أكَّد مختصون على أنَّ الحاجة تدعو لإنشاء صندوق وطني لدعم الأرامل والمطلقات والأيتام في المملكة، مُرجعين ذلك لاتساع الرقعة الجغرافية للمدن، إلى جانب عدم وجود قاعدة معلوماتية تُحصي أفراد هذه الفئات الثلاث، وكذلك وجود ازدواجية واضحة في عمل الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية التي ترعاهم، إضافةً لوجود العديد من التعقيدات والشروط التي يجب أن تتوفر فيهم، وبالتالي لابُدَّ من توحيد جهود هذه الجهات تحت سقف واحد، موضحين أنَّ الإحصاءات المتوفرة حالياً مبنية على أسس تقريبية، وليس على أسس احترافية علمية، مُشيرين إلى أنَّ هذا الصندوق الوطني من شأنه جمع الخبرات من مختلف الجهات العاملة في المملكة، إلى جانب توحيد سبل الصرف على هذه الفئات، وكذلك تحديد أهم المشكلات التي تعترضها، إضافةً إلى فتح باب الحوار بين الجهات الخيرية في المملكة بما يحقق هدف الدولة في توحيد الجهود. نظرة بعيدة وقال "محمد سالم العقيل" -مستشار أسري-: "إنَّ الصندوق الوطني للمطلقات فكرة ليست جديدة، حيث طرحت هذه الفكرة في الجزائر وقبلها في تونس، مضيفاً أنَّ دمج الصندوق الوطني المختص بدعم المطلقات والأرامل أصبح مهماً جداً بسبب اتساع الرقعة الجغرافية للمدن وعدم وجود قاعدة معلوماتية تحصي الأرامل والمطلقات والأيتام في المملكة، مُشيراً إلى أنَّ الإحصاءات الموجودة اليوم مبنية على أسس تقريبية، وليس على أسس احترافية علمية. وبيَّن أنَّ الموجود الآن وفي الدمج هو جمع الجهات المهتمة في مكان واحد، وذلك من خلال إستراتيجية واضحة في عملية توزيع الأموال، بعيداً عن المحسوبية والاجتهاد الذي تقوده العاطفة الإيمانية لمجتمعنا المحب للخير، موضحاً أنَّ فوائد الصندوق الوطني كثيرة جداً، ومنها ترسيخ منهج النبي صلى الله عليه وسلم في التعاون بين أفراد المجتمع، إلى جانب التصنيف الصحيح لحاجات المجتمع، وكذلك النظرة البعيدة لصلاحه. توحيد الجهود وأضاف "العقيل" أنَّ من فوائد الصندوق الوطني أيضاً، جمع الخبرات من مختلف الجهات العاملة في المملكة، إلى جانب توحيد سبل الصرف على هذه الفئات، وكذلك تحديد أهم المشكلات التي تعترضها، إضافةً إلى فتح باب الحوار بين الجهات الخيرية في المملكة بما يحقق هدف الدولة في توحيد الجهود، موضحاً أنَّ الآلية الصحيحة في التعامل مع هذا الصندوق قد تتضح في قصة المرأة العربية التي رفعت دعوى ضد زوجها الذي لم ينفق عليها وعلى أبنائها. وأوضح أنَّ هذه المرأة قالت أمام القاضي إنَّها لا تريد مالاً من زوجها المُطلِّق، ولكن تريد عدداً من أرغفة الخبز كل اليوم ومقداراً معيناً من اللحم في كل أسبوع وأن يقضي حاجات أبنائه؛ ممَّا أثار دهشة الجميع، مُشيراً إلى أنَّ هذه المرأة جعلت هناك آلية دقيقة اتبعتها بذكاء؛ لأنَّها نظرة للمستقبل والتضخم المستمر، ممَّا جعل المال لا يكفي حاجتها، لافتاً إلى أنَّ فكرة الصندوق بُنيت على هذا الأساس، وهو توفير الحاجات الأساسية للمطلقات والأرامل. وشدَّد على ضرورة دعم هذا الصندوق الوطني بعدد من