بيت من ثلاثة أبيات سارت على كل إنسان ورددتها الأجيال من ألف وخمسمائة عام، وكأنها حكم نافذ مميز على المرأة، والواقع أنها من أفسد الأحكام وأكثرها ظلماً للمرأة وإن أعطاها التكرار وسيرورتها كالأمثال تصديقاً عفوياً لا يستند إلى حقيقة، تلك هي أبيات الشاعر الجاهلي عبدة بن الطبيب: (فإن تسألوني بالنساء فإنني خبير بأدواءِ النساء طبيبُ إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله فليس له في ودهنّ نصيبُ يردنَ ثراء المال حيث علمنه وشرخُ الشباب عندهنّ عجيبُ) * ومصدر الكذب والبهتان في هذه الأحكام هو أن الشاعر خصّ بذلك النساء دون الرجال وهو أمر تكذبه الوقائع وطبائع الناس.. من قال إن الرجال لا يريدون ثراء المال من حيث علموا؟! بل إن كثيراً من الرجال يريدون ثراء المال بالحلال أو الحرام! وكثير منهم من عبدة المال! ومن قال إن الرجال لا يعجبون بشباب النساء أيما إعجاب؟! هل هم يعجبون بالعجائز؟! بل إن المرأة هنا أكثر حناناً ورقة والرجل أكثر جفاءً وغلظة في الغالب العام.. فكثير من النساء يزداد حب الواحدة منهن لرجلها إذا كبر وشاب وتحفظ له أجمل الذكريات وتريد أن يكون سعيداً طالما كان يحترمها بعكس الكثير من الرجال الذين ما إن يتقدم العمر بامرأته حتى يهملها ويتبرم منها وربما يتزوج عليها إذا ملك القدرة.. بل كثيراً ما تزوج الرجال ثانية وثالثة وعندهم نساء شابات جميلات!.. وفي كل عصر - وعصرنا خاصة- نجد كثيرين تزوجوا نساء لمجرد الطمع في مالهن أو مرتبهن دون قناعة ولا حب!.. بل إن بعض اللؤماء لا يبتسم لامرأته ويريها بعض المودة إلا حين تستلم الراتب! * الشاهد أن حب المال والشباب فطرة في الرجال والنساء وليس حكراً على النساء كما زعم الشاعر.. بل إن النساء أكثر مودة وتضحية ووفاء.
مشاركة :