده بإسطنبول، وتقطيعه، ومنذ ذلك الحين لم يتحقق إلا القليل في إطار التحقيق بهذه الجريمة، تغلّفها سلسلة أكاذيب متغيّرة من الحكومة السعودية، رغم أننا نعرف الكثير عن تفاصيل تلك الجريمة». «نحن نعلم أن ولي العهد السعودي، الذي يعد الرجل الثاني بعد والده الملك، أخبر كبار مساعديه قبل عام من الجريمة بأنه سوف يستخدم رصاصة لقتل خاشقجي إذا لم يعد من منفاه ويتوقف عن انتقاد النظام، ونحن نعلم أنه عندما زار خاشقجي القنصلية للحصول على بعض الأوراق طلبوا منه أن يعود في الأسبوع التالي، وفي يوم محدد، أرسلت الرياض طائرتين نقلتا 15 مسؤولاً بينهم مقرّبون من ابن سلمان إلى إسطنبول، من ضمنهم خبير في الطب الشرعي ومعه منشار عظام»، يقول هيات. ويواصل الكاتب الأمريكي تفاصيل جريمة قتل خاشقجي قائلاً: «نحن نعلم أنه عندما دخل خاشقجي القنصلية أمرت المجموعة السعودية القنصل بمغادرة مكتبه، وأنه بفضل التنصّت التركي كُشف أن خاشقجي قُتل ببشاعة (..) عندما حاولت تركيا التحقيق في الجريمة منعت السعودية الشرطة التركية من الدخول للقنصلية حتى تمكّنت من إخفاء أي دليل محتمل». الآن تقول الرياض إنها ستحاكم بعض المسؤولين عن القتل، دون أن تقول للعالم من هؤلاء المسؤولون؟ ولكن من الواضح أنهم سيكونون من الأتباع، ولن يكون الزعماء المسؤولون عن العملية معرّضين للخطر، «وإذا حصل أن أُعدم بعض الأشخاص بتهمة قتل خاشقجي فإن ذلك سيحصل للقضاء على الشهود وليس تحقيق العدالة»، من وجهة نظر الكاتب. ويقول هيات: رغم أن تفاصيل جريمة خاشقجي معروفة، كانت النتائج التي تحققت حتى الآن متواضعة، حيث يرفض الرئيس الأمريكي، ترامب، أن يقدم تقريراً مفصّلاً للكونغرس حول استنتاجات الإدارة الأمريكية في اتهام ابن سلمان بجريمة القتل، ولم يتخذ الكونغرس حتى الآن أي إجراء لمعاقبته على هذه الجريمة، وبالمثل كان الأمين العام للأمم المتحدة خاملاً. وتضيف الصحيفة: مع ذلك، فليس من الصواب ألا يدفع النظام السعودي ثمن هذه الحماقات في الغرب (..) ابن سلمان الذي زار عواصم غربية قبل جريمة خاشقجي كان موضع ترحيب وحفاوة، ولكن الآن باتت الجامعات والمراكز البحثية تحاول الابتعاد عن النظام السعودي، بل إن الكونغرس أعرب عن شكوكه حتى بدافع حرب اليمن والطموحات النووية السعودية». كل تلك الأسباب دفعت ابن سلمان للاتجاه شرقاً؛ فلقد وجد لدى مُنتهكي حقوق الإنسان بالصين حفاوة. وبالمقابل، يقول الكاتب، كانت الحكومة التركية قد كسرت الصمت الرسمي حيال ما يتعرّض له المسلمون في الصين من قمع؛ عندما أعلن متحدث تركي بأنه لم يعد سراً أن أكثر من مليون من المسلمين الصينيين يتعرّضون لاعتقالات تعسفية وللتعذيب وغسل الأدمغة.
مشاركة :