الروافد، موضحاً أنَّ الموظف يستحق التقاعد بعد خدمته في العمل، وقد يحرم ورثته من التقاعد بعده، مُقترحاً أن تتحول الأموال إلى هذا الصندوق، الأمر الذي سيجعله سبب لتوفير مبالغ جيدة تصرف على المطلقات والأرامل والأيتام، وبالتالي تكون هذه الأموال صدقة جارية له بعد موته. رفاهية المواطن وأشار "عبدالرحمن القراش" -عضو برنامج الأمان الأسري الوطني- إلى أنَّ المواطن يعيش في نعمة الأمن والأمان التي تحلم بها كثير من الأوطان، مُضيفاً أنَّ السياسة التي تتبعها الدولة في كافة شؤونها قائمة على الموازنة بين رفاهية المواطن وحمايته ورعايته، موضحاً أنَّه مع تعاقب الملوك فيها لم تتغير هذه السياسة الرائعة حتى وصلت إلى خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-. واقترح أن يتم علاج فئة عزيزة على قلوبنا، وهنَّ بناتنا المكلومات اللواتي لم يحالفهنَّ الحظ في الزواج فكنَّ عرضة للطلاق أو الترمّل، إلى جانب أبنائنا وبناتنا الأيتام الذين فقدوا والديهم أو من لا أهل لهم، مُضيفاً أنَّ الازدواجية كثرت في عمل الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية التي ترعاهم -على حد تعبيره-، كما ازدادت التعقيدات والشروط التي يجب توفرها فيهم، وبالتالي لابُدَّ من توحيد جهودها تحت سقف واحد. مشروع وطني وأضاف "القراش" أنَّ ذلك يمكن أن يكون من خلال مشروع "وقف" وطني يُستقطع من ميزانية "الشؤون الاجتماعية" السنوية، على أن يُفتح المجال أمام القطاع الخاص لدعم هذا الصندوق، إلى جانب الإفادة من أموال الصدقات والزكاة والدخل وأموال إبراء الذمة، مُضيفاً: "لو قدَّرنا أنَّ ميزانية الوزارة السنوية بين (20 و25) مليار ريال، فإنَّ الصندوق يحتاج إلى خمسة مليارات ريال سنوياً، مُقسَّمة إلى قسمين، هما ثلاثة مليارات ريال من الوزارة، وملياران من القطاع الخاص وأموال الزكاة والصدقات". ولفت إلى أنَّه في حال استمر هذا المشروع لمدة خمس سنوات متتالية بموازنة ثابتة، وكان رأس ماله حوالي (25) مليار ريال من غير الأرباح، فإنَّه عندها سيصبح هناك اكتفاء ذاتي واستغناء عن الدعم الحكومي، وبالتالي يصبح هناك استقلالية في الصرف والاستثمار تحت مظلة الدولة، مُضيفاً أنَّه يمكن تطبيق الفكرة على باقي المستفيدين والمستفيدات من أعمال الوزارة، مُبيِّناً أنَّ آلية التنفيذ يمكن أن تتمَّ عن طريق وضع هذه الأموال في صندوق استثماري سيادي. تقرير سنوي وأوضح "القراش" أنَّ ذلك يمكن أن يكون في العقار التجاري أو نحوه من حقائب الاستثمار ذات المردود الجيد، على أن يكون باسم الوقف الوطني للمطلقات والأرامل والأيتام، ويُختصر إلى الوقف الوطني "داعم"، مُضيفاً أنَّه لابُدَّ أن يتولى المشروع عدد من الاقتصاديين، على أن تُرشحهم الوزارة لإدارته بإشرافها، مُشيراً إلى أنَّه لابُدَّ أن يرفع تقرير سنوي للمقام السامي عن النجاحات التي تمَّ تحقيقها والعقبات التي تتطلب تذليلها. واقترح أن يتم صرف أرباح الصندوق بشكل شهري، وذلك على شكل رواتب شهرية لكل يتيم ومطلقة وأرملة، بحيث لا تقل عن (3000) ريال، بشرط ألاَّ يكون المستفيد على رأس عمل، إلى جانب فتح مشروعات استثمارية على شكل قرض حسن لمدة طويلة، وذلك لمن لديه قدرة على ممارسة العمل الميداني التجاري، وكذلك التأمين الطبي الشامل لكل يتيم ومطلقة وأرملة، إضافةً إلى تسديد إيجار السكن وفواتير الكهرباء والهاتف المنزلي والماء. عمل مؤسسي وبيَّن "القراش" أنَّ ذلك لابُدَّ أن يكون عن كل منزل أو شقة يسكن بها أيتام لا عائل لهم أو مطلقة تسكن بمفردها مع أبنائها أو أرملة تسكن بمفردها مع أبنائها، إلى جانب التكفّل برسوم الدراسة في المعاهد والجامعات، سواءً داخلياً أو خارجياً لمن يرغب في ذلك من الحالات السابقة، وكذلك بناء مساكن خيرية من فائض أرباح الصندوق، على أن تُوزَّع على الفئات الثلاث، موضحاً أنَّ مُخرجات المشروع تكمن في توحيد جهود عمل الضمان والجمعيات الخيرية المُدرجة تحت عمل الوزارة. وأكَّد أنَّ هذا المشروع سيُمثِّل رافداً جيداً تتضامن فيه الدولة والقطاع الخاص والميسورين من أبناء الوطن بعمل اقتصادي مؤسسي لا يكون فيه إرهاق لميزانية الوزارة سنوياً، مُضيفاً أنَّ الوزارة ستتفرَّغ بعد ذلك للمشروعات الأخرى من البناء والعمار الوطني ومتابعة أعمال الصندوق أولاً بأول، كما أنَّه سيكون فيه حفظ ورعاية تامة للمرأة المطلقة والأرملة من الحاجة وطلب العون من الآخرين، وسيكون فيه أيضاً متابعة للأيتام، بعيداً عن "البيروقراطية" الإدارية. تفكك أسري وأشارت "نعيمة الزامل" -رئيسة جمعية ود الخيرية للتكافل والتنمية الأسرية- إلى أنَّ "وزارة الشؤون الاجتماعية" تؤدي دوراً كبيراً ومهماً من خلال المساهمة في الحلول المناسبة التي تصب لصالح شريحة من المجتمع، وهم الأرامل والمطلقات والأيتام، وذلك من خلال إنشاء العديد من المشروعات الخيرية التي تعود بالخير عليهم، عن طريق قنوات سخرت لدعمهم في دفع العجلة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وشدَّدت على ضرورة إنشاء مثل هذه الصناديق الوطنية، لمساعدتهم من التفكك الأسري الذي يحدث بأسباب الطلاق أو وفاة المعيل القائم عليهم، مُضيفةً أنَّ هذا الصندوق سيساهم بشكل كبير في حصر الحاجة والعوز لهذه الشريحة التي تعد مهمة في وضعها ضمن دائرة المشمولين برعاية كريمة من الدولة، وذلك في إطار اقتصادي ينفذ من خلال مسح شامل لهذه الفئة من المجتمع، وبذلك يتحقق ما ترمي إليه الوزارة من إنشاء هذه الصناديق الخيرية. أعباء مالية وأكدت "نعيمة الزامل" على أنَّ هذا المشروع سيساهم في التخفيف على "وزارة الشؤون الاجتماعية" وسيعينها على تحمّل الأعباء المالية التي تثقل كاهلها، حيث ستكمن أهمية هذا الصندوق في استثمار الموارد المالية في الصرف على المشروعات وزيادة أعداد الأسر المستفيدة وتنمية دائرة البحث والدراسات، لافتةً إلى انَّ هذا المشروع عندما يُنفذ بشكل عملي تحت إشراف مسؤولين متخصصين من عدة قطاعات وجمعيات خاصة بهذه الفئات، فإنَّه سيخرج بمخرجات تخدمهم وتثمر بعطاءات لا محدودة وحلول مشتركة يستفيد منها المجتمع.
مشاركة :